عبد المطلب هادئا أمام المحكمة: «لست مذنبا»

جلسة استغرقت أربع دقائق.. ومتظاهرون مسلمون يدينون الإرهاب

مسلمون أميركيون يتظاهرون أمام محكمة ديترويت الفيدرالية قبل مثول النيجيري عمر عبد المطلب المتهم بالإرهاب، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مثل النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب أمام المحكمة، ولأول مرة يظهر أول من أمس بتوقيت ديترويت في الولايات المتحدة، ولمدة أربع دقائق فقط.

كان يرتدي لباسا عاديا مع قميص أبيض، ورجلاه مقيدتان، وشعر رأسه محلوق.

كان هادئا، ولم يتكلم عندما أجابت محاميته، مريام سيفر، بالنيابة عنه، وبالنيابة عن فريق من المحامين والمحاميات، عن سؤال من القاضي: «هل أنت مذنب - حسب قائمة الاتهامات التي تلاها القاضي - أم لست مذنبا؟»، وكانت الإجابة سريعة ومقتضبة: «لست مذنبا».

لكن، قبل ذلك، أجاب عبد المطلب إجابات قصيرة عن أسئلة تقليدية سريعة من القاضي مارك راندوم، قاضي المحكمة الفيدرالية لشرق ولاية ميشيغان.

سأله عن اسمه الكامل، وعن خلفيته، وعما إذا كان يفهم الاتهامات التي وجهت إليه، فأجاب عن السؤال الأخير في هدوء: «نعم يا سيدي». وأجاب عن سؤال إذا كان يتناول أدوية، في هدوء أيضا: «بعض الأدوية المضادة للألم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية».

ولاحظت مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز»، التي حضرت إلى المحكمة، أن عبد المطلب كان يسأل محاميه ومحاميته مريام سيفر، من وقت إلى آخر أسئلة قصيرة، وكان هادئا كل الوقت، ولم تبد عليه آثار الحريق الذي كان قد اشتعل في جزء من جسمه عندما حاول تفجير مواد كيماوية كان يحملها معه في طائرة من أمستردام إلى ديترويت يوم الكريسماس.

في نهاية الجلسة، سأل القاضي مارك راندوم إذا كان عبد المطلب يقدر على تقديم ما يثبت أن في الإمكان إطلاق سراحه بكفالة مالية؛ وهذا إجراء قضائي يعطي المتهم حق طلب جلسة خاصة للنظر في إمكان إطلاق سراحه، وهو حق من حقوق أي متهم، غير أنه يستعمل عادة في حالات الجرائم المدنية، أو جرائم ضد أشخاص لا يخشى هروبهم أو ارتكابهم جرائم أخرى.

لكن، في حالة عبد المطلب، كان من الواضح استحالة السماح بإطلاق سراحه. لهذا، ومرة أخرى بالنيابة عنه وبالنيابة عن فريق المحامين والمحاميات، قالت مريام سيفر للقاضي: «لا يا سيدي».

وكان معنى هذا أن عبد المطلب سيعاد إلى السجن الفيدرالي في ميلان، في ولاية ميشيغان، وعلى مسافة قريبة من ديترويت.

ونقلت «نيويورك تايمز» على لسان هبة عارف، 27 سنة، محامية أميركية عربية تعمل في الكويت، وكانت في الطائرة التي حاول عبد المطلب تفجيرها، والتي جلست مع بعض أفراد عائلتها في مقعد أمامي داخل المحكمة: «جئت لأشاهد هذا الرجل الذي غير حياتي، وغير طريقة الحياة في الولايات المتحدة». وأضافت: «جئت لأرى هذا الرجل. وعندما رأيته، أحسست بمغص في معدتي». وعندما سئلت عن العقوبة التي تريدها لعبد المطلب، أجابت بعد بعض التردد: «أقصى عقوبة».

وكان إيريك هولدر، وزير العدل، قد قال إن المدعين الفدراليين التابعين للوزارة، والذين سيقدمون الاتهامات ضد عبد المطلب، سيطلبون الحكم عليه بالسجن مدى الحياة وأضاف الوزير أن عبد المطلب قدم معلومات «مهمة» للمحققين عن تنظيم «القاعدة في الجزيرة العربية»، الذي يعتقد أنه دربه وزوده بالمتفجرات، وخطط لسفره على الطائرة الأميركية.

وأيضا، حضر الجلسة محمود كازوري ومريم عويس، محام ومحامية من نيجيريا، جاءا مع بعض أفراد عائلة عبد المطلب.

وبينما كانت قاعة المحكمة هادئة، كان خارجها صاخبا، حيث احتشد صحافيون ومصورو كاميرات، وفضوليون، ومتظاهرون.

كان هناك مسلمون حملوا لافتات قال بعضها: «نحن أميركيون»، و«ليس باسم الإسلام»، و«الإسلام ضد الإرهاب». وقال محسن صادق، 40 سنة، يمني هاجر قبل عشر سنوات إلى الولايات المتحدة، لصحيفة «نيويورك تايمز»: «ليس عبد المطلب مسلما. أنا أريد السلام والحرية في أي مكان، ولا أريد الإرهابيين في أي مكان. أميركا هي وطني، وأنا أحب أميركا».

وكان هناك رزاق إبراهيم، 39 سنة، الذي هاجر قبل اثنتي عشرة سنة من نيجيريا، ورفع لافتة قالت: «لا ينعكس عمل نيجيري واحد على كل النيجيريين»، وقال: «هذا العمل ضد قيمنا الأخلاقية ومثلنا. نحن نحس بالخيانة والخجل».

وقد أوفدت صحيفة «ديترويت نيوز» مراسلا إلى خارج المحكمة ليسأل المتظاهرين، وقال له مجيد مغني، مهاجر من لبنان: «آمل أن تكون هذه المحاكمة فرصة لتأسيس (حركة) للمسلمين في أميركا ليكونوا (أعلى صوتا ضد المتطرفين الإسلاميين)». وأضاف: «لن نسمح لهؤلاء بخطف ديننا. منذ هجوم 11 سبتمبر (أيلول) ونحن نحاول تحسين صورتنا في أميركا. لكن، تأتي هذه المحاولة هنا في ديترويت، حيث أكبر تجمع للمسلمين في أميركا الشمالية».

وقال رمنغوس أوبي، مهاجر من نيجيريا: «أنا هنا لأعلن أن النيجيريين لا يؤيدون الإرهاب. ليس الإرهاب جزءا من ثقافة نيجيريا. نحن نحب أميركا.. نحن نحب الحياة». وكان يحمل لافتة عليها: «نيجيريا تدين الإرهاب. نيجيريا تتبرأ من عبد المطلب. نيجيريا تقول لأميركا وللعالم إنها آسفة».

وقالت هبة عارف، المحامية الأميركية العربية نفسها، لصحيفة «ديترويت نيوز»: «أتمنى لو أنه (عبد المطلب) درس الإسلام، وعرف ما هو معناه الحقيقي». صباح نفس يوم ظهور عبد المطلب في المحكمة، عقد عدد من القادة المسلمين في ديترويت مؤتمرا صحافيا. وقال فكتور بيغ، رئيس تحالف المنظمات الإسلامية في ولاية ميشيغان: «تحس الجالية الإسلامية في ولاية ميشيغان بالغضب لما حدث يوم الكريسماس، لأن هذا الرجل (عبد المطلب) حاول أن ينسف طائرة باسم ديننا وفي دارنا (في ديترويت حيث أكبر جالية مسلمة في أميركا)». وقال عدد من الأئمة في المؤتمر الصحافي إنهم قلقون على قدرة الشرطة الأميركية على المحافظة على حقوق المواطن، بينما تخطط لإجراءات جديدة لمواجهة الإرهاب.

ومن رئاسته في واشنطن، ويوم الجمعة، أرسل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية «كير» خطابا إلى الرئيس باراك أوباما أعرب فيه عن قلقه، لأن الإجراءات الأمنية ربما ستستهدف كل مسلمة تضع حجابا أو غطاء رأس.

وفي واشنطن أيضا يوم الجمعة، اجتمع قادة مسلمون مع جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن، وعبروا لها عن قلقهم أن الإجراءات الأمنية الجديدة في المطارات تستهدف المسلمين والمسلمات.

وأمس قالت وكالة الصحافة الفرنسية، اعتمادا على معلومات استخباراتية، إن عبد المطلب اعترف بأن تنظيم «القاعدة في الجزيرة العربية» هو الذي دربه، وأنه درب عشرين آخرين للقيام بعمليات انتحارية مثل التي حاول القيام بها.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست»، على لسان خبير قانوني، إنه على الرغم من قول عبد المطلب إنه غير مذنب، فيعتقد أن الأدلة ضده قوية جدا، وأن المحامين «بسبب كل هذه الأدلة، لن يقدروا على مناورات قضائية». وأنهم ربما سيطلبون إلى القاضي اعتبار عبد المطلب مريضا بمرض عقلي، وبالتالي، على المحكمة أن تعين طبيب أمراض عقلية للكشف عليه، وتقديم النتيجة إلى المحكمة. وقالت الصحيفة إن عبد المطلب يواجه حكما بالسجن مدى الحياة لأنه «حاول استخدام سلاح من أسلحة الدمار الشامل». ونشرت صحيفة «ديترويت نيوز» أن عبد المطلب، إذا أدين، سيحاكم بالسجن مدى الحياة. ثم بالسجن تسعين سنة. وفصّلت ذلك بالقول إنه سيحاكم بالسجن مدى الحياة للتهمة الأولى ضده، وهي «محاولة استعمال سلاح من أسلحة الدمار الشامل»، ثم عشرين سنة بالنسبة لكل من التهمة الثانية: «محاولة قتل داخل طائرة»، والتهمة الثالثة: «محاولة تدمير طائرة»، والتهمة الرابعة: «وضع متفجرات داخل طائرة»، والتهمة الخامسة: «امتلاك مواد متفجرة بنية تفجيرها».