وزير خارجية ألمانيا: على إيران قبول اليد الممدودة.. وللصبر حدود

الأمير سعود الفيصل: نتطلع إلى أن تستجيب طهران لجهود «5+1» لإزالة الشكوك والمخاوف الإقليمية من برنامجها النووي

وزير الخارجية السعودي ونظيره الألماني خلال المؤتمر الصحافي في الرياض أمس (واس)
TT

حذر وزير الخارجية الألماني في أعقاب لقائه نظيره السعودي في الرياض أمس، من مغبة نفاد صبر دول «5+1» على إيران، إذا لم ترد إيجابيا على العروض الخاصة ببرنامجها النووي، التي قدمتها لها هذه المجموعة خلال الأشهر الماضية.

وأكد وزير خارجية ألمانيا فيستر فيلي، أن دول «5+1»، ألمانيا عضو فيها، لن تسمح لطهران بالتسلح النووي، مناشدا القيادة الإيرانية بأن ترد إيجابيا على اليد الممدودة لها، وإلا فالعقوبات في انتظارها.

وأبدت السعودية، على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل، دعمها للجهود المبذولة من مجموعة الدول الكبرى التي تسعى لحل الأزمة النووية الإيرانية بالوسائل السلمية. وأبدى الفيصل تطلع بلاده إلى أن تستجيب طهران لجهود المجموعة الدولية، لإزالة الشكوك والمخاوف الإقليمية من برنامجها النووي.

ووصل وزير الخارجية الألماني إلى الرياض، أول من أمس، في أول زيارة له إلى السعودية منذ تسلمه منصبه في الحكومة، التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

واستعرض الفيصل ونظيره الألماني في جلسة مباحثات عقدت في مقر الخارجية السعودية أمس، أزمة الملف النووي الإيراني في إطار جهود مجموعة «5+1»، التي تشارك ألمانيا في عضويتها.

ورحبت السعودية، على لسان الفيصل، بجهود المجموعة الرامية إلى حل الملف النووي الإيراني، بالحوار وعبر الطرق السلمية، متطلعة إلى «استجابة إيران لها، خاصة أنها تكفل حق إيران ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة وفق إجراءات ومعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتفاقات الدولية المنظمة لها».

وقال وزير الخارجية السعودي إن «من شأن تعاون إيران مع جهود المجموعة الدولية إزالة الشكوك والمخاوف الإقليمية والدولية حيال برنامجها النووي».

واعتبر سعود الفيصل، أن أي استجابة من قبل إيران لأن تكون ضمن منظومة الوكالة الدولية، وعدم تركها الشكوك الموجودة حول استمرارها في محاولات صنع الأسلحة النووية، «سيكون خطوة إيجابية في طريق الاستقرار في المنطقة».

وأبدى الفيصل سعادته بأن المفاوضات الحالية لمجموعة «5+1»، تذهب لناحية الحل السلمي. وقال: «نحن نؤمن في الوقت نفسه أن مشكلة انتشار السلاح النووي كانت بسبب التغاضي عن إنتاج إسرائيل للسلاح النووي، وطالما بقي هذا الخيار موجودا ستستمر المخاطر في انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وسياستنا هي المضي في منع هذا السلاح في المنطقة».

وجدد الوزير السعودي، التأكيد على موقف بلاده، الداعي إلى أهمية تكثيف الجهود الرامية إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط والخليج من أسلحة الدمار الشامل، خاصة الأسلحة النووية، بما في ذلك البرنامج النووي الإسرائيلي، الأمر الذي قال الفيصل إن من شأنه «توفير الأمن والسلام لجميع دول المنطقة، ولا يجعل هناك مبررا لانتشار الأسلحة النووية فيها».

من جانبه، أوضح فيستر فيلي، وزير خارجية ألمانيا، أن «لا أحد يريد منع إيران من الاستفادة من الطاقة النووية بالطريقة السلمية، لكن عليها الكشف عن برنامجها النووي من دون شروط. لقد عرضنا على إيران عروض بنائه من دون رد حتى الآن. الكرة في ملعب إيران، ولقد أوضحنا لها أن صبرنا له حدود».

ونبه الوزير الألماني، إلى إمكانية أن يعمد المجتمع الدولي وشركاؤه إلى توسيع العقوبات على إيران، في حال عدم استجابتها للعروض المقدمة إليها.

وسيطرت الأوضاع في كل من اليمن وأفغانستان، على المباحثات السعودية الألمانية التي جرت في الرياض أمس، فيما جاء البحث في عملية السلام على رأس جدول أعمال المباحثات، التي وصفها الفيصل بـ«البناءة والإيجابية».

وأفاد وزير الخارجية السعودية، بأن عملية السلام كانت على رأس موضوعات البحث مع نظيره الألماني، خاصة في ظل الجمود الذي تشهده والتحركات الإقليمية والدولية لإعادة إحيائها وأهمية الدفع بالجهود نحو التسوية العادلة والشاملة للنزاع المفضية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة في إطار حل الدولتين المستقلتين.

وأشار الفيصل إلى موقف ألمانيا والاتحاد الأوروبي بالتأكيد على عدم مشروعية سياسة الاستيطان الإسرائيلية وما تشكله من عقبة رئيسية أمام استئناف عملية السلام.

وأضاف: «نتطلع بدورنا إلى أن يستتبع ذلك خطوات عملية لترجمة هذا الموقف لمصلحة السلام، خاصة أن تجميد المستوطنات يعد أحد الالتزامات الرئيسية للعملية السلمية، وليس شرطا فلسطينيا لاستئناف المفاوضات كما تحاول إسرائيل الترويج له، كما أننا نرى في الموقف الأوروبي المؤكد للحق الفلسطيني في مدينة القدس الشريف خطوة مهمة في سياق التعامل مع الحقوق الفلسطينية المشروعة والتركيز على القضايا الجوهرية للنزاع، وهو ما أكدت عليه مبادرة السلام العربية».

بدوره، أكد فيستر فيلي أن الحكومة الألمانية على يقين بأن التزامات خطة خارطة الطريق «تعتبر هي الأساس لتحريك عملية السلام وتجميد الاستيطان». وقال: «ولذلك نحتاج إلى التقدم في هذه المسائل. إذا أردنا أن نتوصل إلى حل كامل وشامل فليس هذا موقف الحكومة الألمانية بمفردها، إنما هذا موقف الاتحاد الأوروبي».

وعلق على مبادرة السلام العربية، قائلا: «بالنسبة لمبادرة السلام العربية ولأسباب راهنة، أنا مطلع على ذلك تماما، ولكن لا أود أن أقوم بتقييم شامل وكامل عن ذلك بعد تلك الفترة الوجيزة، ولكن سنتناول هذه القضية بشكل معمق لأن لدينا مصلحة كبيرة بأن تعود عملية السلام وأن تتم إزالة العوائق القائمة المحتملة أمام هذه الجهود، وهذا أحد أهم أسباب رحلتي للمنطقة من أجل أن أحصل على المعلومات بشكل مباشر، بما في ذلك طريقة تفكير العالم العربي».

وحول الموضوع اليمني، اتفق الفيصل وفيستر، على أهمية دعم الشرعية اليمنية للوصول إلى الاستقرار. وأكد الجانبان على أن استقرار ذلك البلد هو «أولوية» بالنسبة لهما.

في سياق ذلك، قال الأمير الفيصل إن اليمن في هذه الفترة «أحوج ما يحتاج إليه هو السعي لإنهاء القتال واستقرار الأوضاع مع التأكد من عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن من أي طرف من الأطراف».

وأوضح أن مباحثاته مع نظيره الألماني، تناولت الوضع في اليمن. وأكد دعم الجانبين لأمن اليمن واستقراره ونمائه والحفاظ على وحدته الوطنية وسلامة أراضية والنأي به عن أي تدخل يمس سيادته واستقلاله.

وأوضح الوزير الألماني أن لديهم اهتماما كبيرا بأن يكون اليمن مستقرا وألا يكون ملاذا للإرهابيين، كاشفا عن نية ألمانيا، على اعتبارها أكبر مانح من الجانب الأوروبي، بدعم الاستقرار في اليمن.

وقال: «لدينا الاستعداد للتحدث في هذا الموضوع على هامش مؤتمر لندن القادم»، مؤكدا أن «الأهم في هذه المرحلة تعزيز البنى وتقوية المؤسسات الحكومية لمساعدتها من أجل مكافحة المجرمين والإرهابيين». وحذر من أن عدم استقرار اليمن، يعني انتفاء الاستقرار في المنطقة بأكملها.

وفي الموضوع الأفغاني، قال وزير الخارجية السعودي، إن البحث «تناول وجهات نظر البلدين (السعودية وألمانيا) المتطابقة حيال أهمية أن تواكب الجهود العسكرية جهود مدنية موازية تهدف إلى بناء الدولة ومؤسساتها وبنيتها التحتية وتعالج الأوضاع الإنسانية للشعب الأفغاني مما يدعم جهود مكافحة الإرهاب من جانب؛ ومن جانب آخر يدعم جهود استقرار أفغانستان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مع تأكيد المملكة على أهمية السعي دائما إلى تحقيق المصالحة بين فئات الشعب الأفغاني والحفاظ على وحدته الوطنية لدعم هذه الجهود».

وحول المساهمة السعودية المرتقبة في مؤتمر لندن حول أفغانستان، قال سعود الفيصل إن «مؤتمر لندن سيقيم الأوضاع هناك ويبحث السبل لتطوير المساعدات لأفغانستان». وأضاف: «لدينا الصندوق السعودي للاستثمار، وهو قائم منذ سنين، وهناك عدة مشاريع قامت المملكة بتمويلها، وستستمر في التعاون مع أفغانستان لتطوير البنية التحتية للبلاد والنظر في القضايا الإنسانية والاحتياجات في هذا الإطار وهي كبيرة جدا».

ومقابل ذلك، رحب وزير الخارجية الألماني بالمساهمة السعودية المدنية في أفغانستان. وأكد على أهمية تحسين الأوضاع المعيشية في ذلك البلد.

وشملت المباحثات السعودية الألمانية في الرياض، الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وأهمية تكثيفها خاصة في مجال تبادل المعلومات.

وتسعى ألمانيا نحو تخفيف شروط لمنح التأشيرات للسعوديين الراغبين في زيارتها. وقال وزير خارجيتها «لقد أوضحت للأمير سعود الفيصل أن سفارة ألمانيا لدى المملكة تنوي تكثيف العمل في القنصلية والتخفيف من الشروط التي تقف في وجه منح التأشيرة في بعض الأحيان».

في المقابل، قال الأمير سعود الفيصل إن ما سمعه من نظيره الألماني حول عزم بلاده النظر في إمكانية تسهيل إجراءات منح التأشيرات للمواطنين من شأنه «توثيق وتعزيز أطر التعاون المشترك في هذه المجالات».

وحول مسألة حقوق الإنسان في السعودية، أشار وزير الخارجية الألماني إلى أنه تحدث مع الأمير سعود الفيصل بإسهاب حول هذا الموضوع وصولا لمسألة التعدد الديني، لافتا إلى أن الرياض تعلم بأن الاتحاد الأوروبي لديه موقف محدد من عقوبة الإعدام وأنه يجب إلغاؤها في أنحاء العالم كافة.

ورد الفيصل على ذلك بقوله إن مباحثاته مع نظيره الألماني، «شملت اختلاف المعايير بين الدول، وأن العالم يحتاج إلى فجوة من التوافق على الاختلاف، خاصة أن هذا الاختلاف يرتكز على القيم، التي تختلف بعضها عن بعض، ولقد توصلنا إلى قناعة واحدة بأن هذه الأمور لا يمكن أن تفرض من هنا أو هناك على أحد، وأن التطوير أو التغيير لا يأتي إلا بالإقناع والاقتناع، وهذان ينبعان من الداخل وليس من الخارج، وهذا ما نسعى إليه، فالمملكة تتحرك بإجماع مواطنيها، خاصة حول الأمور التي تتعلق بقضايا مثل قضية حقوق الإنسان».