ميتشل في باريس: ملتزمون باتفاقات سلام لا تنحصر بالملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي

فرنسا طرحت مجددا فكرة مؤتمر السلام

TT

لم يكشف المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط السيناتور السابق جورج ميتشل عن «خطة أميركية» لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للعودة إلى طاولة المفاوضات في باريس، وهي محطته الأولى من الجولة الجديدة التي ستقوده اليوم إلى بروكسل وبعدها إلى منطقة الشرق الأوسط، وقد اكتفى ميتشل بطرح أفكار، أهمها - وفق ما قالت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» - كيفية العمل على إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

وقالت هذه المصادر إن ميتشل ركز في حديثه إلى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي استضافه إلى مأدبة غداء دامت ساعة واحدة على أهمية أن «يعمل العرب معنا يدا بيد وأن لا يتركونا وحدنا كما فعلوا في الخريف الماضي»، في إشارة إلى ما طُرح وقتها عن فكرة التطبيع الجزئي والتدريجي مع إسرائيل مقابل وقف الأخيرة عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، كذلك طالب ميتشل الجانب الفلسطيني بأن «يتوقف عن المطالبات وفرض الشروط الجديدة» عندما تبدأ العملية السلمية معتبرا في الوقت نفسه أن إسرائيل «اجتازت نصف المسافة» في تلميح لـ«التنازلات غير المسبوقة» التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عندما أعلن عن تجميد جزئي للاستيطان لعشرة أشهر، وهو ما استدعى ملاحظة من كوشنير حول استمرار العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوزير الفرنسي طرح على ميتشل مجددا مشروع قمة للسلام تعقد في باريس في إطار الرباعية الموسعة، غير أن المبعوث الأميركي رد بما معناه «لِمَ لا؟ ولكن في الوقت المناسب»، وإزاء عدم تحقيق تقدم ما في مساعي معاودة المفاوضات، دعا ميتشل إلى الصبر معتبرا أن التقدم «يحتاج إلى وقت طويل»، وهذا يختلف عما أعلنه قبل أيام من إمكانية التوصل إلى حل خلال عامين، كذلك لم يتناول ميتشل موضوع رسالة الضمانات بالتفصيل بل جاءت في إطار الحديث عن «الحوافز» التي يمكن تسخيرها للعودة إلى المفاوضات.

وفي إعلان مكتوب قرأه للصحافة عقب الاجتماع، أشار ميتشل إلى «الالتزام الشخصي» للرئيس أوباما وللوزيرة هيلاري كلينتون للتوصل إلى اتفاقات سلام لا تنحصر في الملف الفلسطيني - الإسرائيلي بل تتناول أيضا الملفين السوري - الإسرائيلي، واللبناني - الإسرائيلي كما يشمل تطبيع العلاقات «بين إسرائيل والعالم العربي» وشدد المبعوث الرئاسي على أن واشنطن تعمل مع كل الأطراف للعودة إلى المفاوضات في أقرب وقت «وفق برنامج زمني محدد» تضمن نجاح المفاوضات، ودعا ميتشل الجميع إلى دعم جهود السلام.

وفي لفتة خاصة إلى فرنسا، أشار ميتشل إلى أن باريس يمكنها أن تسهم في السلام.

وينعقد اليوم في بروكسل اجتماع يضم الوزير كوشنير ونظيريه الإسباني والنرويجي وجورج ميتشل ومبعوث الرباعية توني بلير ورئيسة الدبلوماسية الأوروبية الجديدة كاترين أشتون لتقييم الوضع في الشرق الأوسط، لكن لم يلحظ مشاركة ممثل عن روسيا وآخر عن الأمم المتحدة وفق ما صدر عن مكتب أشتون، وبحسب كوشنير، فإن الاجتماع يندرج في إطار لجنة المتابعة لمؤتمر باريس الذي انعقد نهاية العام 2007 في العاصمة الفرنسية.

وقال الوزير الفرنسي إن الأمور تتقدم غير أنه لم يظهر أنه مقتنع تماما بما يقوله، وحرص كوشنير على التأكيد أن فرنسا والاتحاد الأوروبي يدعمان الجهود الأميركية.

وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن التأكيد على وحدة الجهود الفرنسية والأوروبية والأميركية مجددا كان مهما لتحقيق الهدف نفسه الذي هو استئناف المفاوضات، وأضافت أن باريس أبلغت ميتشل أنها جاهزة لاستضافة مؤتمر دولي للسلام «إذا رأت الأطراف المعنية أنه سيكون مفيدا لتحقيق دينامية» تقود إلى المفاوضات، وأشارت المصادر أن كوشنير شدد على أهمية استئناف المفاوضات «على كل المحاور»، وترى باريس أنه يتعين على الجميع مساعدة الرئيس الأميركي وتشجيعه من أجل أن تبقى واشنطن فاعلة وملتزمة في ملف الشرق الأوسط.

وتتخوف مصادر دبلوماسية في باريس من «تراجع» أوباما عن الانخراط كليا في دفع الطرفين إلى البحث عن حل وتقديم التصورات له، خصوصا أن ثمة تيارا داخل الإدارة الأميركية «يحذره» من المخاطرة كثيرا لأن الطرفين «غير ناضجين» للحل ولأن الرئيس الأميركي سيدفع ثمنا سياسيا باهظا إذا فشلت الجهود الأميركية.