مصادر إسرائيلية تتوقع رد الإهانة من تركيا بأقسى منها

بعد استدعاء سفيرها ومحاولة إهانته أمام الصحافيين برفض نائب وزير الخارجية مصافحته

نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايلون (يسار) يجلس على مقعد اعلى مستوى من مقعد يجلس عليه السفير التركي في تل ابيب احمد تشيليكول، بهدف الاهانة (أ ف ب)
TT

توقعت مصادر إسرائيلية رسمية أن ترد الحكومة التركية على الإهانة التي وجهها نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيلون إلى السفير التركي في تل أبيب أحمد أرغوز - تشليكول، بإهانة أكبر وأقسى. ورأت هذه المصادر أن التصرف الإسرائيلي «الوقح» يدفع بالعلاقات مع تركيا إلى حضيض لم يسبق له مثيل.

وكان أيلون قد تعمد إهانة السفير التركي، عندما دعاه إلى جلسة في مكتبه في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ودعا الصحافيين ليشهدوا على هذه الإهانة. وحدد موضوع الجلسة على أنه الاحتجاج الإسرائيلي على مسلسل فني في إحدى قنوات التلفزيون التركي المستقلة، الذي يظهر فيه رجل مافيا يهودي يخطف طفلا ويقتل بعض أفراد عائلته.

وحاول موظفو الكنيست جلب الماء والمرطبات للضيف، ولكن أيلون أمرهم بإخراج كل شيء ولم يقدم أي ضيافة. وعلى عكس الأصول الدبلوماسية، وضع علم إسرائيل وحده ولم يضع العلم التركي في الغرفة. وأبقى للضيف مقعدا منخفضا بشكل خاص، ليجلس أيلون على مقعد عال في مواجهته وينظر إليه من عل. وراح يوبخه على هذا المسلسل قائلا إنه يندرج في سلسلة إساءات تركية لإسرائيل ولليهود، وإن إسرائيل لم تعد تحتمل هذا، وتحتج عليه بشدة. وحاول السفير التركي أن يشرح لنائب الوزير الإسرائيلي وكبار موظفي مكتبه أنه مجرد عمل فني، وأن هذا المسلسل معروف منذ أكثر من 15 سنة في تركيا، يظهر مخرجه فيه العديد من الشخصيات السلبية من مختلف القوميات في العالم فظهر فيه رجال مافيا من إيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا في الماضي. وفقط في السنة الماضية خُصص للمافيا التركية. ولذلك فإن وضع يهودي فيه ليس مقصودا للمساس بإسرائيل واليهود، وأنه في نهاية المطاف عمل فني لا يمثل الحكومة التركية وسياستها.

لكن أيلون رفض هذا التفسير، وأنهى اللقاء بغضب وفظاظة، ورفض أن يصافح السفير، وخرج إلى الصحافيين قائلا: «أرجو أن تكونوا قد انتبهتم إلى تصرفاتي، فقد تعمدت أن لا أقدم للضيف شيئا وأن لا أصافحه وأن أجلس على ارتفاع بارز عنه».

وأثار هذا التصرف على الفور موجة انتقادات واسعة في إسرائيل، ونقل على لسان موظفين كبار في الخارجية الإسرائيلية قولهم إن أيلون تصرف على نحو غير دبلوماسي سيكلف إسرائيل ثمنا باهظا جدا، وأن تركيا لن تمر على هذا التصرف دون أن توجه إهانة أكبر إلى إسرائيل وممثليها. وهاجم هذا التصرفَ وزيرُ التجارة والصناعة بنيامين بن إليعيزر، الذي كان قد زار تركيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي محاولا إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها. وقال في حديث هاتفي من الهند، حيث يقوم بزيارة رسمية، إن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ونائبه أيلون يدمران العلاقات الخارجية لإسرائيل مع دول العالم.

وفي تصريحات غير رسمية قال بن إليعيزر إن «هذا التصرف الغبي» استهدف التخريب على الزيارة المقرر أن يقوم بها وزير الدفاع إيهود باراك إلى تركيا يوم الأحد القادم. وأضاف أن هذه الزيارة خططت لإنهاء كل الخلافات مع تركيا، وأن رئيس الدولة عبد الله غل ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، كانا سيستقبلان باراك للتباحث معه في تحسين العلاقات وتمتينها، بما في ذلك التعاون العسكري. وأعرب عن خشيته من أن يتراجع الأتراك الآن عن الاستقبال الحافل لباراك، وقد يلغون الزيارة. وقال إن هذا يشكل ضربة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الدول، حيث يقوم وزير خارجية بالتخريب على علاقات دولته بأصدقائها، ويسيء إلى الوزراء الذين يحاولون تصحيح ما يخربه.

وفي تركيا استُدعي السفير الإسرائيلي غابي ليفي ونُقل إليه الاحتجاج الرسمي على تصرف أيلون. وقال ناطق بلسان وزارة الخارجية التركي إن موظفي الوزارة لم يتعاملوا بـ«قلة أدب» مع السفير الإسرائيلي لأنهم لا يريدون أن ينزلوا إلى مستوى أيلون. ولكنهم أوضحوا أن ردا صارما على التصرف الإسرائيلي سيأتي لاحقا، بعد دراسة الموضوع من كل جوانبه. وانتقد الباحث في قضايا الإسلام مردخاي كيدار، من جامعة بار إيلان (قرب تل أبيب) هذا التصرف وقال إن المسؤولين الإسرائيليين لا يفهمون تقاليد شعوب الشرق الأوسط ويوجهون الإهانات بشكل صارخ. وقال إن أيلون «تعمد الإهانة، ولكنه زاد العيار حيث إنه تعامل مع موضوع العلو وهو لا يفهم أن هذه إهانة جارحة للغاية، فالإسلام يقوم على العلو ولذلك تُبنى مئذنة عالية لكل مسجد. ومن يمسس بهم في هذه الناحية يجرح كرامتهم الدينية والشخصية». واستذكر عدة إهانات غير مقصودة وجهها إسرائيليون في الماضي إلى العرب مثل قيام مناحم بيغن بتقبيل يد جيهان السادات حرم الرئيس المصري في كامب ديفيد. وقيام باراك بدفع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من الخلف في البيت الأبيض. وقال إن مثل هذه الأمور ذات حساسية بالغة وعلى الإسرائيليين أن يتعلموها.