السعودية : تحليل الرفات التي سلمها العراق أثبت أنها للطيار ناضرة الذي سقطت طائرته خلال حرب تحرير الكويت

أفراد عائلته لـ«الشرق الأوسط»: استشهاده أفضل نتيجة من بقاء مصيره مجهولا

TT

بعد مرور نحو أكثر من 10 أعوام على سقوط طائرته إبان حرب تحرير الكويت في الرابع عشر من فبراير (شباط) 1991 وبقاء مصيره مجهولا، أكد بيان سعودي رسميا أمس «استشهاد العقيد محمد صالح ناضرة بعد ثبوت تحليل الحمض الاميني (دي.إن.إيه) بأن بقايا الرفات التي سلمتها السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الاول) الماضي للجنة الصليب الاحمر، تخص الطيار الشهيد». وقال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع والطيران السعودية إنه بعد التأكد من صحة معلومات المختبرات لديها، تأكد لها استشهاد الطيار المذكور.

واسقطت طائرة العقيد محمد صالح ناضرة وهي من طراز اف5 في الرابع عشر من فبراير 1991 خلال تنفيذه طلعته القتالية في ذلك اليوم، وحتى اغسطس (آب) 1999، كانت السلطات العراقية تنفي ثم تعود وتؤكد بقاء الطيار السعودي على قيد الحياة، إلا أنه ادعى ان جنديا عراقيا تسلل إلى منطقة الالغام التي سقطت فيها الطائرة وجد رفات الطيار ودفنه. وهنا تم تشكيل لجنة سعودية ـ عراقية باشراف من الصليب الاحمر الدولي للبحث عن الرفات، وتم حينها العثور على عينة وتم ارسلها إلى المختبرات السويسرية للتأكد فعليا من أنها تخص الطــيار الســعودي المفقود. واستقبلت عائلة الطيار ناضرة في مدينة جدة النبأ مؤكدين في حديث لـ «الشرق الأوسط» أن نبأ استشهاده يمحي أكثر من 10 أعوام من المصير المجهول له ما بين بقائه حيا أو استشهاده. وهنا يشدد وحيد وصلاح ناضرة شقيقا الطيار، أن العائلة تلقت النبأ من المسؤولين في وزارة الدفاع والطيران قبل نحو ثلاثة أيام مبلغينهم تعازي الامير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وبدأت العائلة السعودية تلقي التعازي في وفاة الطيار.

وقال وحيد ناضرة «إن تأكيد نبأ استشهاد شقيقه يعد نتيجة (طيبة) في معظم الاحوال، فهو افضل من بقائه مفقودا أو مسجونا في ظروف لا نعلمها». واوضح أن المسؤولين في وزارة الدفاع ابلغوا العائلة أنه تم التحقق من مصداقية الوفاة من تحليلات المختبرات السويسرية.

وسألت «الشرق الأوسط» وحيد ناضرة حول ترتيبات تسليم الرفات، فقال: إن تسليم الرفات او عدم تسليمها يعد تحصيل حاصل فهذه الرفات ما هي إلا مجموعة من العظام. ويشير وحيد ناضرة، الذي بدا عليه التأثر الواضح لكن في نفس الوقت علامات الارتياح، إلى أن اكبر عقبة واجهت العائلة هي ابلاغ والدته التي اصابها المرض خلال الاعوام العشرة الماضية بسبب مصير ابنها، لكن والدته استقبلت النبأ بكل صبر واحتساب، ونفس الشيء ينطبق على زوجته وابنته.

وعاشت عائلة العقيد محمد ناضرة عشرة أعوام في قلق وترقب للمصير، فقد توفي والده مثلا قبل أن يسمع هذا النبأ، وتدهورت صحة والدته فهي تمكث في فراشها اربعة ايام متواصلة من دون طعام ثم تصحو الايام المتبقية وتبقى مستيقظة.

وكانت لدى عائلة الطيار الكثير من الامال لوجود نجلها على قيد الحياة خاصة مع وجود بعض الادلة والبراهين، بل حدا الامل هذه العائلة للاعلان عن جائزة لكل من يدلي بمعلومات تفيد عن مشاهدته في العراق أو غير ذلك، ووصل الحال بالعائلة إلى اليأس الكامل حتى إنها كانت تريد فقط معرفة وفاته من بقائه حيا.

وكانت أولى الادلة التي دفعت العائلة للاعتقاد ببقاء ابنها على قيد الحياة بعد مضي نحو يومين تقريبا من سقوط الطائرة، وهو يخص تقرير طائرة الكشف والمراقبة (الاواكس) التي أثبتت أن شقيقنا (محمد) تمكن من القفز من الطائرة قبيل سقوطها، حيث رصدت (الاواكس) أن كرسي الطائرة موجود على بعد عدة كيلومترات من حطامها، وأنه لا وجود لجثة متفحمة داخل الطائرة. وهنا أيضا، يقول الشقيق (وحيد): إحدى الروايات من الاسرى تحدثت أن شقيقي (محمد) وبعد نجاته استقبلته واستضافته عائلة عراقية تسكن بالقرب من المكان الذي سقطت فيه الطائرة على الحدود العراقية السعودية، لمدة 24 ساعة، وحينما حاولت تهريبه عبر الحدود قبضت عليها السلطات وتم اعتقاله في معتقل يسمى (أبو غريب) ثم تم ترحيله إلى معتقل آخر يسمى (الحرس الجمهوري).

* الطيار أصر على تنفيذ مهمته

* الواضح أن قصة الطيار السعودي محمد ناضرة وسقوط طائرته في الرابع عشر من فبراير (شباط) إبان الطلعات الجوية التي نفذتها قوات التحالف منذ بدئها منتصف يناير (كانون الثاني) 1991، كان لها موعد مع القدر. ويقول الشقيق صلاح: في ذلك اليوم أصر شقيقي (محمد) على القيام بطلعة قتالية رغم أن طائرته كانت في الصيانة بل إنه كان يعاني من (انفلونزا) وتحدث إلى والدي ـ رحمه الله ـ الذي نصحه بعدم القيام بطلعة جوية، لكنه أصر، وتصادف أن أحد الطيارين اعتذر عن عدم القيام بمهمته، مما دفع (محمد) لقيادة طائرته وتكون الطلعة رقم 34 له والاخيرة في الساعة التاسعة والنصف صباحا، قبيل إصابتها من قبل الدفاعات الارضية العراقية وبالتالي سقوطها.

* إف 5

* طائرة العقيد محمد صالح ناضرة هي من طراز F5 المقاتلة، وهي تستخدم للطلعات القتالية الجوية قصيرة المدى، وهي مزودة بمحركين سهلي الصيانة. ولم تستخدم الطائرة منذ تصنيعها في طلعات جوية طويلة المدى.

* حفيد الطيار وابنه

* وللقدر أيضا قصة مع أسرة الطيار السعودي محمد ناضرة، فقد أصرت ابنته الكبرى (خلود) على تسمية ابنها باسم والدها (محمد)، لكن الحفيد (محمد) لم يكتب له الحياة، ليعود القدر مرة أخرى، فالابنة تنتظر حاليا مولودا ثانيا يتمنى جميع أفراد الاسرة أن يكون (ذكرا) ليعود تسميته مرة أخرى بـ (محمد). ويذكر ان أصغر أبناء (عبد الرحمن) وعمره الحالي تسعة أعوام، لم يشاهد أباه من قبل، فقد تركه وعمره لم يتجاوز الشهرين.