بريطانيا تشدد إجراءاتها لمكافحة الإرهاب بمجال النقل الجوي

تأمين المطارات على قمة مباحثات اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي وأميركا

عنصر أمن في مطار ميونيخ الدولي عقب وقوع انتهاك أمني في الصالة الثانية من المطار أمس (إ.ب.أ)
TT

بناء على الإخفاقات الاستخباراتية التي تكشفت جراء محاولة التفجير الفاشلة التي تعرضت لها طائرة متجهة إلى ديترويت في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، عن تشديد صارم للإجراءات الأمنية بمجال الطيران أول من أمس، يتضمن وضع قائمة جديدة بالإرهابيين المشتبه بهم المحظورين من السفر جوا على غرار القائمة التي وضعتها الولايات المتحدة.

كما أعلن براون عن تجميد فوري للرحلات الجوية، التي كانت تقلع مرتين أسبوعيا، بين لندن وصنعاء (العاصمة اليمنية)، التي تنفذها شركة الخطوط الجوية اليمنية «يمنية»، في الوقت الذي تبذل فيه محاولات لتحسين مستوى أمن المطارات في اليمن. يذكر أن التركيز على اليمن كمعقل للمخططات التي تدبرها «القاعدة» كان واحدا من التداعيات الكثيرة التي ترتبت على محاولة التفجير الفاشلة في 25 ديسمبر (كانون الأول). من جهتها، اتهمت السلطات الأميركية النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب (23 عاما) بمحاولة نسف الطائرة، مشيرة إلى أنه جرى إعداده لتنفيذ المهمة على يد عملاء لـ«القاعدة» في اليمن.

في أعقاب التوبيخ الذي وجهه الرئيس أوباما لوكالات الاستخبارات الأميركية لإخفاقها في جمع وتنسيق المعلومات المتعلقة بعبد المطلب في توقيت مناسب يسمح بمنعه من ركوب الطائرة التي كانت في طريقها من أمستردام إلى ديترويت، تحولت الأنظار إلى وكالات الاستخبارات البريطانية. وانتقد مسؤولون أميركيون نظراءهم البريطانيين لإخفاقهم في إخطار الجانب الأميركي بأنه تم رفض طلب من النيجيري، المعروف لدى السلطات البريطانية لاتصالاته بمتطرفين إسلاميين على امتداد ثلاث سنوات قضاها في الدراسة الجامعية في لندن، الحصول على فيزا لدخول بريطانيا مجددا مايو (أيار) الماضي.وتتمثل أهم الإجراءات البريطانية الجديدة التي أعلنها براون، في إطار بيان ألقاه أمام مجلس العموم، في ما وصفه بتوسيع نطاق قائمة المراقبة للإرهابيين المشتبه فيهم، بحيث تتضمن أشخاصا ظهرت أسماؤهم خلال عمليات مراقبة، لكن لم ينظر إليهم فيما مضى باعتبارهم مصدر تهديد كافيا لضمهم للقائمة. إلى جانب ذلك، قال براون إن بريطانيا تنوي «تحسين مستوى التشارك في المعلومات حول الأفراد محل الاهتمام» مع وكالات أمنية أجنبية. وعلى ما يبدو، يتمثل الدافع وراء هذين الإجراءين في فشل بريطانيا في تنبيه الوكالات الأميركية بشأن عبد المطلب باعتباره مصدر خطر محتمل.

وفي تأكيد على الأهمية التي توليها بريطانيا لعلاقاتها الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، ورغبتها في إصلاح أي ضرر ناجم عن الفشل في تمرير معلومات إلى السلطات الأميركية بشأن عبد المطلب قبل رحلة ديترويت الجوية، قال براون إنه أطلع الرئيس أوباما على الإجراءات الجديدة خلال مؤتمر عقد عبر الهاتف، الثلاثاء، وهو واحد من عدة لقاءات أخرى جرت بينهما منذ الهجوم الفاشل.

وأشار براون إلى أن بريطانيا وسعت نطاق قائمة المراقبين التي يجري استغلالها كأساس للقائمة الجديدة للممنوعين من السفر، وهي أول قائمة من نوعها تقرها بريطانيا، ومن شأنها منع أي شخص وارد بها من الصعود إلى طائرة متجهة لبريطانيا، أو ستتوقف في بريطانيا في طريقها إلى دولة أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة. وبدت القائمة مشابهة للقائمة الخاصة بوزارة الأمن الداخلي الأميركية، التي تضم أسماء أكثر من 4000 شخص ممنوعين من ركوب طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة.

وشكل الفشل في وضع عبد المطلب على القائمة الأميركية للممنوعين من السفر بعد تحذير والده مسؤولي السفارة الأميركية في نيجيريا إزاء معتقدات نجله المتطرفة على نحو متزايد - وبعد أن رصدت وكالات أميركية مؤشرات توحي بأن النيجيري يستعد لتنفيذ تفجير انتحاري في اليمن - الخلفية التي وجه على أساسها أوباما انتقادات لإخفاقات الاستخبارات الأميركية.

إلى ذلك، تصدرت قضية كيفية منع المتطرفين من اختراق مطارات الاتحاد الأوروبي جدول أعمال اجتماع ضم وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أمس في مدينة توليدو الإسبانية. وتبذل الدول الأوروبية جهودا مكثفة لتحسين الأوضاع الأمنية لديها منذ حاول عمر عبد المطلب تفجير قنبلة داخل الطائرة قبل هبوطها يوم عيد الميلاد.

وقال مسؤولون إنه من المتوقع أن تحث وزيرة الأمن الداخلي الأميركية جانيت نابوليتانو نظراءها في الاتحاد الأوروبي على تشديد الإجراءات الأمنية، بما في ذلك الدعوة من أجل استخدام الماسحات الضوئية المثيرة للجدل والتي تعطي صورة لجسد المسافر حيث يمكنها رؤية ما تحت ملابسه. ومن المتوقع أيضا أن يبحث الوزراء خلال محادثاتهم غير الرسمية مدى كفاءة الإجراءات الأمنية المتبعة مثل الحدود المقررة حاليا لكمية السوائل التي يستطيع المسافر حملها معه على متن الطائرة. وسيوسع الوزراء مباحثاتهم لتشمل سبل تحسين كل دولة لعلاقاتها مع الأقليات خاصة المسلمة في مسعى للقضاء على الراديكالية والحد من تجنيد المتطرفين. وستكون مسألة الماسحات الضوئية هي الأكثر إثارة للجدل على الأرجح، وكانت المفوضية الأوروبية - الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي - دعت العام قبل الماضي لقواعد عامة في الاتحاد تحكم استخدام تلك الماسحات كجزء من إصلاح شامل لقوانين الاتحاد الأمنية. غير أن البرلمان الأوروبي اعترض على المقترح بدعوى أن الماسحات تنتهك خصوصية المسافرين وحقوق الإنسان.

* خدمة: «نيويورك تايمز»