الاحتراف!!

أحمد صادق دياب

TT

ما الفرق بين اللاعب قبل الاحتراف واللاعب بعد الاحتراف؟ كان هذا السؤال هو المدخل الذي وضعه أحد المهتمين بكرة القدم، ليدلل على بعض من أفكاره حيال تغير أهداف وطبيعة اللاعب مع الوقت ومع بيئة الكرة الحالية.. ربما يعتقد البعض أن المقارنة ظالمة، وأنه لا يجب أبدا التقريب بين الأجيال والبيئات، لأنه لا يمكن ربط التشابه السلوكي من دون التعريف بالتغير الاجتماعي.

أحيانا نستمع إلى مقولة أن لاعبي الأجيال السابقة كانوا أكثر حرصا وحبا لكرة القدم من اللاعبين الحاليين الذين لا يهتمون إلا بلغة المال، والبعض متبن هذه الفكرة تماما ومؤمن بها إلى حد الرفض لكل ما يمكن أن يتعارض معها.

من الطبيعي والمنطقي أن يكون هناك نوع من الاختلافات في التعبير والأداء ما بين الأجيال، ولكن ربطها بمقارنة ثابتة من وجهة نظري يعتبر نوعا من التهور وعدم الانضباط العلمي في التعامل مع الأحداث.

فاللاعب الهاوي كان في مرحلة معينة عليه الكثير من الالتزامات التي وافق عليها، وعاش ضمن حدود أبعادها ومشكلاتها وأنظمتها، وأذكر أنه في تلك المرحلة كان الكثيرون يرددون أن لاعب تلك الأيام لا يقارن بالجيل الذي سبقه من ناحية الولاء والانتماء، ويعللون أن اللاعب السابق كان يشتري، على سبيل المثال، حتى حذاءه، بينما اللاعب الهاوي يتوافر له كل الطلبات. وأجد أن المقارنة نفسها الآن تجري ما بين الجيل الذي سبق الاحتراف ونال نصيبه من الانتقادات بالمقارنة بين الأجيال، وما بين اللاعب المحترف الحالي.

ما لا يشير إليه الكثيرون من المنتقدين هو أن المحترف يعيش من خلال هذه اللعبة التي تحولت مع الزمن إلى صناعة اقتصادية من الدرجة الأولى، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتطور ما لم نتفهم ونتعايش مع طبيعة المرحلة ونعرف أن ما كان ينطبق على مرحلة الهواية لا يكون بالضرورة مناسبا لهذه المرحلة. واللاعب الذي نضعه الآن أمام هذه المقارنة الظالمة مع أجيال سبقته وعاشت بيئة مختلفة، يعرف أن مستقبله مرهون بهذه اللعبة التي اختارته ولم يختارها، وأصبحت مصدر رزقه الأساسي، ولا بد من المحافظة عليها، لذا من المهم جدا بالنسبة إليه أن يعيش على أساس «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا»، لأن الغد قد لا يفتح له أيا من الأبواب المشرعة الكثيرة التي تستقبله في كل يوم في هذه الأيام، فعليه أن يجمع الثمار بينما هي ناضجة، وقبل أن تذبل ولا يرغب أحد في تجارته، كما حدث مع الكثير من اللاعبين الموهوبين من قبل، وانتهوا على أبواب المحسنين يبحثون عن سد الرمق وإطعام صغارهم ولم يعرفهم أحد.