كيف حولت «أبل» جهاز «آي فون» إلى ساحة عالمية لابتكار التطبيقات الجديدة؟

تراهن على آخر ابتكاراتها «الحاسوب اللوحي».. وتطلقه غدا

بارت ديكريم الرئيس التنفيذي لشركة «تابيولس» المطورة لإحدى تطبيقات «آي فون» («نيويورك تايمز»)
TT

جاء قرار شركة «أبل» عام 2008، بفتح الباب أمام مبرمجين من خارج الشركة ليشكل بداية ثورة محمومة بمجال صنع البرمجيات، حيث سارعت الشركات العملاقة والهواة العاملون من داخل منازلهم على حد سواء بالإسراع إلى إدخال تطبيقاتهم في «أب ستور» وشاشة الهاتف العاملة باللمس البالغ حجمها 3.5 بوصة.

الآن، يقف هؤلاء المطورون على وشك نيل فرصة أكبر أو على الأقل شاشة أكبر، ومن المتوقع أن الحاسوب اللوحي الذي ستطرحه «أبل» في الأسواق، الأربعاء، يتضمن تطبيقات مصممة من أجل «آي فون»، بالنظر إلى البيانات التي حصلت عليها شركة معنية باقتفاء التطبيقات الجديدة من أجهزة حول المقر الرئيسي للشركة في كوبرتينو في كاليفورنيا.

الواضح أن الشاشة الأكبر، الاحتمال الأكبر أن حجمها سيبلغ 10 بوصات، والخصائص الأخرى في الحاسوب اللوحي يمكن أن تمثل مصدر إلهام للمطورين من أجل خلق عناصر جديدة في التطبيقات، مثل ألعاب يمكن لشخصين أو أكثر المشاركة فيها بسهولة عبر نفس الجهاز وفي الوقت ذاته.

من ناحيتها، قالت جين منستر، المحللة البارزة لدى «بايبر جفراي»: «بالنظر إلى نجاح (آي فون)، سيشرع المطورون في تخصيص موارد لتطوير النموذج الأكبر، من الواضح أن الشاشة الأكبر تغازل بالفعل خيال مطوري التطبيقات وتمنحهم نمطا جديدا من الزخم».

من جهته، قال جي وانغ، أحد مؤسسي «ساميول»، الشركة المسؤولة عن تطبيقات جديدة مثل «أوكارينا» و«آي إم تي بين»، التي تمكنت من تحويل «آي فون» إلى أداة موسيقية، إنه يتوقع أن يأتي الحاسوب اللوحي أفضل من «آي فون» فيما يخص رصد لمسات كثير من الأصابع، وأضاف: «في (آي فون)، هناك 5 نقاط لمس، وليست هناك حاجة إلى أكثر من ذلك لأن هذا هو ما يسمح به حجم الشاشة».

وأشار إلى أن توافر شاشة أكبر مزودة بخاصية تعدد اللمسات على نحو أفضل، «قد يعني مستوى جديدا تماما من التفاعل بين المستخدم والآلة ومخرجات الشاشة والأدوات والتطبيقات والألعاب»، وقال وانغ، إن شركته لم تشرع في العمل على أي عنصر محدد بعد فيما يتعلق بالحاسوب اللوحي الذي ستصدره «أبل»، لكنها متشوقة للشروع في التجريب.

وينظر المطورون الآخرون لتطبيقات «آي فون» في الحاسوب اللوحي باعتبارها فرصة لاقتناص حصة أكبر من السوق الضخمة للبرمجيات، ويقدر بعض المحللين أن «أب ستور» تجني عائدات تصل إلى مليار دولار سنويا لـ«أبل» والمطورين العاملين معها، ومن شأن طرح جهاز أكبر، زيادة حجم هذه الكعكة. من ناحيته، أوضح بارت ديكريم، الرئيس التنفيذي لـ«تابيولس»، شركة ناشئة في «سيليكون فالي» تصنع ألعابا وتطبيقات أخرى لـ«آي فون» و«آي بود تتش»، وأضاف «نمضي الكثير من الوقت في صراع مع (روك باند) و(غيتار هيرو)، بل حتى (يوتيوب)، على وقت مستخدمينا».

من جهتها، قالت «تابيولس»، التي شهدت تناميا سريعا في عائداتها من مبيعات ألعابها الموسيقية الشهيرة، إن الجهاز الجديد مربح، وجدير بالذكر أن سلسلتها من ألعاب «تاب تاب ريفينج» جرى تحميلها أكثر من 25 مليون مرة، وأعرب ديكريم عن اعتقاده بأن «عنصر الشكل الجديد مثل إنتاج حاسوب لوحي أقرب في شكله إلى جهاز الحاسوب الشخصي أو شاشة التلفزيون يمكن أن يساعدنا في الاستحواذ على نصيب أكبر من السوق ونصيب أكبر من الشهرة». من المقرر أن تعمل «تابيولس» على تعديل تطبيقاتها الراهنة كي تتوافق مع جهاز الحاسوب اللوحي، لكنها ستنتظر حتى تتعرف على حجم النجاح الذي يحققه الجهاز، قبل الشروع في توجيه موارد ضخمة إلى تطوير تطبيقات جديدة تتناسب معه، يذكر أنه من المتوقع طرح أجهزة الحاسوب اللوحي للبيع في الربيع، ومن غير المعروف بعد السعر الذي ستحدده «أبل» لها.

يمكن التعرف على بعض المؤشرات بشأن أنماط التطبيقات التي يعكف موظفو «أبل» على تجريبها على الحاسوب اللوحي، من خلال «فلري»، وهي شركة تعنى بالتحليلات المرتبطة بالهواتف النقالة تعرض على المطورين أداة مجانية تمكنهم من جمع بيانات تتعلق باستخدامات تطبيقاتهم، مع توافر هذه البيانات، يمكن لـ«فلري» وضع تقارير بشأن مكان المستخدم، على سبيل المثال، والمدة التي استغرقها كي ينجز مستوى من لعبة ما.

بجانب ذلك، ترسل التطبيقات المزودة ببرامج «فلري» شفرة فريدة تحدد نوع الجهاز الذي يجري استخدام التطبيقات عليه، وأعلنت «فلري» أن أنظمتها شرعت في رصد فئة جديدة من الأجهزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقد جرى رصد نحو 50 من هذه الأجهزة حتى الآن، معظمها يجري استخدامه بالقرب من كوبرتينو، حسبما أوضح بيتر فاراغو، نائب رئيس شؤون التسويق في «فلري».

واستطرد فاراغو موضحا أنه «شهدنا الكثير من عمليات اختبار تطبيقات تتعامل مع الاستهلاك الإعلامي اليومي، مثل الأخبار والكتب والموسيقى والراديو، لكننا نعاين أيضا الكثير من التطبيقات الاجتماعية، مثل الألعاب التي يشارك فيها أكثر من لاعب، والتي يمكن للمرء ممارستها مع أصدقائه».

في الوقت الذي أشار إلى أن التزامات تعاقدية تمنعه من تحديد أسماء التطبيقات، قال فاراغو إن البيانات أظهرت «تركيزا كبيرا على ما يمكن للأفراد عمله خلال لحظات الفراغ وفي أثناء تنقلاتهم» مثل استخدام تطبيقات للعثور على مطاعم أو الاحتفاظ بقوائم تسوق، على سبيل المثال. من جهتها، أعربت لورا ديديو، محللة مستقلة بمجال اللاسلكيات تبدي اهتماما خاصا بـ«أبل»، عن اعتقادها بأن الحاسوب اللوحي سيتميز ببعض الإبداع والابتكار في مجال التوقعات الجوية والملاحة، وأشارت إلى توقعها أيضا في ظهور تطبيقات تتعامل مع الحاسوب اللوحي كأداة للتعليم وتسمح للأفراد بعقد مؤتمر فيديو من خلاله.

هناك مؤشرات توحي بأن «أبل» ربما ترغب في أن تمنح الحاسوب اللوحي القدرة على إدارة بعض التطبيقات المتعلقة بالمجال التجاري، التي تتطلب تفاعلات معقدة مع الشاشة.

من جهته، قال مصمم سابق لدى «أبل» إن المبرمجين داخل الشركة عملوا على تطوير نسخة متعددة اللمس من «آي ورك»، البرنامج الذي أنتجته «أبل» ويكافئ برنامج «سوفت وير» الخاص بـ«مايكروسوفت»، أما «أبل»، فقد رفضت مناقشة أي خطط تتعلق بالحاسوب اللوحي. من غير المعروف عدد التطبيقات التي سيتضمنها الحاسوب اللوحي من إجمالي أكثر من 100 ألف تطبيق متوافرة من أجل «آي فون»، إلا أن بيانات «فلري» توحي بأن الحاسوب اللوحي سيتضمن نسخة معدلة من نظام التشغيل الخاص بـ«آي فون».

من ناحيته، قال كارل هوي، مدير شؤون أبحاث المستهلكين في «يانكي غروب»، شركة استشارية بمجال التقنية: «أمضت (أبل) عاما ونصف العام في تدريب مطورين لوضع برامج لأجهزتها، ولا أعتقد أنهم سيخرجون عن هذا النموذج»، وأضاف، هوي، أنه في الوقت الذي يعتقد أن معظم عروض «أب ستور» ستنجح، فإنها قد تبدو غير مألوفة بعض الشيء، واستطرد موضحا أن «نسخ تجربة من شاشة 3.5 بوصة إلى أخرى مساحتها 10 بوصات أو ما يقارب ذلك، من شأنه تشويه الأمور»، لكن الإرشادات الخاصة بتطبيقات «آي فون» التقليدية تذكر أن هناك تخطيطا لإنتاج أجهزة بأحجام أكبر، وعليه، فإن المطورين فكروا بالفعل في مسألة كيفية ترجمة التطبيقات على شاشات أكبر.

من ناحية أخرى، ربما يحدث الحاسوب اللوحي تغييرات في الوضع الاقتصادي لـ«أب ستور»، حيث يواجه المطورون الذين يختارون فرض رسوم من أجل استخدام تطبيقاتهم ضغوطا من جانب السوق للإبقاء على الأسعار منخفضة، حسبما أشار مارك سترولين، المحلل لدى شركة «أوتسيل» المعنية بأبحاث السوق، جدير بالذكر أن الكثير من أكثر التطبيقات انتشارا يجري بيعها مقابل 99 سنتا، وقال: «من شأن توافر ذاكرة أكبر وخصائص جديدة التشجيع على تطوير مزيد من التطبيقات بجودة أعلى، مما سيدفع السعر إلى مستوى أعلى»، إلا أنه حذر من أن مشاعر الإثارة والحماس التي يبديها المطورون تجاه الحاسوب اللوحي قد تتلاشى، حال افتقاره إلى الشعبية، وعجزه عن اجتذاب الجمهور، وقال: «تاريخيا، لم يحقق الحاسوب اللوحي نجاحا كبيرا في السوق».

* خدمة «نيويورك تايمز»