المرأة الهندية تقود القطاع المصرفي

معظمهن في الأربعينات والخمسينات من عمرهن وينتمين إلى أسر ثرية

TT

لا يزال وجود مصرفيات بين كبار المصرفيين في نيويورك ولندن أمرا نادر الحدوث على الرغم من عقود من الكفاح لارتقاء المناصب العليا في الشركات. لكن الصورة مناقضة تماما لذلك في قطاع الصناعة المالية الناشئ نسبيا في الهند حيث تحتل المرأة مكانة بين بعض كبار صانعي الصفقات، بل إنهن في الغالب من يدرن العمليات.

فجميع قيادات بنوك «إتش إس بي سي» و«جيه بي مورغان تشيس» و«رويال بنك أوف أسكوتلاند» و«يو إس بي» و«فيديلتي إنترناشيونال» في الهند قيادات نسائية. وكذلك الحال في ثاني أكبر البنوك في البلاد، وهو «آي سي آي سي آي بنك»، و«آكسيس بنك» ثالث أكبر البنوك. وتقود النساء العلميات المصرفية الاستثمارية في بنك «كوتاك ماهنيدرا» وبنك «جيه بي مورغان تشيس» وقسم الأسهم في «آي سي آي سي آي بنك». كما أن نصف عدد نواب محافظ البنك الاحتياطي الهندي من النساء.

وفي بلد مثل الهند، حيث لا يزال الآباء في بعض المناطق يفضلون الفتيان على الفتيات، تظل المعدلات الإجمالية للتعليم بين الإناث منخفضة، وصرحت لاعبة التنس البارزة سانيا ميرزا هذا الشهر بأنها ستعتزل اللعب بعد الزواج. ويبدو وجود عدد كبير من النساء في إدارة الصناعة المصرفية مثيرا للدهشة. لكن كثيرات منهن، ممن عملن أيضا في لندن ونيويورك، يقلن إن الهند وفرت المزيج الجيد من المديرين الداعمين، ومعظمهم من الرجال، وبيئة عمل متنوعة لم تطلب منهن أن «يكنّ ذكورا» كي يحققن النجاح.

قالت ناينا لال كيدواي، العضو المنتدب ورئيسة فرع بنك «إتش إس بي سي» في الهند والرئيسة السابقة لبنك «مورغان ستانلي» الاستثماري في الهند، إن الأمر «ليس ثقافة لعب الغولف وشرب البيرة». حيث يتعامل المصرفيون والمديرون مع جميع الأصناف من الناس بداية من رب الأسرة ورجال الدين إلى رجال المجتمع البارزين. وقالت كيدواي: «يمكن للنساء الالتحاق بمكان العمل بشروطهن الخاصة. وسيكون عليك تكوين شبكة من المعارف، والعمل بجد، لأن ذلك يجعل الأمر أكثر سهولة».

ويعني ذلك أن الهند دولة تعمل من دون المبدأ القديم في «وول ستريت»؛ وهو أن المرأة تشعر وكأنها يجب أن تتصرف مثل الرجل المصرفي النمطي لتحقق النجاح. لا يوجد قادة مغرورون في هذه المجموعة. ترتدي كبريات المديرات زي المرأة الهندية ويتحدثن بصراحة عن أطفالهن وأزواجهن.

ويتعامل هؤلاء النساء مع كبريات الصفقات في الهند، مثل جمع 9.7 مليار دولار من أجل شركة الطاقة الحرارية الوطنية والتفاوض لصالح مجموعة «فودافون» لشراء حصة من الأسهم قيمتها 11.1 مليار دولار في «هوتشيسون إيسار».

ومعظمهن في الأربعينات والخمسينات من عمرهن، وينتمين إلى أسر ثرية، والتحقن بمدارس راقية داخل الهند وخارجها، وحصلن على أعلى الدرجات في دراساتهن قبل أن يتفوقن في البنوك التي يعملن فيها. لذا فهن يتمتعن في الغالب بالمكانة نفسها التي يحظى بها الرجال الذين كانوا منافسيهن وعملاءهن في مصارفهن.

وتقول النساء اللاتي يعملن في الصناعة المصرفية إن هذا المجال يعتمد على الأهلية والكفاءة أكثر من المهن الأخرى نظرا لأن هناك طريقا سهلا للمحافظة على النجاح؛ وهو النظر إلى نتائج الأعمال.

وقالت تشاندا كوتشار، الرئيسة التنفيذية لبنك «آي سي آي سي آي» الذي يشكل النساء فيه نحو أربعين في المائة من الإدارة العليا: «تحصل على وظيفتك الكبيرة في المستقبل وفقا لأدائك وقدراتك، ليس بناء على كونك ذكرا أو أنثى». وتعمل كوتشار في البنك منذ خمسة وعشرين عاما، هي عمرها المهني، بداية من تقديم الخدمات المصرفية للشركات إلى التجزئة المصرفية، وبعد ذلك إدارة النشاط الدولي قبل أن تصبح كبيرة المسؤولين الماليين.

وقالت شيمالا غوبيناث، واحدة من اثنتين من نواب محافظ البنك الاحتياطي الهندي، إن النساء «يتفوقن عندما يواجهن منافسة مفتوحة».

وتشكل عمليات البنوك العالمية في الهند نسبة صغيرة للغاية من إجمالي الأرباح لأن أسواق الدين وحجم الصفقات أصغر من نظيراتها في البلدان المتقدمة. لكن أهمية الهند ازدادت، حيث تراهن البنوك الاستثمارية على الأسواق الناشئة من أجل تحقيق النمو، وتنقل في الوقت نفسه الوظائف الأكثر تعقيدا إلى الهند من أجل خفض التكاليف في الداخل.

ولذلك، يشرف هؤلاء النساء في بعض الأحيان على عدد من الموظفين أكبر بكثير من كبار المديرين في الفرع الرئيسي للبنك.

وعلى سبيل المثال، يوجد نحو 11 في المائة من إجمالي الموظفين في بنك «إتش إس بي سي»، البالغ عددهم 331 ألف موظف، في الهند، وما يقرب من 7 في المائة من إجمالي عدد الموظفين في بنك «جيه بي مورغان تشيس»، 220 ألف موظف، في الهند.

وبحسب دراسة أعدتها شركة التوظيف «إي إم إيه بارتنرز»، فإن النساء يرأسن واحدا من كل خمسة بنوك كبيرة وشركات تأمين وشركات إدارة الأموال في الهند. وعلى النقيض من ذلك، لا توجد سيدة واحدة تقود أيا من البنوك الرئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا، ولم تدر امرأة واحدة على الإطلاق أي بنك استثماري في الولايات المتحدة.

وقال كيه سودارشان، الشريك المدير في الهند لشركة «إي إم إيه»، إن أرباب الأعمال ينجذبون في بعض الأحيان في الهند إلى المرأة، لأنهم يعتقدون أن «المرأة أقل فسادا وأكثر أمانة واستقامة في معظم الأوقات». ومن حيث الرواتب، لم تشر أي سيدة من اللاتي أجريت معهن المقابلات إلى أنهن يتلقين راتبا أقل من نظرائهن من الرجال.

وقالت أوشا ثورات، النائبة الأخرى لمحافظ البنك الاحتياطي الهندي: «لا يوجد هنا أي تمييز على الإطلاق من حيث الرواتب». وقالت: «لقد فوجئت عندما علمت» أن المرأة قد تتلقى راتبا أقل من نظرائها من الرجال في الوظيفة نفسها في الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، تقول النساء العاملات في الصناعة المصرفية في الهند إنهن يشعرن دوما بالضغوط أكثر من الرجال.

وقالت كيدواي: «هذا دائما أمر مسلم به. كان واضحا للغاية أنه كان يجب علينا تحقيق أداء أفضل وبذل مجهود أكبر في العمل».

وأضافت أن النساء اللاتي يرأسن البنوك حاليا كنّ في الغالب أوليات النساء اللاتي تم تعيينهن في هذه الوظائف في بادئ الأمر وكنّ «يخضعن لمراقبة دقيقة».

وتختلف فترة إجازة الوضع من بنك لآخر، لكنها تبلغ في المتوسط نحو ثلاثة أشهر.

وبدأت ميرا سانيال، رئيسة فرع بنك «رويال بنك أوف أسكوتلاند» في الهند، العمل في الهند في فرع بنك «غريندليز» في كالكوتا، حيث كانت تتعامل مع عدد كبير من العملاء الغاضبين من الشركات والموظفين المنتمين لنقابات عمالية الذين أعربوا عن استيائهم عند تعيينها لأنها حلت محل رجل كبير في السن. قامت سانيال بتغيير الطريقة التي يتعامل بها البنك مع العملاء، وذلك وفقا لمعدلات الربح، وعلمت بنغاليا كيفية التواصل على نحو أفضل مع الموظفين المحليين، وأقنعت في النهاية الاتحادات العمالية المترددة بقبول الميكنة على الرغم من أنها تعني تسريح العمالة.

وكانت سانيال تعمل في فرع بنك «لازارد» في الهند عندما كانت حاملا في طفلها الأول. وتتذكر أنها عندما أخبرت رئيسها في العمل أنها تريد مرونة في ساعات العمل بعد الوضع، رد قائلا «هل أنت مجنونة؟ لقد استثمرنا الكثير من الأموال في إعدادك».

وبدلا من تقديم استقالتها من العمل، تعهدت سانيال بالعمل بجد واجتهاد حتى ميعاد الوضع حتى يشعر البنك أنه استعاد الأموال التي صرفها عليها. وأتمت هذه الصفقة بنجاح في السادس من يوليو (تموز) وأنجبت طفلها في اليوم التالي. وبعد ذلك، أعاد رئيسها في العمل النظر في الأمر وأتاح لها مرونة في ساعات العمل وبالأجر نفسه. وقالت إن هناك الكثير من الرجال «ساعدوني على أن أفعل ما أردت فعله».

*خدمة «نيويورك تايمز»