دافوس: دعوات لاستكمال محادثات تحرير التجارة العالمية.. والإصلاح المالي ما زال مركز الاهتمام

رئيس «منظمة التجارة» يشيد بتصريحات أوباما عن التجارة > رئيس كوريا الجنوبية ومجموعة الـ20: الانتعاش الاقتصادي العالمي لا يزال يترنح

شعار الدورة الأربعين لمؤتمر دافوس للعام الحالي 2010 (رويترز)
TT

طالب قادة الأعمال الحكومات، أمس، بالوفاء بالتزامهم من خلال استكمال محادثات تحرير التجارة المتعثرة خلال العام الحالي، ودعم الاقتصادي العالمي. لكن المفاوضين التجاريين متشككون في الإرادة السياسية للتغلب على الخلافات بين الولايات المتحدة وأسواق ناشئة رئيسية، والتي أحبطت التوصل إلى اتفاق في عام 2008 قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، التي أدخلت أغلب مناطق العالم في حالة ركود. وبحسب «رويترز»، تعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، والانتخابات الرئاسية في البرازيل من بين العقبات السياسية أمام التوصل إلى اتفاق. ودعا مجلس الأعمال العالمي، في المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري، زعماء العالم للوفاء بتعهدهم الذي قطعوه في قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ في سبتمبر (أيلول) الماضي بالتوصل لاتفاق خلال 2010. وقال المجلس في بيان: «حان الوقت لأن تظهر حكومات العالم التزامها بالنظام الذي ساعد على تحقيق النمو والتنمية على مدى 60 عاما ». وتعهد لي ميونغ باك، رئيس كوريا الجنوبية الذي يرأس مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى هذا العام، في كلمة ألقاها في دافوس، بجعل هذا الأمر على رأس أولويات قمة مجموعة العشرين التي سيستضيفها في سيول في نوفمبر. وقال عن مفاوضات منظمة التجارة العالمية، التي بدأت عام 2001 في العاصمة القطرية: «ستكون الأولوية القصوى لاستكمال جدول أعمال التنمية الخاص بمحادثات الدوحة قبل نهاية العام». وقد ذكر الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك، أمس، أن الانتعاش الاقتصادي العالمي يرسخ، على الرغم من أنه لا يزال يترنح، نتيجة لجهود التنسيق التي اتخذتها الحكومات الكبرى في العالم.

وقال لي في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، مؤكدا الحاجة إلى خلق وظائف: «اقتصاد العالم استقر من خلال الجهود المنسقة، ويظهر علامات على الانتعاش».

وأظهرت البيانات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، مؤخرا، أن معدلات البطالة سجلت أرقاما قياسية نتيجة للأزمة الاقتصادية.

وقال الرئيس الكوري الجنوبي إن المطلوب الآن مزيد من التحرك المنسق، للتركيز على الاستدامة طويلة المدى، إلى جانب ضمان استئناف الاستثمارات الخاصة.

وأضاف لي: «تركيز مجموعة العشرين يتعين أن يتحول الآن نحو وضع إطار لتحرك طويل المدى لسياسة التنسيق، التي تضمن نموا مستداما ومتوازنا للاقتصاد العالمي».

وقد دعا لي ميونغ باك الدول الأعضاء بمجموعة العشرين الاقتصادية، الخميس، لتوخي الحذر وهي تستعد للتخلي عن إجراءات الحفز غير المعتادة، التي اتخذتها لمواجهة الأزمة المالية الخطيرة. وقال لي إن القمة التي سوف تستضيفها بلاده في نوفمبر القادم ستكون اختبارا كبيرا لقدرة المجموعة على العمل كتجمع عالمي لمواجهة القضايا الاقتصادية. وإن الأزمة المالية العالمية برهنت على أهمية مجموعة العشرين كتجمع للتعاون الدولي. وأضاف: «الفضل في خروج الاقتصاد العالمي من حالة التراجع المستمر ودخول فترة من الاستقرار، يعود إلى مثل هذا العمل الشجاع. لا أشك في أن وضع مجموعة العشرين، التي تشكلت حديثا، بوصفها المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، يعود إلى حد كبير لمنجزاتها الظاهرة حتى اليوم». وقال لي، أيضا، إن التجارة ستكون أيضا على رأس جدول أعمال قمة سيول، مشددا على ضرورة مقاومة الإجراءات الحمائية. ومضى يقول: «رأينا في الأزمة المالية الأخيرة الأثر المحتمل المدمر للتحولات المفاجئة لحركة رؤوس الأموال الدولية على اقتصادات الدول النامية والناشئة.

سوف نطرح على جدول أعمال قمة مجموعة العشرين، في نوفمبر، تأسيس ما نطلق عليه شبكة عالمية للأمن المالي، بحيث يمكن استخدام آلية عالمية لمواجهة مثل هذه التحولات المفاجئة». وحذر لي قادة دول مجموعة العشرين من الاندفاع وراء التخلي عن إجراءات الحفز الاقتصادي رغم مؤشرات التحسن في اقتصادات بلادهم. وقال: «في الوقت الذي يستعيد فيه الاقتصاد العالمي عافيته مرة أخرى، ستحتاج كل دولة من دول مجموعة العشرين أن تعرف كيف ستنفذ استراتيجية الخروج الخاصة بها، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية المحلية». في الوقت نفسه، دعا مجلس الأعمال العالمي في منتدى دافوس زعماء العالم للوفاء بتعهدهم الذي قطعوه في قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ في سبتمبر الماضي بالتوصل لاتفاق بشأن التجارة خلال 2010.

كما دعا إلى إصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين، ووضع تشريعات منضبطة دولية لتدفقات رأس المال والمؤسسات المالية متعددة الجنسيات، ليعكس دعوات مماثلة في الليلة الماضية للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

وحذر لي، كذلك، من مغبة الإجراءات التجارية الحمائية، ودعا لاستكمال جولة الدوحة المتوقفة، الخاصة بمحادثات التجارة بمنظمة التجارة العالمية.

وقال إن السياسة التجارية ومبادرات النمو يتعين أن تضع في الاعتبار ضمان أن تكون الدول الفقيرة جزءا من العملية.

قال باسكال لامي، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، الخميس، إن تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن زيادة حجم التجارة ومضاعفة الصادرات لتعزيز الاقتصاد الأميركي تسير في الاتجاه الصحيح. وأبلغ لامي الصحافيين بأنه من السابق لأوانه القول إن كان زعماء الاقتصادات الرئيسية سيلتزمون بتعهداتهم في مجموعة العشرين بإتمام محادثات تحرير التجارة العالمية هذا العام. وقال عندما سئل عن تعليقات أوباما في خطاب حالة الاتحاد، الذي ألقاه أمام الكونغرس: «وجدت مزيدا من الاهتمام بجانب الاقتصاد الكلي بما يريد أن يفعله، وبما في ذلك جانب التجارة. وبناء على ذلك، فما أراه في خطاب حالة الاتحاد يسير في الاتجاه الصحيح». وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد أول من أمس إنه سيدفع من أجل التوصل لاتفاق للتجارة العالمية بفتح أسواق العالم، لكنه لم يذكر الموعد المستهدف في 2010 الذي حددته مجموعة العشرين.

قال وزير التجارة البريطاني ميرفن ديفيز إن الجهات التنظيمية يجب أن تخفف القيود على تمويل التجارة لتعكس الطبيعة الأقل خطورة للأدوات قصيرة الأجل، من أجل دعم انتعاش الاقتصاد العالمي. وقال ديفيز: «أرغب في رؤية إعادة نظر عميقة بشأن تخصيص رأس المال للائتمان والتجارة في الأجل القصير». وكان تمويل التجارة من أكبر ضحايا أزمة الائتمان عام 2008. وتخشى منظمة التجارة العالمية والبنوك العاملة في هذا المجال من أن تشديد الإجراءات التنظيمية على البنوك منذ اندلاع الأزمة قد يضر بجهود إنعاش السوق. وتحدد قواعد «بال» بشأن رأسمال البنوك، التي تزيد المتطلبات حسب طول أمد القرض، عاما واحدا كحد أدنى لجميع أنواع الإقراض بما فيه تمويل التجارة. وأغلب صفقات تمويل التجارة تمتد لأقل من هذه المدة، مما يعني أن البنوك ستربط احتياطات من دون حاجة إلى ذلك. وقال ديفيز لـ«رويترز» على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس مساء أول من أمس: «في نهاية الأمر ما يشغل الاقتصاد العالمي هو الأموال قصيرة الأجل.. الائتمان بأجل 180 يوما على مستوى العالم». وأضاف: «البنوك يتعين عليها إعادة النظر قليلا، وأعتقد أن قواعد «بنك التسويات الدولية»، ومقره بال بسويسرا، بشأن التجارة تحتاج إلى إعادة نظر». وقال مارك أوبوين، خبير تمويل التجارة بمنظمة التجارة العالمية، في وقت سابق إن البنوك الرائدة تتحد لإقناع الجهات التنظيمية بتخفيف المتطلبات الرأسمالية لتمويل التجارة.

وبدأ اليوم الثاني للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أمس الخميس، مع استحواذ مسؤولي البنوك والمؤسسات المالية على اهتمام المراقبين، وما زال الحديث مستمرا عن القواعد التنظيمية والتعويضات والإشراف.

كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد افتتح الاجتماع أول من أمس الأربعاء، موجها انتقادات شديدة للرأسمالية الجشعة، والاختلالات العالمية على الرغم من تأكيده على أنه مؤيد لاقتصاد السوق.

وعلى الرغم من ذلك، فلا يزال مسؤولو البنوك تحت حصار بشكل أكبر عما كانوا عليه قبل عام، منذ الانهيار الاقتصادي، مواصلين بذلك مفاوضاتهم من أجل وضع بعض الإجراءات التنظيمية الذاتية.

وقال فيريت ساهينك، وهو مسؤول مالي تركي مشارك في المنتدى، إن المؤسسات المالية ينبغي أن تضع إجراءات حماية داخلية تجاه المشكلات التي اعترضتها خلال السنوات الماضية.

ويستضيف منتدى دافوس هذا العام نحو 2500 مشارك، منهم سياسيون ومسؤولون ورجال أعمال كبار في القطاع المالي.

وعرض تموثي فلين، رئيس مجلس إدارة شركة «كيه بي إم جي»، المخاوف بشأن المخاطر الملازمة للتفكير في مجال الأعمال على المدى القصير، قائلا إن الصناعة في حاجة إلى اتخاذ نهج طويل الأمد، يتضمن وجود عمال على كفاءة عالية، على الرغم من أنه ليس هناك سوى اقتراحات قليلة محددة.

ومن بين الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال: البطالة والحمائية والاضطراب الاجتماعي الناشئ من إمكان عدم الاستقرار المدني، وكذلك قضايا العملة والتجارة والائتمان في المؤسسات.

وسيشارك أيضا في المنتدى، الذي يعقد في منتجع دافوس الجبلي، زعماء من دول أميركا اللاتينية، بينهم الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي، والرئيس المكسيكي فيليب كالديرون، وكذلك جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا، ونغوين تان دونج رئيس فيتنام، وخوسيه ثاباتيرو رئيس وزراء إسبانيا.

وقال مسؤولون في منتدى دافوس إن الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون سوف يشارك للإسهام في جذب الاهتمام إلى هايتي، حيث استمر النقاش على هامش الاجتماعات بشأن طبيعة المساعدات الإنسانية، والحاجة إلى إعادة التفكير بشأن التحديات التي تواجه تقديم المساعدات الطارئة.