الصومال: مصرع وإصابة 60 في معارك جديدة.. والمواجهات تنتقل إلى الأرياف

3 جماعات أصولية مسلحة في بؤرة الصراع الدموي.. ومؤتمر في جيبوتي لحشد الدعم للحكومة الانتقالية

TT

قتل نحو 20 شخصا وأصيب أكثر من 40 آخرين في العاصمة الصومالية مقديشو وفي وسط البلاد، في اشتباكات بين قوات الحكومة التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي وبين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي المعارضتين. وانتقلت الاشتباكات الأخيرة بين مقاتلي الطرفين إلى الأرياف ومناطق االبادية وسط الصومال، وشهدت مناطق من بينها وبحو وورحولو وعوس ويني وسط البلاد، أعنف الاشتباكات بين الطرفين.

وبعد أسابيع من الاشتباكات الدموية في المدن الرئيسية وسط البلاد مثل طوسا مريب عاصمة إقليم جلجدود، وبلدوين عاصمة إقليم هيران، اندلعت اشتباكات جديدة في مناطق البادية من الإقليمين. وأدلى المتحدثون باسم الطرفين بتصريحات متضاربة حول أسباب اندلاع المعارك الأخيرة والخسائر التي نجمت عنها، وكلا الطرفين يتحدث عن إحراز مكاسب عسكرية وإلحاق خسائر فادحة في صفوف الطرف الآخر، لكن آخر حصيلة للمواجهات أفادت بمقتل أكثر من 20 شخصا وإصابة أكثر من 40 آخرين.

وكانت المواجهات تجري تقليديا بين حركة الشباب ومنظمة أهل السنة والجماعة (الطرق الصوفية) في المدن الرئيسية أو البلدات الواقعه على الطريق الرئيسي الذي يربط شمال البلاد بجنوبها بما فيها العاصمة مقديشو. ويتنافس المتقاتلون على السيطرة على البادية لأنها بمثابة معاقل غير ثابتة لا يمكن مهاجمتها بسهولة، بسبب وعورة الطرق فيها، كما أن حربا كهذه تجبر الطرفين على التحالف مع القبائل المحلية الأمر الذي قد يطيل من أمد الصراع بين حركة الشباب ومنظمة أهل السنة والجماعة. وقد أصبحت الجماعات الأصولية المسلحة أطرافا رئيسية في الحرب الدائرة في الصومال، مما أدى إلى تحول النزاع الصومالي من صراع قبلي على السلطة والثروة والنفوذ إلى صراع مذهبي بين الجماعات الصوفية والحركات الجهادية. وتعتبر حركة الشباب المجاهدين أقدم هذه الفصائل المسلحة المتصارعة على الساحة الصومالية وقد برز نجمها عام 2004 كجزء من اتحاد المحاكم الإسلامية الذي أنهى سيطرة أمراء الحرب المدعومين من الولايات المتحدة عام 2006. وتتهم واشنطن حركة الشباب بأنها تقيم علاقات مع تنظيم القاعدة وأدرجتها في القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية في فبراير (شباط) 2008، واستهدفت عددا من قادة الحركة في غارات جوية في مناطق مختلفة من الصومال. أما الحزب الإسلامي فقد تم الإعلان عنه في فبراير (شباط) عام 2009 وهو تحالف من 4 فصائل إسلامية مسلحة جمعتها معارضة الحكومة الصومالية بقيادة الرئيس شريف شيخ أحمد. وكلتا الحركتين (الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي) رفعتا شعار تطبيق الشريعة الإسلامية وتطالبان برحيل قوات الاتحاد الأفريقي من الصومال.

أما تنظيم أهل السنة والجماعة، فهو أحدث الجماعات المسلحة، وهو عبارة عن تحالف لأتباع الطرق الصوفية الأكثر تشددا، وبرز نجمها نهاية عام 2009 كقوة مناهضة لحركة الشباب، والحزب الإسلامي المصنفتين تحت التيار السلفي الجهادي. وكغيرها من الحركات المسلحة ترفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية لكن من منظور يختلف كلية عن توجهات حركة الشباب والحزب الإسلامي. وقد تم توظيف الآيديولوجيا الدينية في الصراع الدائر بين هذه الفصائل الإسلامية الصومالية الثلاثة وتم استدعاء مفاهيم من بينها الكفر والردة والشرك والخروج، لإسقاطها على المخالف في الفكر والرؤى والتوجهات وهو أمر لم يكن مألوفا في الصراع القبلي الصومالي. ولا يستبعد المراقبون ظهور حركات إسلامية مسلحة ذات توجهات وولاءات مختلفة في المستقبل المنظور. على صعيد آخر بدأت في جيبوتي أعمال مؤتمر إقليمي يستمر 3 أيام لحشد الدعم للحكومة الانتقالية الصومالية، ووضع خريطة طريق لعملها في الفترة المتبقية من عمرها (20 شهرا). ويشارك في هذا المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه ممثلون عن الاتحادين الأوروبي والأفريقي والأمم المتحدة إضافة إلى خبراء دوليين، إلى جانب ممثلين عن الحكومة الصومالية. وقال وزير الدولة بمكتب رئيس الوزراء خالد عمر علي: «إن المؤتمر سيركز على عدة قضايا أساسية لاستمرار عمل الحكومة الصومالية وفعاليتها في المرحلة القادمة». ويبحث المؤتمر أيضا من بينها وضع دستور دائم للصومال يحل محل الميثاق الانتقالي الحالي، ووضع أسس النظام الفيدرالي الذي سيتم تبنيه مستقبلا. وكانت اللجنة الدستورية في البرلمان الانتقالي الصومالي (إحدى اللجان الفرعية للبرلمان) قد اختتمت دورة تدريبية تتعلق بكيفية صياغة دستور جديد للبلاد في جيبوتي أول من أمس، وشارك في هذه الدورة إلى جانب أعضاء هذه اللجنة وزير الدستور مدوبي نونو. ووفقا للميثاق الانتقالي الحالي فإن على الحكومة وضع جدول زمني لصياغة دستور جديد للبلاد، يتم طرحه بعد ذلك لاستفتاء شعبي من أجل إقراره والتصديق عليه، وذلك قبل الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها قبل انتهاء الفترة الانتقالية للحكومة الحالية بعد 20 شهرا من الآن.