وزير السياحة اليمني لـ «الشرق الأوسط»: لسنا العراق أو أفغانستان.. وندعو السياح إلى العودة

تمنى أن تترجم توصيات مؤتمر لندن على أرض الواقع.. ووفاء المانحين بوعودهم في مؤتمر الرياض

نبيل حسن الفقيه وزير السياحة اليمني («الشرق الأوسط»)
TT

أعرب نبيل حسن الفقيه، وزير السياحة اليمني، عن أمله في أن تترجم توصيات مؤتمر لندن بشأن اليمن الذي عقد الأربعاء الماضي، على أرض الواقع حتى يمكن أن يستفاد منها لتجاوز الأزمات التي تمر بها البلاد، وبخاصة الأزمات المرتبطة بمحاربة الإرهاب. وطالب في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة صنعاء، بالإعداد المثالي لمؤتمر الرياض حول اليمن، المقرر له الشهر المقبل حتى يخرج بدعم يساعد على تبني رؤية متكاملة للقضايا الاقتصادية، التي تعتبر المخرج الأساسي في قضية محاربة الإرهاب.

وقال الفقيه إن الانعكاسات السلبية على قطاع السياحة «أصبحت نافذة»، وأن 50% من نسبة النمو المستهدفة لم تتحقق، وأن تراجع حركة السياحة يفاقم من البطالة ومن الوضع الاقتصادي في الجمهورية اليمنية. وأوضح أن تحذيرات بعض البلاد الأوروبية لرعاياها السياح، من التوجه إلى اليمن، غير منصفة، وأنها مع ما ينشر في الصحف الأجنبية، صورت اليمن كأنه العراق أو أفغانستان، قائلا إن المحور الأساسي في محاربة الإرهاب ليس بمنع قدوم السياح إلى اليمن. وأضاف الوزير اليمني أن هناك إجراءات يتم اتخاذها بما يضمن حقوق العاملين اليمنيين المتضررين من تراجع القطاع السياحي، معربا في الوقت نفسه عن أمله في تجاوز الأزمة، وعدم اللجوء إلى تسريح العمالة.

وعما إذا كان قرار الحكومة بخصوص نظام منح التأشيرات الجديد سيزيد من تدهور السياحة في البلاد، قال الفقيه إن هذه القضية أثيرت في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، مشيرا إلى أن التفسير الذي وُضع أمام الرأي العام العالمي بهذا الخصوص أُخذ بطريقة ليست كما هي عليه، لافتا إلى أن من يتوجب عليهم الحصول على تأشيرات مسبقة من سفارات وقنصليات اليمن بالخارج، هم معظم جنسيات الدول الأوروبية، وبعض الدول الصناعية الكبرى، وأنه بمعالجة هذا القرار بالتنسيق مع الحكومة، فإنه لن يؤثر على حركة القدوم السياحي لليمن. * بعد انتهاء مؤتمر لندن ماذا تأملون من إجراءات في مقبل الأيام.. وما توقعاتكم؟

- نتمنى أن نرى نتائج ملموسة على الواقع المعاش.. لمساعدة اليمن على تجاوز الأزمات التي يمر بها، وبخاصة الأزمات المرتبطة بمحاربة الإرهاب، لأن الانعكاسات السلبية على قطاع السياحة أصبحت نافذة. وتؤثر في شريحة واسعة من المجتمع القطاع السياحي، لأنه حساس لقضايا الأمن والقضايا المرتبطة بسلامة السياح. مؤتمر لندن سلط الضوء على كثير من القضايا المرتبطة بتنمية الواقع الاقتصادي للجمهورية اليمنية، ما يساعدنا على تجاوز هذه الأزمات.

* ماذا عن طموحات اليمن من مؤتمر آخر من المقرر أن ينعقد في الرياض الشهر المقبل؟

- مؤتمر الرياض سوف يسلط الضوء على القضايا الاقتصادية وقضايا التنمية بشكل أساسي، وبخاصة أن هناك رؤى مختلفة لكيفية التعامل مع قضايا التعهدات من قبل المانحين، وكيفية دعم التنمية في اليمن. ومن الأهمية بمكان الإعداد لمؤتمر الرياض بشكل مثالي، حتى يخرج بدعم لليمن يساعده على تبني رؤية متكاملة للقضايا الاقتصادية، حتى تكون هي المخرج الأساسي الذي نركز عليه في قضية محاربة الإرهاب.

* هل تعطينا توضيحا أكثر عن الخسائر في قطاع السياحة خلال الفترة القريبة الماضية بسبب القلاقل وبسبب الإرهاب؟

- الخسائر كبيرة جدا، وبخاصة إذا ما رأينا أن نسبة النمو التي كانت مستهدفة كانت تصل إلى أكثر من 15% لم يتحقق منها سوى 7%، وهذا مؤشر سلبي يجعل من عملية استخدام الفنادق يتدنى إلى مستوى مخيف يؤدي إلى خسائر مباشرة في القطاع السياحي، وإخراج عدد كبير جدا من العمالة إلى الشارع. وهذا يفاقم من البطالة، ويفاقم من الوضع الاقتصادي في اليمن. بالنسبة إلى انخفاض حركة السياحة القادمة من أوروبا، فإننا نعاني بشكل قوي جدا، وبخاصة أن هناك هبوطا في حركة السياحة من ألمانيا وإيطاليا. والكثير من القطاعات المرتبطة بالقطاع السياحي، سواء في قطاع الفندقة أو في قطاع وكالات السياحة، أو النقل، أو الإرشاد السياحي، تأثرت بشكل مباشر من الأحداث في اليمن.. ما نأمله، إن شاء الله، أن نتجاوز هذه الأزمات في وقت قياسي، حتى نضمن استقرار القطاع السياحي.

* في اعتقادكم ما السبب الأساسي الذي يجعل السياح يعزفون عن زيارة إلى اليمن في الفترة الأخيرة، بشكل محدد؟ هل بسبب تنظيم القاعدة في البلاد، وما ينشر عنها، أم بسبب قلاقل أخرى موجودة في البلاد؟

- لا هذه ولا تلك.. ولكن الأسباب التي تجعل السياح الغربيين يعزفون عن زيارة اليمن، تتركز بشكل قوي في التحذيرات الصادرة من الدول الأوروبية. وهي تحذيرات غير منصفة، جعلت اليمن يعاني بشكل مباشر بسبب قضية القدوم السياحي وقضية ترويج المنتج السياحي. وكذلك بسبب التناولات الصحافية السلبية التي جعلت أو صورت اليمن على أنه مشابه لبعض الدول التي تعاني من الإرهاب منذ فترة طويلة كالعراق وأفغانستان. واليمن بعيد كل البعد عن هذا الوضع. التحذيرات الصادرة من الدول الغربية هي التي فاقمت الوضع السياحي في اليمن، وليس فقط الوضع الأمني في البلاد.

* هل تحدثتم إلى الدول الأوروبية والغربية حول تضرر بلدكم من تحذيراتها لرعاياها من السياح من التوجه إلى اليمن؟

- لدينا اتصال مباشر مع شركائنا في العمل السياحي في المنطقة الأوروبية، وهناك شركات علاقات عامة تتولى عملية متابعة التحذيرات الصادرة من الدول الأوروبية، وذلك بالشراكة مع وزارة الخارجية اليمنية، وتم وضع السفراء في هذه القضية. المحور الأساسي في محاربة الإرهاب ليس اتخاذ مواقف مساندة للإرهاب من خلال الوصول إلى أهدافهم، بمنع القدوم السياحي إلى اليمن، إنما بالوقوف مع اليمن بشكل واضح وصريح.. اليمن شريك أساسي في محاربة الإرهاب على مستوى العالم، ولذلك ينبغي أن نكون منصفين في كيفية التعامل مع دعم اليمن في هذا التوجه، من خلال الدعم التنموي وليس من خلال التقليص لفرص دعم التنمية ودعم الاقتصاد اليمني.

* كانت لدى وزارة السياحة طموحات في مجال الاستثمارات السياحية، إلى أين وصلت؟ وماذا تتوقع بشأنها؟

- هناك تأثير في الاستثمارات السياحية والاستثمار بشكل عام بسبب الظروف التي يمر بها اليمن، لكن تظل في حدها الأدنى. خطة الاستثمار في القطاع السياحي تسير كما هو مقرر لها، وكما رسم لها مجلس الوزراء. أيضا ملتقى الاستثمار السياحي العربي القادم، سيمكننا من عرض الكثير من المشاريع الاستثمارية السياحية على المستثمرين العرب والأجانب، وبخاصة أن اليمن به تنوع كبير جدا، يمكننا من عرض منتج سياحي متطور ومتجدد، من أجل جذب كثير من الأسواق السياحية من مختلف أنحاء العالم.

* هل هناك أي برامج لتجنيب اليمنيين العاملين في القطاع السياحي في البلاد خطر فقدان وظائفهم في هذه المرحلة العصيبة؟

- هناك بعض الخطوات الإجرائية التي تم اتخاذها من قبل وزارة السياحة ووزارة الشئون الاجتماعية المعنية بالعمالة، تضمن الحد الأدنى من الحقوق للعاملين في القطاع السياحي بما يضمن استقرارهم، وبخاصة بالنسبة إلى الأوضاع التي بدأت تظهر من خلال تسريح العمالة في بعض الفنادق. وقانون العمل يضمن عدم تسريح العمالة، إلا في اشتراطات بين العامل وبين المنشأة السياحية. وإن شاء الله نتجاوز هذه الأزمة، ولا يكون هناك تسريح للعمالة في الوقت المنظور، بإذن الله.

* بالنسبة إلى قرار الحكومة منع منح تأشيرات من المطارات اليمنية للأجانب القادمين من الخارج.. هل مثل هذا القرار سيؤثر في السياحة؟ وكيف تتعاملون مع هذا القرار؟

- هذه القضية أثيرت أول من أمس في مجلس الوزراء، وهناك رؤية تم وضعها لكيفية التعامل مع قضية التأشيرات السياحية، والتأشيرات المرتبطة بقدوم الأجانب.. القرار فُسر بطريقة غير سليمة. هو منع منح التأشيرة من داخل المطارات، وليس منع التأشيرات. كانت هناك تسهيلات أعطيت لبعض الجنسيات بمنح تأشيرات دخول إلى الجمهورية اليمنية، ولدينا الآن رؤية مع الإخوة في وزارة الداخلية للتعامل مع قضية التأشيرات، من خلال منح التأشيرات المسبقة من سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج، وأيضا وضع آلية تضمن الحصول على التأشيرات من المطارات، ولكن أن يكون ذلك منذ وقت مبكر.. التفسير الذي وُضع أمام الرأي العام العالمي في منع التأشيرات أُخذ بطريقة ليست كما هي عليه، وإنما منعت التأشيرات من المطارات لبعض الجنسيات.

* وما الجنسيات التي منعت من الحصول على تأشيرات في المطارات؟

- معظم جنسيات الدول الأوروبية، وبعض الدول الصناعية الكبرى، وليس من جنسيات الدول العربية.. المجموعة الأوروبية كانت تتمتع بامتيازات معينة، وبالتالي رئي أن هناك حدودا يجب أن تتخذها الحكومة اليمنية لمنح التأشيرات من السفارات والقنصليات منذ وقت مبكر، أما بالنسبة إلى الدول العربية التي تسمح بالمرور لليمنيين، فالوضع كما هو عليه.

* لكن هناك من يرى أن قرار عدم منح التأشيرات من المطارات يمكن أن يؤثر هو الآخر في تراجع حركة السياحة الغربية إلى اليمن؟

- لا.. بمعالجة هذا القرار، فإنه لن يؤثر في حركة القدوم السياحي لليمن، في مجملها. أؤكد أن القرار ليس منع دخول هذه الجنسيات، بل منع منح التأشيرة من المطار مباشرة، وإنما تمنح من السفارات والقنصليات، كما هو متبع في كثير من دول العالم. أنا كوزير إذا أردت أن أزور بريطانيا، فيجب أن أحصل على تأشيرة من سفارة المملكة المتحدة، وليس من مطار بريطانيا. والقادمون من بريطانيا يحصلون على تأشيرات من سفارات أو قنصليات اليمن في المملكة المتحدة، ولم يعد في الإمكان منحهم، في الوقت الحالي، التأشيرات من المطار.. هذا هو التفسير لقضية التأشيرات.