حماس تتهم إسرائيل باغتيال أحد قادتها في دبي.. والحكومة تكشف مغادرة متهمين أوروبيين بعد العملية

قائد شرطة الإمارة لـ«الشرق الأوسط» : بدأنا اتصالات مع الدول الأوروبية لاستعادة المشتبه فيهم

رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أثناء زيارته عائلة محمود عبد الرؤوف مبحوح في مخيم جباليا بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

فيما اتهمت حركة حماس، أمس، إسرائيل باغتيال محمود المبحوح، أحد أبرز قادة كتائب القسام، في دبي بالإمارات العربية المتحدة، في العشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي، أعلنت حكومة دبي أنها تعرفت على المتهمين في عملية الاغتيال الذين يحملون جنسية أوروبية، فإن دبي قالت في الوقت ذاته إن المشتبه فيهم غادروا الإمارة فور قيامهم بعملية الاغتيال، التي تمت في أحد فنادق الإمارة.

وأكدت كتائب القسام، الذراع المسلحة لحماس، في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، أنها سوف ترد على هذه «الجريمة» في الزمان والمكان المناسبين.

وفيما شددت حماس على أن المبحوح كان قد سافر إلى دبي في مهمة عمل رسمية، قالت مصادر في شرطة دبي إن قائد حماس المغتال لم يكن كذلك «لم نعرف مهمته ولم يأت بصفة رسمية».

وقال القائد العام لشرطة دبي، ضاحي خلفان، لـ«الشرق الأوسط»، إن كل الجناة يحملون جوازات أوروبية، «وباتت لدى الشرطة أسماؤهم وصورهم أيضا»، مشيرا إلى أننا أجرينا اتصالات دولهم ونحن نتواصل مع كل من له علاقة بالموضوع، مؤكدا: «لن نترك أي مشتبه فيه تشير إليه أصابع الاتهام حتى نتصل بدولته ونأخذ المعلومات الكافية، وأنا أتوقع أن كل هذه الدول سوف تتعاون، وفي حال عدم تعاون بعض الجهات نقول إن على من لا يتعاون أن يتوقع أن لا نتعاون معه».

وفي حال ما إذا كانت إسرائيل بالفعل هي من قام بعملية اغتيال قائد حماس في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن هذه العملية ستكون هي الأولى من نوعها التي تقوم بها تل أبيب في دول خليجية.

وفي رده على أسئلة «الشرق الأوسط» يقول الفريق خلفان: «مبدئيا لدينا مجموعة أشخاص من حملة الجنسية الأوروبية، ونتعامل مع حملة الجنسية الأوروبية على أنهم أوروبيون، ولا نعرف إن كان هؤلاء الأشخاص مزدوجي الجنسية»، وذلك في معرض إجابته عن إمكانية حمل أعضاء هذه المجموعة الجنسية الإسرائيلية، لكنه أشار إلى: «إننا سنطلب التعاون مع كل الدول التي ترجع إليها جوازات الجناة.. وكل دولة مسؤولة عن مواطنها وفقا لجواز السفر الصادر».

وفيما أكد خلفان قائلا: «إننا سنبذل كل جهد في متابعة هؤلاء الأشخاص عبر الطرق الرسمية لدولهم والشرطة الدولية، وتوصلنا إلى خيوط تتعلق بالقضية»، لفت إلى أن دولة الإمارات العربية لم تضر أي أحد، وكل من يحاول أن يخلق إشكالية فيها ينبغي أن يقدم للعدالة إذا كان هذا الفعل يقع كجريمة يعاقب عليها القانون، مشددا على أنه «إذا كانت هناك أي عصابات لديها ملاحقات يجب أن لا تكون على أرضنا».

وفيما يتعلق بطبيعة المهمة التي وجد المبحوح لأجلها في دبي قال خلفان: «المبحوح لم يلتق أحدا، وكان في زيارة ولم نعرف مهمته، ولكنه جاء بمفرده ولم يأت بصفة رسمية ولم يكن معه حتى أي مرافق».

وتقول شرطة دبي إن المجني عليه المعروف باسم محمود المبحوح - فلسطيني الجنسية - قد دخل إلى دولة الإمارات في نحو الساعة الثالثة والربع من بعد ظهر يوم الثلاثاء 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، قادما من إحدى الدول العربية (لم تسمها)، «حيث عُثر على جثمانه ظهر اليوم التالي في الفندق الذي كان يقيم فيه في دبي».

وقال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بعد إتمام مراسم دفن المبحوح في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك في دمشق، أمس: «سنثأر لدماء هذا العملاق الزكية والأيام سجال بيننا.. يوم لنا ويوم علينا... سنثار لدم هذا الرجل».

وأضاف: «لقد آلمنا قتلته بقتله ولكنها الحرب، سجال بيننا وبينكم، تقتلنا ونقتلك، تحاربنا بالباطل ونقاومك بالحق، هي الحرب بيننا وبينكم، تؤلمنا ونؤلمك، فالحرب مفتوحة لن تتوقف حتى ترحلوا عن أرضنا».

وتابع مشعل: «لا نعرف متى سننتصر عليكم ولكننا واثقون من أننا سنهزمكم.. إن الحرب مؤلمة بيننا وبينكم مدتها عقود طويلة، ولكننا مطمئنون لنتائجها سنهزمكم شر هزيمة وسنمزق صورتكم المزيفة».

وكان المكتب الإعلامي لحكومة دبي قد أعلن، أمس، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، نقلا عن شرطة دبي، أنها قد تمكنت من كشف غموض حادثة مقتل محمود عبد الرؤوف محمد حسن، العضو في حركة حماس، وأن التحقيقات الجارية «ستسهم في سرعة تعقب المشتبه فيهم وتقديمهم إلى المحاكمة في أسرع وقت، وذلك من خلال التنسيق مع سلطات الإنتربول الدولي، حيث غادر المشتبه فيهم البلاد قبيل الإبلاغ عن وفاة المجني عليه والعثور على جثمانه في أحد فنادق دبي».

وصرح مصدر أمني مسؤول في دبي بأن التحقيقات الأولية ترجح أن الجريمة قد ارتكبت على أيدي عصابة إجرامية متمرسة كانت تتبع تحركات المجني عليه قبل قدومه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرا إلى أنه على الرغم من سرعة تنفيذ الجريمة ومهارة مرتكبيها، فإن «الجناة خلفوا وراءهم أثرا يدل عليهم وسيساعد على تعقبهم ومن ثم القبض عليهم في أقرب فرصة»، مؤكدا أن شرطة دبي «لم تعد تعترف بعبارة جريمة غامضة أو مجهولة».

وأوضح المصدر الأمني الإماراتي أن التحقيقات المبدئية أظهرت أن معظم المشتبه فيهم يحملون جوازات سفر أوروبية، مؤكدا أن شرطة دبي ستباشر جميع الترتيبات اللازمة مع الإنتربول الدولي من أجل إلقاء القبض على الجناة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة في أقرب وقت ممكن، ومنوها بأن الأثر الذي حصلت عليه جهات التحقيق سيساعد بشكل كبير في سرعة تعقب مرتكبي الحادثة.

إلى ذلك قالت حركة حماس إن المبحوح من مؤسسي كتائب القسام، وكان هدفا للاحتلال منذ مشاركته في عملية أسر وقتل الجنديين الإسرائيليين، آفي سبورتس، وإيلان سعدون، في بداية الانتفاضة الأولى.

وأكد أبو عبيدة، الناطق باسم القسام: «إن الاحتلال لن يفلت من العقاب، ولن يفلت بجريمته هذه»، مشددا على أن «القسام سترد في الداخل ولن تحول المعركة للخارج حتى مع اغتيال المبحوح خارج فلسطين».

ويعيش المبحوح في سورية، بعد أن أبعد عن غزة عام 1989، وأكد عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن حركته لديها الدلائل بأن المبحوح اغتيل بأيدٍ إسرائيلية. وقال: «نؤكد أن العدو الصهيوني وراء الجريمة ولدينا بالإثبات والدليل من خلال التحقيقات أن يد العدو كانت موجودة، وأن أسلوبه وعملاءه كانوا في المكان».

وكانت حماس نعت المبحوح الخميس قبل الماضي قائلة إنه توفي إثر «عارض صحي مفاجئ ألم به»، دون أن يتحدث البيان عن احتمالات اغتيال، بل اكتفى بالقول إن حماس تجري تحقيقا في العارض الصحي. وقال الرشق، معقبا على النعي الأول: «نحن كنا متحفظين عن ذكر التفاصيل حتى يتم التحقيق، وبعد أن تأكدنا من عملية الاغتيال أعلنا عنها».

وفي وقت قال فيه الرشق إن حركته تتحفظ على الكشف عن طريقة الاغتيال حرصا على سير التحقيقات بالشكل المناسب، قال فائق المبحوح شقيق محمود إن «النتائج الأولية للتحقيقات باغتيال شقيقه أثبتت أنه اغتيل بواسطة جهاز يحدث صعقة كهربائية ثم جرى خنقه بواسطة قطعة قماش». وأضاف أن «شخصين على الأغلب قاما بالاغتيال وفقا للمعلومات التي أبلغنا بها». وتابع المبحوح «شقيقي وصل يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي إلى فندق في دبي في مهمة مكلف بها من حماس، وأبلغت عائلته بوفاته صباح الأربعاء وعملية الاغتيال تمت في الليل». وأوضح أن «حماس أبلغت العائلة أنه تم إرسال عينة من جثة شقيقه إلى مختبرات في باريس التي أثبتت أنه اغتيل بصعقة كهربائية».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن فائق قوله إن شقيقه كان قد نجا خلال السنوات الأخيرة من عدة محاولات لتصفيته، في غزة وفي بيروت، وأضاف: «قبل 6 أشهر تم تسميمه، وظل فاقد الوعي مدة 36 ساعة».

ولم تعقب إسرائيل بشكل رسمي على اتهامها باغتيال المبحوح، لكن وسائل إعلامها المختلفة نسبت له أنه كان يقف وراء تهريب صواريخ ووسائل قتالية من إيران إلى قطاع غزة عبر السودان. وأقيمت منذ الإعلان عن وفاته بالمرض، خيمة عزاء في غزة، وحضرها رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، وقالت وسائل إعلام حماس آنذاك إنه توفي بنوبة قلبية في دولة الإمارات العربية المتحدة. ونعاه هنية كمؤسس للقسام واحد المشرفين على عدة عمليات هامه.

وقال الرشق، معقبا على التكتم على سبب وفاته كل هذا الوقت: «نحن كنا متحفظين عن ذكر التفاصيل حتى يتم التحقيق، وبعد أن تأكدنا من عملية الاغتيال أعلنا عنها». ووصل جثمان المبحوح إلى سورية الخميس قبل الماضي، ودفن أمس، وتأخرت مراسم دفنه 10 أيام، بسبب التحقيقات والفحوصات التي أجرتها الجهات المختصة في دبي، لمعرفة ظروف وملابسات وفاته.