رفعت عيد يتهم مصر بالتخريب على المصالحة السعودية - السورية

لقاء «كسر الجليد» سيتحقق أخيرا بين الحريري وعيد

TT

رفعت القوى الأمنية من مستوى جهوزيتها في منطقتي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس (شمال لبنان)، منذ أول من أمس، كما سير الجيش دوريات مكثفة لحفظ الأمن، بعد أن تم العثور على قنبلتين موضوعتين في غالون من البنزين بالقرب من منزل نائب الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي، رفعت علي عيد. وصباح أمس تم العثور على قنبلة جديدة ملقاة في سوق القمح على الخط الفاصل بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، مما استدعى التساؤل حول من له مصلحة في إشعال فتيل الفتنة من جديد بين هاتين المنطقتين الحساستين، اللتين عانتا من اشتباكات دموية متقطعة منذ 7 أيار (مايو) 2008، وحتى أشهر قليلة خلت.

جدير بالذكر أن منطقة جبل محسن تقطنها غالبية علوية، اعتبرت باستمرار محسوبة على المعارضة اللبنانية، بينما تقطن منطقة باب التبانة غالبية سنية تناصر الموالاة، وبشكل خاص تيار المستقبل ورئيس الوزراء سعد الحريري.

واللافت أن هذه التطورات جاءت بعد أن انتشرت أجواء المصالحات إلى الشمال اللبناني، وبدأت لقاءات تعقد بين زعماء كان من غير الممكن لقاؤهم في فترات سابقة. فقد شكلت زيارة رفعت علي عيد لوزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي مفاجأة للطرابلسيين، رغم أن العلويين والمناصرين لعيد كانوا قد انتخبوا الصفدي بشكل ساحق في الانتخابات النيابية العام الماضي، للاقتصاص يومها من نجيب ميقاتي الذي كانت علاقته قد توترت مع سكان الجبل.

لكن التكهنات بأن هذه الزيارة جاءت لتميز الصفدي عن فريق 14 آذار وتقربه بشكل خاص من سورية تبدو مستبعدة، بعد أن تبين أنها تأتي ضمن سلسلة لقاءات لعيد مع زعماء في 14 آذار. كما أن رفعت عيد يستبعد أن تكون التوترات التي يحاول البعض إشعالها بين منطقته ومنطقة باب التبانة هي فعل أفراد خارجين عن القانون، وإنما هي عمل الجهة المتضررة من المصالحات. ويقول رفعت عيد لـ«الشرق الأوسط»: «مصر هي الجهة المتضررة من المصالحة السورية - السعودية. الحزب العربي الديمقراطي كان دائما محسوبا على المعارضة الحليفة لسورية في الشمال. والسفير المصري لمح بعد الاحتجاجات التي قامت أمام السفارة المصرية في لبنان اعتراضا على الجدار الفولاذي إلى جهة إقليمية دفعت إلى هذه الاحتجاجات، قصد منها سورية».

ويضيف رفعت عيد «من الصعب فصل الأمور عن بعضها، واعتبار القنابل التي توضع هنا وهناك مجرد عمل أفراد مخربين، فهذا ما لا يمكن تصديقه. هذه أمور لا يقوم بها أفراد معزولون». ويؤكد عيد أن ما يحدث لن يغير شيئا والمصالحات مستمرة، ويضيف «لقد التقيت الوزير محمد الصفدي منذ أيام، وسألتقي عمر كرامي اليوم (أمس)، وبعد غد (غدا) سيجمعني لقاء برئيس الوزراء سعد الحريري، لنعمل على مصالحة على المستوى الشعبي. إذ لا يصح أن تبقى العلاقات بين أهالي المنطقتين على النحو الذي هي عليه الآن».

جدير بالذكر أن العلاقة كانت شبه مقطوعة بين الرئيس سعد الحريري والحزب العربي الديمقراطي الذي يتزعمه علي عيد والد رفعت، واللقاء الوحيد بين الأمين العام للحزب ونائبه رفعت علي عيد بالرئيس الحريري حدث يوم المصالحة الطرابلسية الشهيرة في 9 سبتمبر (أيلول) من عام 2008، وفي أجواء متوترة إثر معارك دامية. وأريد من المصالحة يومها وقف النزيف بين باب التبانة وجبل محسن، لكن الوضع، وإن هدأ بعض الشيء، فإن التوتر استمر لأشهر طويلة بعد ذلك. وبالتالي فإن اللقاء الذي يفترض أن يعقد غدا أو بعد غد، على أبعد تقدير بين الرجلين، ستسلط عليه الأضواء وسيكتسب أهمية استثنائية نظرا لما لهذه العلاقة من حساسية شعبية، ولما تدلل عليه من بعد سياسي. إذ إن الحزب العربي الديمقراطي يعتبر من أكثر الأحزاب الشمالية موالاة لسورية وارتباطا بها.

القيادي في تيار المستقبل والنائب السابق مصطفى علوش يؤكد أن الزيارة ستحصل، لكنه لا يرى أن الهدف منها الوصول إلى مصالحة شعبية بين المنطقتين، ويضيف «المشكلة ليست على المستوى الشعبي. القضية بين المنطقتين بدأت سياسية وانتهت سياسية، وهو ما أوصل الوضع الشعبي إلى ما هو عليه من الاحتقان. وبالتالي فإن تهدئة الجو السياسي سينعكس على الناس بطبيعة الحال». وعما إذا كان هناك جدول أعمال لهذه الزيارة يقول علوش «لا جدول أعمال، ولا اتفاقات جديدة. كل ما في الأمر هو أن هذا اللقاء لإشعار الناس بأن الجليد قد انكسر، ولا شيء أكثر من هذا». ولا ينفي علوش أن تكون القنابل المتنقلة في المنطقة هي للتشويش على المصالحات التي تحصل. ومقابل اعتبار مصر هي المتضرر من المصالحات في رأي رفعت علي عيد، يقول علوش «إن المتضررين كثر سواء في لبنان أو في سورية». وعن الجهة التي يتهمها في سورية يقول «لا أعرف من هم المتضررون، وقد يكونون أفرادا أو جماعات في أي من البلدين».