«تيار المستقبل» أمام اختبار إقناع جمهوره بالمشهد السياسي الجديد قبل 14 فبراير

مناصرون مستاؤون من المقاربة الجديدة تجاه سورية.. ويشتكون من عدم تحضيرهم بشكل جيد

TT

بمجرد أن قرر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الاحتفال بالذكرى الخامسة لاستشهاد والده بتجمع كبير في ساحة الشهداء، على غرار ما كان يحدث في السنوات السابقة، بدأت أسئلة كثيرة تطفو على السطح، ثمة من يتساءل اليوم، كم عدد المؤيدين لفريق 14 آذار، الذين سيتحمسون للنزول إلى ساحة الشهداء بعد أسبوعين؟ وهل سيدعو الزعيم الدرزي وليد جنبلاط محازبيه للنزول بكل قوتهم كما جرت العادة سابقا، على الرغم من أنه انتقل إلى موقع وسطي، كما يقول، ولم يعد يعتبر نفسه من 14 آذار؟ وكم عدد المسيحيين من 14 آذار الذين يشعرون بأن مشاركتهم في هذه الذكرى لا تزال مجدية لقضاياهم السياسية؟

بكلام آخر، فإن شعبية تيار المستقبل وفريق 14 آذار، عموما، ستكون على المحك، في ذكرى استشهاد الرئيس الحريري، خاصة بعد وصول التبرم والامتعاض إلى صفوف بعض محازبي التيار، إثر زيارة الحريري إلى سورية وتنازله للمعارضة اللبنانية في التشكيلة الحكومية، يقول أحد المحازبين للتيار الذين ناضلوا طويلا في السنوات الماضية من أجل «السيادة» و«الاستقلال»: «عند رؤية الرئيس سعد الحريري في سورية يقبّل الرئيس الأسد، استغرب الناس لماذا ذهب إلى هناك؟ وما الذي تغير؟ نحن كمحازبين، لم نكن مهيئين لهذا المشهد، كنا نسمع ونعرف أن ترتيبات تحصل وأن الزيارة وشيكة، لكن القياديين في التيار، لم يحضروا الناس بالقدر الكافي»، يضيف المحازب: «ومع ذلك أيدت الغالبية الشيخ سعد في خطوته، وقالوا إنه ضحى من أجل لبنان، لأنه رجل كبير، وثمة فئة من الناس، تقول إنها تؤيده مهما فعل». لكن أحد المؤيدين للتيار الذين كانوا يهتفون لنصرة الشيخ سعد، يقول، إنه يشعر اليوم بإحباط كبير، كذلك يقول أحد محازبي تيار المستقبل: «ليس كل مؤيدي التيار يتفهمون تغير مواقف سعد الحريري الأخيرة تجاه سورية وحزب الله والمعارضة عموما، فمنهم الملتزمون، ولكن منهم من لا يستطيعون نسيان العداء لسورية»، طبيب أسنان، كان يؤيد بحماسة كبيرة تيار المستقبل، يقول إنه يلمس من زبائنه، تذمرا مستمرا، من الخطاب الجديد. القيادي في التيار مصطفى علوش، وعضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار، لا ينكر أن القاعدة الشعبية في التيار لم يتم إطلاعها بشكل كافٍ أو تحضيرها للمتغيرات التي حصلت بسرعة، ويقول: «إنه بعد زيارة الرئيس الحريري لسورية كان لا بد من شرح الخطوة للمحازبين، وقد عقد الرئيس سعد الحريري اجتماعا مؤخرا مع محازبين، شرح لهم الخطوة التي قام بها تجاه سورية وفي الداخل اللبناني، ووجد تأييدا، لكن طرحت عليه بعض التساؤلات عن مصير المحكمة الدولية، فطمأنهم وأكد أنها مستمرة، وأنه مصرّ على أفضل العلاقات مع سورية بما يخدم المصلحة اللبنانية».

وعند سؤال النائب السابق مصطفى علوش عما سيفعله تيار المستقبل، لمعالجة الضياع الذي يشعر به مؤيدوه الذين يتذمرون بسبب التغيرات السريعة في المواقف، يجيب علوش: «المشهد الذي رآه الناس في الشام، أحدث صدمة، في البداية، وسيقوم سعد الحريري، على الأرجح قبل 14 فبراير (شباط) بشرح ما تم سواء تجاه سورية أو في الداخل، وما نلمسه أن جمهور التيار لا يريد المواجهة مع أحد، لكنه يحتاج للتفسير والشرح والإجابة على تساؤلاته، كي يستوعب الناس ما حدث». وكان مناصرون لتيار المستقبل قد ثاروا منذ بضعة أسابيع، على قرار اتخذه وزير الطاقة جبران باسيل، بتقنين الكهرباء في منطقتهم، وقطعوا الطرقات، ظنا منهم أن الحريري سيناصرهم ضد وزير الطاقة صهر الجنرال ميشال عون، لكن ما حصل كان العكس، ووقف وزراء ونواب تيار المستقبل ضد مناصريهم، وانتصروا لقرار وزير الطاقة، لكن مصطفى علوش يشرح بأن «التقنين تم بقرار حكومي لمراعاة المصلحة العليا». أمور لا ينظر إليها مؤيدو تيار المستقبل بإيجابية في مرات كثيرة، وربما القوى الأخرى في 14 آذار خاصة المسيحيين منهم، وتحديدا «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب»، النائب السابق مصطفى علوش يؤكد أن لا تباين لا في السر ولا في العلن مع «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب»، بل هو تنسيق كامل، بين سعد الحريري وقياداتهم، وإن كان من تباين في بعض الأحيان، فهو لأن سعد الحريري هو رئيس وزراء لبنان اليوم، وتصريحاته تأتي من هذا المنطلق، كلام قد لا يقنع البعض، ويبقى على محك اختبار المناصرين المعترضين الذين سيطلب منهم التجمع في 14 فبراير (شباط) المقبل، ويقول أحد المطلعين على ترتيبات الاحتفال، إن ذكرى الرئيس الراحل رفيق الحريري، لها بعد وجداني وعاطفي، يمكن أن يساعد على جمع الناس وتوحيدهم، لكن الاختبار الحقيقي لشعبية فريق 14 آذار، ستكون على المحك في 14 مارس (آذار) المقبل، تلك الذكرى السياسية التي ترتبط بمواقف وتوجهات سياسية، تعرضت لنكسات عميقة.