في وقت قال فيه سمير حسنى، مسؤول إدارة التعاون العربي الأفريقي بالجامعة العربية، إن الجامعة غير راضية بعد عن تحقيق طموح العرب والأفارقة في خلق شراكة استراتيجية بينهما، قالت مصادر عربية وأفريقية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن عدة دول أفريقية تعارض رغبة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في تمديد رئاسته للاتحاد الأفريقي، المزمع عقد أعمال قمته غدا الأحد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ومن المقرر أن يشارك فيها عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية. وبدا أمس أن القذافي يسعى للحصول على دعم الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي من أجل بقائه في منصبه رئيسا للاتحاد، الذي يتولاه منذ العام الماضي لفترة ولاية ثانية تنتهي العام المقبل، ليكون بذلك رئيسا للقمة العربية التي ستنقل إليه من قطر عندما تستضيفها ليبيا نهاية مارس (آذار) المقبل، فضلا عن رئاسة القمة العربية، الأفريقية التي ستعقد في طرابلس أيضا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال دبلوماسيون عرب وأفارقة إن القذافي يريد تحقيق سابقة تاريخية في هذا الإطار عبر مزامنة رئاسته للقمة العربية مع بقائه رئيسا للاتحاد الأفريقي.
ويحمل القذافي، فضلا عن كونه رئيسا للاتحاد الأفريقي، عدة ألقاب إقليمية من بينها لقب عميد الحكام العرب باعتباره الأطول بين نظرائه من حيث البقاء في السلطة والحكم (40 عاما حتى الآن)، بالإضافة إلى لقب ملك ملوك أفريقيا.
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم تعريفها أن هناك بعض الدول الأفريقية التي تعارض رغبة القذافي على أساس أنها تمثل تعديا على مبادئ عمل الاتحاد الأفريقي التي تجعل من رئاسة هذه التجمع الإقليمي الذي يضم 52 دولة أفريقية، ممارسة للعملية الديمقراطية في القارة السمراء.
وقال دبلوماسي عربي، عضو أحد الوفود العربية المشاركة في القمة، لـ«الشرق الأوسط»: «نعم، نسمع عن ضغوط ومساع ليبية على بعض الدول الأفريقية. الليبيون يعملون هنا بشكل مكثف للحصول على دعم الأفارقة لبقاء القذافي رئيسا لمدة إضافية».
لكن الدبلوماسي نفسه، الذي اشترط عدم تعريفه، لاحظ في المقابل أن المساعي الليبية تصطدم بمعارضة بعض الدول الأفريقية. وقال: «الحديث يتردد عن أنه (القذافي) يريد الاستمرار، بيد أن بعض الدول على رأسها جنوب أفريقيا والدول التي تسير في فلكها ترفض هذا الاتجاه لأنه يمنع مبدأ تداول رئاسة الاتحاد الأفريقي بين دوله».
ورأى دبلوماسي أفريقي أن رغبة القذافي في البقاء لفترة ثانية رئيسا للاتحاد الأفريقي تتطلب تعديل ميثاق الاتحاد نفسه. وأضاف: «يبدو هذا صعبا لكنه ليس مستحيلا». ويجري تداول رئاسة الاتحاد الإفريقي سنويا في تقليد شبه صارم، حيث تتعاقب عليها دول من مناطق أفريقيا الخمس. ومن المفترض أن تعود الرئاسة هذه العام إلى منطقة أفريقيا الجنوبية التي اقترحت مالاوي. ومن المقرر أن يلقي موسى كلمة بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال سمير حسني مسؤول إدارة التعاون العربي الأفريقي بالجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أديس أبابا، إن موسى سيبحث على هامش هذه القمة تحديد موعد القمة العربية الأفريقية المرتقبة في ليبيا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بالإضافة إلى تقديم تقرير كامل عن التعاون العربي الأفريقي، ومنها حث الدول على مشاركة في اجتماعات وزراء الزراعة العرب والأفارقة التي ستعقد في الفترة من 12 إلى 14 الشهر المقبل في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر لإقرار خطة وبرنامج عمل لتحسين أوضاع الزراعة والأمن الغذائي في أفريقيا والعالم العربي. ولفت حسني إلى أن المعرض التجاري العربي الأفريقي سيعقد دورته السابعة في جيبوتي نهاية هذا العام، مشيرا إلى أن التعاون المشترك بين الدول العربية والأفريقية قد حقق نقلة نوعية في مجالات متعددة خلال السنوات الماضية رغم عدم انعقاد القمة المشتركة. وأضاف: «في المجال الثقافي أنشأنا مجلسا للثقافة في مالي يترأسه سعودي، وطورنا التعاون في المجال الصناعي والاستثمار، وحاليا يتم صياغة مشروع غرفة تجارية عربية مشتركة للعمل على منطقة تفضيلية مشتركة»، موضحا أن مؤسسات التمويل العربية تقوم بدورها في الدول الأفريقية وعلى رأسها صندوق المعونة الفنية التابع للجامعة العربية.
لكن حسنى قال مع ذلك: «هذا لا يرضي طموح العرب والأفارقة لخلق شراكة استراتيجية وخلق فضاء مشترك في ظل التكتلات الحالية.