واشنطن تسعى إلى التوصل إلى صفقة تعاون مع المشتبه فيه بحادث تفجير طائرة عيد الميلاد

النيجيري عبد المطلب قدم للمباحث الأميركية معلومات مهمة عن معسكر التدريب في اليمن والشخص الذي قدم له 80 غراما من المادة المتفجرة

TT

قالت مصادر مطلعة على التحقيقات الجارية مع عمر عبد المطلب المشتبه فيه بمحاولة التفجير الفاشلة لطائرة الركاب الأميركية فوق ديترويت، إن السلطات الأميركية تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يضمن تعاون المشتبه فيه، في الوقت الذي ظهرت فيه معلومات جديدة حول سرعة الوكالات الأمنية في التعامل معها، وأخرى تتحدث عن تخبط الإدارة في التعامل القانوني معها.

وكان المشرعون الجمهوريون قد شنوا هجوما حادا على الرئيس أوباما ووزارة العدل، قائلين إنهم ربما يكونون قد ضيعوا على البلاد معلومات استخباراتية هامة عبر الموافقة على مثول عمر الفاروق عبد المطلب أمام المحكمة الفيدرالية، بدلا من خضوعه لنظام المحاكم العسكرية.

لكن معلومات جديدة أشارت إلى أن عبد المطلب (23 عاما) التزم الصمت حتى قبل أن تتلى عليه حقوقه بإمكان التزام الصمت، وهو أمر كان يمكن أن يأتي متأخرا إذا كان قد وضع في السجن العسكري، وكان عبد المطلب قد تحدث إلى السلطات قبل الخضوع للعلاج من حروق من الدرجتين الثانية والثالثة أسفل خاصرته، وقعت خلال محاولته تفجير رحلة «نورث ويست» رقم 253.

وقد أثار الحادث انتقادات، من بينها أن الوكالات الفيدرالية فوتت إشارات استخباراتية هامة، كان من الممكن أن تحول دون وقوع الهجوم، وأعادت إشعال فتيل المناقشات الحامية بشأن كفاءة أدوات تنفيذ القانون التقليدية في مواجهة التهديدات الإرهابية.

وقال المصدر، إن محامي الطالب النيجيري في مفاوضات يمكن أن تسفر عن اتفاق حول تقاسم المزيد من المعلومات، تؤدي في النهاية إلى الاعتراف بالجريمة.

وأشار المصدر، الذي رفض ذكر اسمه بسبب حساسية المعلومات واستمرار التحقيقات، إلى أن المفاوضات معرضة للانهيار قبل موعد المحاكمة المحدد في أبريل (نيسان)، لكن أعضاء بارزين في جهاز الأمن القومي التابع للإدارة أعلنوا أن الاتفاق بشأن الاعتراف بالجريمة محتمل، بالنظر إلى عقوبة السجن مدى الحياة التي تنتظر عبد المطلب، على خلفية الاتهامات باستخدام الطائرة كسلاح دمار شامل.

من جانبها، رفضت ميريام سافير، المحامية العامة في ديترويت، التعليق على القضية هذا الأسبوع، كما رفض المتحدث باسم وزارة العدل في واشنطن التعليق على صحة الأنباء. وكان أحد مسؤولي الإدارة قد قدم تقريرا يضم جدولا زمنيا، استكمل عبر المقابلات مع مصادر فيدرالية، يؤكد على سرعة استجابة من قبل الوكالات الأمنية المتعددة للتعامل مع الحادث، وذكر التقرير أن الطائرة هبطت في مطار ديترويت متروبوليتان واين كاونتي في الساعة 11:53 دقيقة، بعد 7 دقائق من تلقي السلطات المحلية إنذارا بالخطر من الخارج، وقد استقبلت الطائرة من قبل كثير من الوكالات، من بينها إدارة حماية الحدود والجمارك الأميركية، وإدارة أمن النقل، وإدارة الجمارك والهجرة، وشرطة المطار، والفرق الطبية الطارئة.

وتولى عملاء الجمارك اعتقال عبد المطلب ونقلوه من الطائرة، وأخذوه إلى غرفة قريبة للتحقيق معه، وقال مسؤول الإدارة: «كانت هناك الكثير من فرق الشرطة التي شاركت في التحقيق، والتي استمعت إلى شهود العيان».

وعندما اصطحب عبد المطلب إلى المركز الطبي لجامعة ميتشغان في آن بور، التقى به عملاء من مكتب التحقيقات الفيدرالي في ديترويت وقد استشاروا الأطباء، وقرروا أن عبد المطلب كان يتمتع بوعي كامل.

وأشار مصدر فيدرالي آخر إلى أنه خلال التحقيق الذي استمر 50 دقيقة، قدم عبد المطلب لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي معلومات رئيسية، من بينها المكان الذي تدرب فيه على القيام بالعملية، والشخص الذي قدم له 80 غراما من المادة المتفجرة، التي غالبا ما تستخدم من قبل الجيش.

وأوضح مايكل ليتر، رئيس مركز مكافحة الإرهاب الوطني خلال شهادته أمام لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب هذا الأسبوع: «كانت التحقيقات الأولية التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي قيمة إلى حد كبير»، وفي الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات في القضية، ناقش مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي ومسؤولو وزارة العدل الإمكانية والكيفية التي يمكن أن يمنح من خلالهما المشتبه فيه السماح بالتزام الصمت، لكن هذا الحق لم يقدم لعبد المطلب خلال التحقيقات الأولية.

نقل مسؤولو الرعاية الصحية عبد المطلب لتلقي العلاج في الساعة الـ5 مساء بعد ظهر يوم 25 ديسمبر (كانون الأول)، وترأس جون بيرنان مستشار مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض مؤتمرا عبر الفيديو (كونفرنس) مع ممثلي الهيئات الاستخباراتية. وعاود العملاء زيارة عبد المطلب في الساعة الـ9، ليجدوه أكثر إصرارا على أفكاره الجهادية، وطالب بمحام، ثم تلا عليه وكلاء المكتب حقوقه، ووجهت إلى عبد المطلب اتهامات جنائية في اليوم التالي، بعد اجتماع فريق الأمن القومي الخاص بالرئيس، والذي قدمت فيه وزارة العدل رؤيتها حول محاكمته.

وقال السيناتور الجمهوري البارز عن ولاية ألاسكا وعضو اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ جيف سيشنز، إنه وقع هذا الشهر رسالة مع 20 سيناتورا جمهوريا آخرين يطالبون فيها الرئيس أوباما بنقل عبد المطلب إلى سلطات البنتاغون.

وقال سيشنز، أول من أمس: «آمل أن يوضح الرئيس أوباما خلال الأيام القادمة للأميركيين السبب وراء تمسكه بالاعتقاد أن الإرهابيين الأجانب يجب ألا يعاملوا كمجرمي حرب كما هم فعلا، ومعاملتهم بدلا من ذلك كمدنيين بدوافع إجرامية».

ويقول مسؤولو الإدارة، إنهم متحيرون من ردود الفعل القوية من جانب الديمقراطيين، فمنذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 خضع كل المشتبه فيهم بتنفيذ هجمات إرهابية على الأراضي الأميركية إلى المحاكمة أمام المحاكم الفيدرالية، ومن بينهم مفجر الحذاء ريتشارد ريد وديفيد هيدلي المتهم باستكشاف المواقع لمنفذي هجمات مومباي الإرهابية في 2008، وآديس ميدونجانين المتهم بالتورط في مؤامرة استهداف نيويورك، الذين قدموا معلومات لمكتب التحقيقات الفيدرالي بعد أن تليت عليهم حقوقهم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»