قرأت تصريح محافظ «بنك الإمارات المركزي»، الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية، الأسبوع الماضي، ومفاده أن بلاده لا تبحث العودة إلى الوحدة النقدية الخليجية. بعد أن قرأت تصريح المحافظ خطر لي أن هذه التصريحات قد يكون الهدف منها المناورة. وبدأت أبرر: من الطبيعي في التجمعات السياسية أن تظهر بعض الإشكالات، وأن يناور طرف على بقية الأطراف، بغية الحصول على مكاسب سياسية معينة، وهذا مشروع. ولا أعرف إن كانت هذه القراءة صحيحة مني، أم أنها صدى لما في نفسي كمواطن خليجي، يطمح إلى أن يرى شيئا محققا على الأرض يفرح به، أم أنه عشم في الإماراتيين المشتهرين بالتسامح، أم كلها معا.
بعد أن هدأت ثورتي العاطفية ورغباتي كمواطن منتم إلى المنطقة يحتاج أن يلمس إنجازا، قلت لعل الإماراتيين درسوها بمنطق الاقتصاد، وأحسوا بأن خسائرهم فادحة. بدأت أبحث عن الخسائر، فلم أجد شيئا يذكر، ولكني وجدت كثيرا من المكاسب يحققها الإماراتيون، أهمها أن دبي برؤيتها العامة اختارت أن تكون مدينة الخدمات في الشرق الأوسط، مما يعني قدوم الخليجيين لها، وتقابلهم مع نظرائهم في بقية أنحاء العالم. والدليل على ذلك أن زوار المدينة بلغوا 40 مليون في عام. والآن أبوظبي في طريقها لإعادة التشكيل نحو نمو سريع، ووجود عملة موحدة يساعد على التنقل بين الأقطار، مع إزالة حاجز الجوازات. ونحن نقول الآن منطقة اليورو، ونسينا أوروبا، أو قل استعمالها، لا سيما في وسائل الإعلام. وجميعنا كسكان منطقة أقل من 40 مليون نسمة، نرغب أن نكون منطقة الدينار، أو الريال، أو أي اسم يتم اختياره للعملة الجديدة يشعرنا بالاتحاد، فلا تستكثروا علينا عملة موحدة.
وفي ظني أن العالم ينفتح، والبحرين قد تأخذ دور دبي، أو تأخذه الدوحة على الرغم من عدم حاجتها الآن، ولكن تطوير بنيتها التحتية وانفتاحها سيجعلانها مقصدا، وهاتان الدولتان عضوان في العملة. التعنت قد لا يفيد إذا كانت المكاسب واضحة، فهل يا ترى هي مناورة؟ أم أنه حلم مواطن خليجي يتمنى أن تشارك فيه أبوظبي ومسقط؟ ودمتم!
* كاتب اقتصادي