يقضي 23 طالبا في الأكاديمية الدولية للفنون في رام الله جل وقتهم في مراسمهم الخاصة، يتعلمون ويكتسبون مزيدا من الخبرة عبر ابتكارهم أعمالا فنية مختلفة، وعلى كل واحد منهم أن ينهي 4 سنوات من التعليم قبل حصوله على درجة البكالوريوس، التي لا تمنحها سوى هذه الأكاديمية في الأراضي الفلسطينية.
وقبل أيام افتتحت الأكاديمية مراسمها أمام الجمهور لمشاهدة بعض الأعمال الفنية التي أبدعها الطلبة، وهذه ثاني مرة تفتح فيها الأكاديمية مراسمها أمام الجمهور، إذ فعلت هذا العام الماضي.
وقالت مدير مشروع الأكاديمية تينا شيرويل لـ«الشرق الأوسط»: «إن افتتاح مراسم الكلية أمام الجمهور يهدف إلى اطلاع الجمهور على إبداعات الطلبة من أجل خلق حوار واحتكاك بين الطلبة ومحيطهم». وبحسب شيرويل فقد استفاد الطلبة واستمعوا إلى إطراءات وملاحظات وانتقادات. وتأسست «الأكاديمية الدولية للفنون» عام 2006، وبدأت تدريس الفنون في 2007، ومن المفترض أن تتخرج أول دفعة في 2011، وتتلقى الأكاديمية تمويلا من وزارة الخارجية النرويجية وتعمل بالتعاون مع أكاديمية «أوسلو» الوطنية للفنون التي تعتبر شريكا لها. ويدرس الطلاب الرسم والتصوير والنحت والتشكيل، وشهدت المراسم أعمالا فنية عكست إلى حد كبير معاناة الفلسطينيين، وركز أحد الأعمال على عمليات هدم منازل الفلسطينيين في القدس، عبر عرض أجزاء وأدوات من البيوت المهدمة تم إيصالها بخيوط رفيعة نحو الأرض. ووقف أحد الطلاب أمام صورة كبيرة للشاعر الراحل محمود درويش وأخذ يلعب النرد، في محاولة لتجسيد قصيدة درويش الشهيرة «لاعب النرد».
وقامت إحدى الطالبات بصنع سلم من ملابس قديمة في إشارة إلى «الأمل» الذي يجب أن يبقى عند الفقراء والمساكين. وأوضحت شيرويل، «لا نريد أن نخرج فنانين وحسب، بل مبدعين قادرين على مواجهة واختلاق حلول للمشكلات من خلال نظرة أوسع للعالم المحيط». وتخطط الأكاديمية مستقبلا لمنح درجة الماجستير، على الرغم من أنها لم تحصل على اعتراف فلسطيني بعد بدرجة البكالوريوس، وأرجعت شيرويل ذلك للإجراءات الصعبة في وزارة التعليم، لكنها قالت إنهم ماضون في الحصول على اعتراف فلسطيني.
ويتلقى كل طالب في الأكاديمية دروسا خاصة، من أجل تشجيعه على التفكير الإبداعي. وتقول شيرويل إن الأكاديمية تمثل بوابة للتواصل مع قطاع الفنون الواسع في دول العالم، وتفتح مدارك الطلاب وتوسع نظرتهم.
ويقول القائمون على الأكاديمية إن إنشاءها يستجيب لحاجة المجتمع في التنمية الفنية، التي تتضافر مع الجوانب التنموية الأخرى، لتحقيق النمو الثقافي لدى الأفراد والجماعات في إطار من التسامح والتعددية وسعة الصدر والروح. والأكاديمية الدولية للفنون تعرف نفسها على أنها مشروع فلسطيني، يهدف إلى الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية الجمعية، والتاريخ الفلسطيني، والهوية الثقافية الوطنية، حيث ستسعى الأكاديمية من خلال الفن، إلى تقديم صورة جديدة أكثر موضوعية وإنسانية لفلسطين.
وقال الفنان خالد الحوراني، وهو محاضر في الأكاديمية: «نعمل على تحسين جودة الإنتاج الفني وهذا لا يتأتى إلا من خلال مؤسسة تعليم جدية ومعاصرة» ومن وجهة نظر الحوراني فالفن هو «المعرفة من أجل التغيير».
وينطلق القائمون على الأكاديمية من منطلق «أن الفن بحاجة إلى جهد تطويري، وتمكيني، وتعبوي مستمر، مثله في ذلك مثل أي مجال آخر». وقالت الطالبة ليان شوابكة: «يوجد هنا حرية وتبادل للأفكار، يمكن هنا أن نبني ذاتنا».
ويدرس الطلبة في بيت المؤرخ الفلسطيني الشهير الراحل عارف العارف. وكان هذا البيت أول غاليري في الضفة الغربية، وأغلقته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وأصبح بشكل غير رسمي مكانا ومسكنا للفنانين لسنوات كثيرة تحت الاحتلال، وفيما بعد، ضم هذا المبنى دائرة الفنون التشكيلية في أول وزارة فلسطينية للثقافة، وبعد أن أخلت الوزارة المبنى، شغلته الأكاديمية الدولية للفنون.
واليوم أقامت الأكاديمية في المنزل قاعة مكعبة بيضاء متعددة الأغراض، ويضم الطابق الأول من البيت قاعة معارض فنية، تستخدم أيضا استوديو، بينما يضم الطابق الأرضي مكاتب الموظفين الإداريين، وموظفي الجمعية الفلسطينية للفن المعاصر. وفي كل يوم يذهب جمهور جديد ليطلع على الأعمال الفنية، حتى الثاني والعشرين من الشهر الحالي.