كرس نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لقاءاته مع القادة الإسرائيليين، أمس، لطمأنتهم بأن إدارة الرئيس باراك أوباما تواصل تقاليد السياسة الأميركية في دعم إسرائيل وأمنها. وقال إنه لا توجد أية فجوة بين بلاده وإسرائيل بكل ما يتصل بأمن الدولة العبرية، وأن أمن إسرائيل هو من أمن الولايات المتحدة.. وأضاف في الوقت نفسه أن الأمن لا يكون بالوقفة الدفاعية فحسب، بل أيضا بإنجاز اتفاقيات سلام شامل وثابت بينها وبين جيرانها العرب.
وذكرت مصادر إسرائيلية، حسب صحيفة «معاريف»، أمس، أن بايدن تحدث عن ثلاثة مسارات للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، أحدها القائم حاليا ويعتبر مفاوضات غير مباشرة، والثاني مفاوضات جارية حاليا بمستوى التنسيق اليومي حول بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ويتم مع رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ومسار ثالث بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ولكن المسار الثالث غير قائم حاليا ويريد الأميركيون تفعيله بشكل سري لكن الجانب الفلسطيني لم يوافق على ذلك بعد.
ورفض عزام الأحمد عضو لجنة توجيه المفاوضات الفلسطينية التي اعاد ابو مازن احياءها برئاسته، الخوض في تصريحات بايدن قبل اللقاء المرتقب اليوم مع ابومازن والقيادات الفلسطينية الأخرى.
وتتشكل لجنة التوجيه التي ستكون برئاسة ابومازن كما كانت ابان الرئيس الراحل ياسر عرفات، من 14 عضوا مختارين من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح.
ونفى الأحمد ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن تغيير الطاقم التفاوضي الفلسطيني.وقال لـ «الشرق الأوسط» هذا كلام غير صحيح على الاطلاق وأن الحديث كما قلت له علاقة بلجنة التوجيه فحسب. وقال بايدن إن «الولايات المتحدة ستقف دوما إلى جانب أولئك الذين يخاطرون من أجل السلام»، وأضاف أن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين «ستطلق عملية السلام لكن بالتأكيد لن تنهيها، ومن أجل التوصل إلى سلام شامل لا بد من المفاوضات المباشرة بين الطرفين». وأوضح أن الإدارة الأميركية «متفائلة من نجاح المفاوضات، لأن نقاط الاتفاق بين الطرفين أكثر وأكبر بكثير من نقاط الخلاف».
وأثنى بايدن على القادة الإسرائيليين والفلسطينيين الحاليين، نتنياهو وأبو مازن، ورئيس حكومته، فياض. وقال موجها كلامه إلى نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في نهاية لقائهما في القدس المحتلة، أمس: «قمت سيدي رئيس الحكومة في السنة الأخيرة بخطوات مهمة في طريق التقدم نحو السلام، مثل تجميد البناء في المستوطنات وإعطاء تسهيلات في حرية التنقل في الضفة الغربية، كذلك السلطة الفلسطينية تبذل جهودا في مجالي الأمن والاقتصاد وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية. ونحن نساندكم في هذه الجهود ونبذل قصارى جهدنا لإنجاح المسيرة السلمية بينكم».
وكان بايدن قد التقى، أمس، مع نتنياهو وعقد معه مؤتمرا صحافيا مشتركا. ثم انتقل إلى مقر الرئاسة حيث استقبله شيمعون بيريس. ثم زار قبر مؤسس الحركة الصهيونية، ثيودور هرتسل، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحق رابين، الذي اغتيل برصاص يهودي يميني متطرف. وفي المساء تناول العشاء على مائدة نتنياهو وزوجته. واليوم من المقرر أن يلتقي الرئيس الفلسطيني ورئيس حكومته.
وكما كان متوقعا، حرص بايدن على الإشادة بالحكومة الإسرائيلية ورئيسها وإظهار علاقات ودية حميمة بشكل خاص معها، فيما اعتبره الإسرائيليون محاولة منه لتغيير الانطباع السائد في الولايات المتحدة من أن إدارته لا تثق بنتنياهو وتتعامل معه ببرود تمهيدا لممارسة الضغوط عليه. فمثل هذه الأجواء لا تساعد إدارة أوباما والحزب الديمقراطي في انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني). فقد كتب بايدن في كتاب التشريفات في دار الحكومة الإسرائيلية ما يلي: «إسرائيل محظوظة بقيادتك (يقصد قيادة نتنياهو). وأنا محظوظ بأنك صديقي». ورد نتنياهو على بايدن قائلا: «إسرائيل محظوظة بك وأنا سعيد بأن لي صديقا مثلك».
واعتبر أحد نواب الليكود المتطرفين، داني دنون، أن هذا الغزل خطير. وقال إنه يخشى أن تدفع إسرائيل ثمنا باهظا لقاءه، في تنازلات سياسية للفلسطينيين. لكن نتنياهو رد قائلا إن استئناف المفاوضات الحالي هو خطوة مباركة لكنها لا ينبغي أن تزعج أحدا في إسرائيل: «فنحن نتفاوض حاليا حول إطار التفاوض وشكله وأسلوبه. ولكن عندما يبدأ التفاوض حول القضايا الجوهرية ستكون تلك مفاوضات مباشرة وسنطلع المواطنين على تفاصيلها».
وقال بيريس من جهته إنه يدعم خطة فياض، بشأن بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، واعتبر هذه الخطوة، إلى جانب مواصلة المفاوضات، مطلوبة وإيجابية، مضيفا أنه يتوجب على الطرفين تقديم تنازلات.
وتطرق بايدن ونتنياهو وبيريس إلى الموضوع الإيراني بالتفصيل، خلال اللقاءات، ومما قاله بايدن: «تعاوننا هو في مجالات عدة، لكن حجر الأساس في علاقتنا هو التزام الولايات المتحدة التام تجاه أمن دولة إسرائيل. وأنت تعرف (نتنياهو) أن لا فرق بين الولايات المتحدة وإسرائيل عندما يدور الحديث عن الأمن، ولهذا السبب ولأسباب أخرى سيبقى موضوع إيران النووي مركزيا. فنحن نعمل كي لا تحصل إيران على سلاح نووي، وهم مجبرون على وقف أمور أخرى مثل دعم الجماعات الإرهابية». وأردف: «الرئيس أوباما وكذلك أنا نعتقد بأن ضمان أمن إسرائيل والسلام الشامل في الشرق الأوسط، سيؤدي في نهاية المطاف إلى تطبيع مع العالم العربي بأسره».
وقال بيريس إنه يرى أن هناك ثلاثة محاور ينبغي أن تتركز عليها الجهود الأميركية هي: «دعم الفلسطينيين في بناء مؤسسات الدولة، وقيادة الحملة الدولية ضد التسلح الإيراني وإقامة حزام أمني لمنظومة الدفاع الصاروخي ضد التهديد الإيراني».