قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الحكومة الأميركية تعديل قوانين مقاطعة إيران والسودان وكوبا للسماح لشركات الإنترنت والتكنولوجيا الأميركية بتصدير خدمات إنترنت لهذه الدول يأتي «في إطار ضمان أن المواطنين في تلك الدول يستطيعون ممارسة حقوق الإنسان العالمية وحرية الكلام وجمع المعلومات». وأشار المسؤول الأميركي إلى تقرير أصدرته أول من أمس وزارة الخزانة الأميركية يقول إن قسم السيطرة على الممتلكات الأجنبية في الوزارة (أو إف إيه سي) قدم تفاصيل للقرار، وجاء فيه أن الهدف هو «توفير رخص عامة تسمح بتصدير خدمات إنترنت معينة، مثل البريد إلكتروني، وغرف نقاش، والرسائل المكتوبة، وشبكات التواصل الاجتماعي».
وقال نيل وولين، نائب وزير الخزانة الأميركية، إن القرار سوف «يسمح للإيرانيين والسودانيين والكوبيين بممارسة حقوقهم الأساسية». وأضاف وولين: «أوضحت الأحداث الأخيرة في إيران قوة الاتصالات عن طريق الإنترنت، مثل البريد الإلكتروني، والشبكات الاجتماعية والرسائل المكتوبة». لكن، أكد وولين أن هذا الاستثناء على خدمات الإنترنت والتواصل لا يلغى بقية بنود قوانين مقاطعة هذه الدول. وتابع: «خلال الوقت نفسه الذي نعلن فيه هذه الاستثناءات، سنواصل تشديد تطبيق المقاطعات المستمرة. وفي العمل مع شركائنا الدوليين لزيادة الضغط على حكومة إيران لمواجهة التزاماتها الدولية».
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي قالت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، إن «حرية استخدام شبكة الإنترنت أصبحت من المبادئ الأساسية في السياسة الخارجية الأميركية». وقالت: «المقاطع المصورة والمواد المنشورة عبر المدونات أصبحت الشكل الحديث للمنشورات المناهضة للحكومة».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس، إنه بينما تعد إيران الهدف الرئيسي لقرار تصدير خدمات الإنترنت بغض النظر عن العقوبات، فإنه توجد دلالات بالنسبة للسودان وكوبا، حيث تسعى الإدارة أيضا لفتح مزيد من قنوات الاتصال على العالم الخارجي.
ونقلت الصحيفة على لسان مسؤول في وزارة الخزانة أنها ستوفر تراخيص إلى مقدمي مثل هذه الخدمات على أساس كل حالة على حدة. وستتبع بوجه عام نهجا إيجابيا حيالهم. من بين هذه الخدمات خدمة «هايستاك» التي ما زالت في انتظار تصريح من وزارة الخارجية، وتتيح هذه الخدمة للمستخدمين الهروب من رقابة السلطات على الإنترنت. وقد جرى تطوير «هايستاك» من قبل «مركز أبحاث الرقابة»، وهو منظمة غير هادفة للربح مقرها سان فرانسيسكو. ويستخدم «هايستاك» صيغا رياضية لإخفاء تنقلات مستخدم شبكة الإنترنت عن أعين الجهات الرقابية الرسمية.
وقال أوستن هيب، الذي اشترك مع زميله دانيال كولوشيون، في اختراع تكنولوجيا «هايستاك» في ولاية كاليفورنيا لـ«الشرق الأوسط» إن المشروع بدأ بعد المظاهرات في إيران التي كثر فيها استعمال موقع «تويتر» ومواقع إلكترونية أخرى.
وقال إن «هايستاك» يقدم معلومات غير مشوشة عبر مواقع مجهولة إلى المشتركين، موضحا أن بعض الإيرانيين استخدموه لتبادل المعلومات والأخبار والصور خلال المظاهرات بدون أن تقدر الرقابة الإيرانية على تشويشها أو منعها.
وتابع: «عن طريق كومبيوتر واتصال إنترنتي، يقدر أي شخص على أن يتحدى الرقابات الحكومية والتشويشات الاستخباراتية. ويقدر على تخطي كل الحواجز الوطنية والثقافية والاجتماعية».
وقال إن «هايستاك» يناسب أنظمة «ويندوز» و«ماك» و«يونيكس» وغيرها. وإنه يستخدم عمليات حسابية معقدة. وعن قدرة الحكومات والاستخبارات على عرقلة تكنولوجيا «هايستاك»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نستعمل تكنولوجيا تشفيرية قوية، ولهذا، حتى إذا استطاع شخص اختراقنا، لن يقدر على أن يقرأ ما اخترق». وأشار إلى اسم التكنولوجيا «هايستاك» (كوم حشيش جاف)، موضحا: «الوصول إلى التكنولوجيا التي اخترعناها، وتفسيرها، وسط كل الحركة العالمية في الإنترنت، مثل العثور على إبرة في كوم من الحشائش الجافة».
ومن المتوقع أن تستفيد شركات مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«ياهو» من قرار الإدارة الأميركية الأخير، حيث كانت تلك الشركات تعاني من القيود المفروضة على التصدير. بيد أن المديرين التنفيذيين لهذه الشركات تساءلوا إلى أي مدى سيمكنهم اختراق أسواق لا يزال استخدام الإنترنت فيها يخضع لقيود حكومية ورقابة مشددة.
إلى ذلك قال مسؤول تنفيذي في شركة «غوغل» إن الإجراء الذي اتخذته واشنطن لتشجيع موفري خدمات الإنترنت على توسيع نطاق خدماتهم لتشمل إيران والسودان وكوبا «إنجاز رائع». وقال روبرت بورستين، رئيس قسم الاتصالات في «غوغل»، أمام منتدى حقوق الإنسان في جنيف: «نأمل في أن يكون لهذه (الخطوة أثرها).. إن النشاطات حول العالم تأخذ خطوة صغيرة على طريق طويل ممتد أمامها دون شك». وقال بورستين إن حرية الإنترنت تواجه تهديدا من الديمقراطيات الغربية وكذلك من الدول التي تحظى بقدر أقل من الحريات، لكن بأوجه مختلفة.
واستشهد بالصين وإيطاليا كدول تبنت أخيرا قرارات يرى أنها تقيد حقوق التعامل عبر الإنترنت.
وانتقد المسؤول التنفيذي بـ«غوغل» الصين، وقال إن حكومة بكين «قيدت (غوغل) بشدة»، مشيرا إلى أن شركته رفضت الرقابة على عمليات البحث بنفس الحجم الذي تقوم به شركة «بايدو» المنافس المحلي لـ«غوغل» في هذا البلد الأكبر في العالم من حيث عدد السكان.