جاءت تصميمات البريطاني الراحل أليكساندر ماكوين كلاسيكية بحتة بلمسات دينية وتأثيرات فنية بيزنطية، شبيهة بالمنحوتات الخشبية التي تزيين كاتدرائية سانت بولز في لندن وقصرَي هامبتون كورت وبلينهام بلاس.
اختير فندق «كليرمونت تونير» الباريسي الشهير الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، مكانا لعرض تشكيلة المصمم ماكوين، الذي وافته المنيّة قبل أربعة أسابيع فقط من افتتاح أسبوع باريس الحالي للأزياء.
الفندق هو المكتب الرئيسي لمجموعة «بي بي آر - إس إيه» التي تمتلك مجموعة «غوتشي»، ولهذا فإنها تمتلك أيضا 51 في المائة من ماركة أليكساندر ماكوين.
أجواء المكان وديكوره جاءت مناسبة جدا لتشكيلته الغارقة بالجماليات الكلاسيكية الأوروبية، الأمر الذي جعل البعض يتساءل حول ما كان يقصده ماكوين بهذا التشكيلة، هل أراد بها أن تكون خاتمة لأعماله كأنها قطعة موسيقية جنائزية كالتي كان يكتبها كبار المؤلفين الموسيقيين تتويجا لأعمالهم، أمثال موتزارت الذي كتب واحدة من أروع مؤلفاته الموسيقية خصيصا لجنازته (موتزارت ركويام)؟
الحضور سحب وحبس أنفاسه، احتراما لذكرى الراحل المصمم وذهولا لما شاهدوه، عندما دخلت سبع عارضات تطأ أقدامهن الأرض بوقار وببطء على أنغام موسيقى أوبرالية كان يستمع إليها ماكوين (40 عاما) عندما كان يحضر لتشكيلته قبل وفاته غير المتوقعة. وكان ماكوين قد وُجد ميتا في شقته في ماي فير بوسط لندن، وكان قد ترك ورقة يشرح فيها أنه قرر أن ينهي حياته.
العرض الذي دام 15 دقيقة أعاد المصمم إلى الحياة مرة ثانية. وكانت العارضات تتقدمن على المنصة أمام مرايا بإطارات كلاسيكية متناسقة مع التشكيلة والثيمة التي طغت على اأجواء المكان بشكل عام، وكلما قربت العارضة من الجمهور، تظهر صورتها في نفس الوقت وهي تبتعد عنه. مصممو العرض أرادوا من ذلك جمع أليكساندر ماكوين في حضوره وغيابه في نفس الوقت.
عندما توُفّي المصمم الراحل لم تكتمل التشكيلة بعد، وقال العاملون معه الذين أكملوا ما بدأه المايسترو، إنه تمكن من إنجاز 80 في المائة من 16 فستانا كان يعمل عليها. وتمكن طاقم العمل من إنجاز ما تبقى دون الإخلال بتشكيلته في شكلها النهائي كما أرادها المصمم.
ومع آخر عارضة، والتي كانت ترتدي تصميما بلياقة عالية ومعطفا طويلا صُنع باليد ومرصعا بريش ذهبي اللون ارتدته فوق تنورة مثقلة بالتطريزات، همست إحدى مساعدات المصمم الراحل بكلمات: «هذا كل شيء، لا شيء آخر بعد ذلك»، واضعة مع هذه الكلمات حدا لنهاية العرض وتصميمات مبدع لن يقدم لنا شيئا آخر بعد اليوم.