فقد مجتمع المال والأعمال في السعودية أحد رجالاته من الذين يعدون الأكثر شهرة والأكثر حرصا على البعد عن الأضواء في شخص رجل الأعمال الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الجميح، نائب رئيس شركة الجميح القابضة عن عمر يناهز الـ 89 عاما إثر نوبة قلبية مفاجئة.
وينتمي الشيخ عبد الرحمن الجميح إلى فئة الرعيل الأول من التجار السعوديين، الذين مارسوا مهنة التجارة بدون خلفية أكاديمية واعتمادا على الموهبة والذكاء الفطري والكثير من التصميم والإصرار ومن خلال أعمال عائلية توسعت مع مرور الأيام لتصبح من أهم وأكبر الأسماء التجارية في المنطقة.
رجل الأعمال منصور بن محمد العبد الله الجميح، ابن عم الفقيد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الفقيد بدأ بمزاولة التجارة مبكرا منذ نعومة أظافره معاونا لوالده وعمه وإخوته، وانتهى به الأمر لتولي قيادة العمل في فرع الشركة بجدة منذ سنوات عديدة.
وأضاف منصور الجميح أن الحرص والحذر والابتعاد عن المغامرة كانت السمات الأبرز لنهجه الاقتصادي والإداري، وهو الذي كان دائما يعتمد مقاربة الحيطة والحذر في مواجهة الأزمات العاتية التي تعكر صفو الاقتصاد المحلي والعائلي واقتصاد البيوتات التجارية العريقة بشكل خاص.
وتابع «هذا ما مكنه من لعب دور مهم وجوهري في حماية الشركة من رياح الأزمة الاقتصادية العاتية والحفاظ عليها بحالة ممتازة وثابتة على الرغم من الإشكالات الكثيرة التي هزت أركان أكبر وأهم الشركات العائلية في الخليج، حيث كان يؤثر دائما الابتعاد عن خيارات الرهن والتوسع غير المدروس مهما كانت المغريات».
وإلى جانب الحرص والحذر اللذين كان يتسم بهما الجميح الراحل، فإنه أيضا اتصف بالتواضع الشديد، وعدم اهتمامه بالظهور الإعلامي رغم أعماله الخيرية الكثيرة التي كان يحرص على القيام بها بنفسه بحسب ابن عمه، والتي لا تنحصر فقط بمدينته الأم «شقراء» (200 كيلو متر غرب العاصمة الرياض) إذ كان لديه العديد من الإسهامات الخيرية داخل المملكة وخارجها وكان عضوا فاعلا في عدد من الجمعيات الخيرية.
وبالنسبة للفقيد الجميح، فقد كان التخطيط لكل شيء وقبل البدء بأي شيء هو المفتاح الأساسي لبدء أي مشروع أو فكرة أو عمل يرغب في أدائه، كما يقول المحيطون به، وهو ما أكده الراحل بنفسه من خلال ورقة العمل التي ألقاها في المنتدى الأول للشركات العائلية في دبي عام 2006. حيث أكد حينها على أن التخطيط يعتبر ذا أهمية محورية وجوهرية لاستمرارية واستقرار الشركات العائلية، وتحدث مطولا عن مدى الحاجة إليه في معالجة العديد من المشاكل التي تواجه وستواجه الشركات العائلية مستقبلا وتهدد استقرارها واستمرارها.
وبحسب منصور الجميح فقد عرف عن الشيخ الفقيد حكمته وترويه في الأمور، الأمر الذي جعله مستشارا يقصده الجميع ليس فقط على مستوى عائلته وشركته، حيث كان كبار رجال الأعمال من مختلف المناطق يلجأون إليه طلبا للنصيحة واستنارة بسنوات عمره المديد الذي قضاه في التجارة حتى آخر لحظة. ويضيف الجميح أن الراحل كان يهوى رحلات البر والصيد، قبل أن يميل للقراءة والتعبد في السنوات الأخيرة حيث كان يحرص على قضاء شهر رمضان كاملا في بيت الله الحرام في كل عام.
وتنتمي أسرة الجميح أصلا إلى مدينة شقراء التي تقع في منطقة الوشم وسط المملكة، وهي مدينة تاريخية تقع على ملتقى الطرق التجارية شرق وغرب وشمال وجنوب البلاد، الأمر الذي جعل أهلها مشهورين باحتراف التجارة منذ عصور طويلة. ومن العوائل التجارية المعروفة بها عائلة الجميح التي بدأت بمزاولة حرفة التجارة منذ عشرات السنين، قبل تسجيلها واعتمادها بنظام السجل التجاري في العام 1956م، وبرأسمال يبلغ 10 ملايين ريال حينها.
وكانت نشاطاتها حينها محصورة في استيراد المواد الغذائية عن طريق الكويت والبحرين، والأقمشة والتمور والبن والهيل، إضافة إلى العمل في مجال الصيرفة، لتبدأ بعدها بمرحلة الانتشار والتطور، والاتجار في السيارات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بعد حصول الشركة على وكالات فورد، وجنرال موتورز، وجي إم سي، وشيفروليه وغيرها. ولتصبح شركة قوية ذات اسم كبير ومعروف ولها فروع في مختلف مناطق ومدن المملكة وتتنوع نشاطاتها التجارية ما بين التجارة والصناعة والاستثمار، والعقار، والمقاولات والمصرفية الإسلامية.