لندن تدعو الأفغان لتسوية سلمية مع طالبان

محامون سعوديون وأفغان عرب يشاركون في المفاوضات

طابور من قوات الجيش الأفغاني في انتظار وصول وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم وارداك ونظيره الأميركي روبرت غيتس في معسكر بلاك هورس للتدريب بالعاصمة كابل أمس (أ.ب)
TT

دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الأفغان أمس إلى إعطاء دفعة لتسوية سلمية مع مقاتلي طالبان، وقال إن على جيران أفغانستان أن يدعموا هذا الاتفاق. ونشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس مقتطفات من الكلمة المقرر أن يلقيها ميليباند في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، جاء فيها: «قصدي هو القول: لقد آن الأوان للأفغانيين من أجل أن يتعهدوا تسوية سياسية بالعنفوان والحماس اللذين نواصل بهما جهودنا العسكرية والمدنية». وسيقول: «يجب أن نحدد كيف ستنتهي. أفغانستان لن تحقق سلاما مستديما أبدا ما لم ينضم مزيد من الأفغان للنظام السياسي ويكون الجيران في جانب التسوية السياسية». وكشفت «الغارديان» عن مشاركة محامين سعوديين وأفغان عرب من الذين شاركوا في القتال ضد الروس. وكشفت «الغارديان» نقلا عن مصادر مطلعة أن اعتقال الملا برادر القائد العسكري لطالبان في كراتشي الشهر الماضي كان ضربة قاسية لـ«المصالحة الأفغانية»، مشيرة إلى أنه ربما تخطى الاستخبارات العسكرية الباكستانية التي كانت تدعم طالبان، وأن عملية جمع المعلومات قامت بها «سي آي أيه»، ونفذتها الشرطة الباكستانية. وكانت «الشرق الأوسط» أجرت لقاء سابقا مع عبد الله أنس صهر عبد الله عزام الزعيم الروحي لـ«الأفغان العرب»، كشف فيه عن مبادرة السلام الأفغانية، ومشاركة عدد من عناصر طالبان المعتدلين وآخرين مقربين من الرئيس كرزاي فيها.

وصرح عبد الله أنس الملقب بـ«الشيخ بوجمعة» وهو أحد زعماء المجاهدين العرب، في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بأن مؤتمر لندن حول أفغانستان قد يتوج بالنجاح عند «تذليل العقبات» أمام إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، والقضاء عليها. وأشار أنس لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نتائج المؤتمر قد تتسم بالإيجابية إذا ما تم البحث في العقبات التي تتمثل أولاها في الوجود الأجنبي على الأراضي الأفغانية، ومن ثم «مستقبل ارتباط تنظيم القاعدة بحركة طالبان، وأخيرا شرعية السلطة الأفغانية. ودعا أنس السعودية لتقوم بدور الوسيط في حل المشكلة بين الأفغان، مشددا على أنها الدولة الوحيدة القادرة على إنجاح مفاوضات السلام الأفغانية لأسباب عدة تعود إلى «العلاقات الطيبة التي تربط السعودية بالجهاد الأفغاني منذ 30 عاما». يذكر أن المؤتمر الدولي حول أفغانستان بمشاركة وفود من 70 دولة، الذي اختتم أعماله في لندن نهاية يناير الماضي، أصدر بيانا أكد فيه على ترحيب المشاركين كافة في فعاليات المؤتمر بالجهود التي تبذلها الحكومة الأفغانية لإعادة دمج عناصر من حركة طالبان وضعت السلاح جانبا في المؤسسات المدنية في البلاد. وتعكس تصريحات ميليباند التصالحية التي ترد في كلمة يلقيها بالولايات المتحدة قبولا متزايدا في الغرب لأن يلعب مقاتلو طالبان الذين يقطعون علاقاتهم بتنظيم القاعدة دورا في مستقبل البلاد. وكان ميليباند ذكر أمس أمام منتدى للشؤون الخارجية بمكتبة كينيدي في بوسطن أنه «لم يعد هناك حل عسكري لأفغانستان»، موضحا: «الحقيقة بشأن التمرد ومكافحة التمرد هي أنه لم ينته عسكريا قط. لم ينته إلا سياسيا». وتابع: «أفغانستان لن تحقق سلاما مستديما أبدا ما لم ينضم مزيد من الأفغان للنظام السياسي ويكون الجيران في جانب التسوية السياسية». وكان غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني زار أفغانستان مطلع الأسبوع الحالي، وتنتشر معظم القوات البريطانية بإقليم هلمند جنوبي أفغانستان حيث تشن القوات بجانب القوات الأميركية والأفغانية عملية عسكرية واسعة النطاق ضد معاقل حركة طالبان. ويشعر البريطانيون بقلق متزايد من الخسائر العسكرية في أفغانستان؛ فقد قتل ستة جنود بريطانيين هناك في الأيام العشرة الماضية ليرتفع العدد الإجمالي إلى 272 منذ عام 2001. وفي المقتطفات من الكلمة التي سيلقيها، قال ميليباند إنه يجب أن تضم أي تسوية سياسية «جميع جيران أفغانستان فضلا عن الذين يرغبون من حركة التمرد في قطع علاقاتهم بشكل دائم مع تنظيم القاعدة والتخلي عن تمردهم المسلح والعيش في الإطار الدستوري الأفغاني»، وأضاف أنه لن تكون هناك تسوية في أفغانستان من دون مشاركة باكستان ومن دون مشاركة الهند وروسيا والصين في البحث عن حلول. ويعتزم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي عقد مؤتمر للسلام في 29 أبريل (نيسان) لبحث جهود تحقيق المصالحة مع مقاتلي طالبان وزعمائهم. وكانت حركة طالبان قد رفضت اقتراحات كرزاي بالسلام مرارا قائلة إن على القوات الأجنبية أن تترك أفغانستان أولا، غير أن بعض «المباحثات حول إجراء محادثات» قد جرت وإن كانت مترددة.