أكد الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، أن المملكة العربية السعودية تتحمل مسؤوليتها أمام العالمين، العربي والإسلامي، والعالم أجمع، بصفتها خادمة للحرمين الشريفين وقبلة للمسلمين ومهبطا للوحي. وقال إن المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي العهد والنائب الثاني، تعي مسؤوليتها تماما وتتشرف بها، خصوصا أنها تستمد شرعيتها من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام.
وأوضح أمير منطقة الرياض أن السعودية مفتوحة للجميع، مشيرا إلى أن تنظيم معرض سنوي للكتاب في المملكة الهدف منه الانفتاح على العالم، وهي تريد الخير للجميع الذي هو هدف كل إنسان في هذه الأرض. جاء ذلك خلال استقباله ضيوف معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام (2010)، وذلك في مكتبه في قصر الحكم، أول من أمس.
وأشار الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى أن «الإسلام يعطي الإنسان حقوقه كاملة، ويعطي الجماعات حقوقها كاملة، وهو دين يستوعب الجميع، ومكمل للرسالات السماوية، والمملكة تشكل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية، وقامت الدولة السعودية الأولى وانتهت بعوامل خارجة كما تعرفون، ثم قامت مرة ثانية وأقام الملك عبد العزيز - رحمه الله - هذه الدولة سنة 1319هـ (1902) والحمد لله تعاقب على هذه المملكة من بعده أبناؤه: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد (يرحمهم الله جميعا)، والآن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله يقود هذه البلاد للخير والمعرفة. نحن بلد والحمد لله نتقبل الآراء ونتناقش حولها والإنسان طالب كمال، والحق ضالة المسلم على كل حال».
وأعرب عن سروره وسرور المملكة لاستقبالهم في معرض الكتاب، وقال: «لا شك أن الكتاب مدرسة وجامعة، كما تعلمون، ومهما أخذ الإنسان من الشهادات أو نال من العلم، لكن إذا لم يتابع الاطلاع في اختصاصه وفي غير اختصاصه سيقف فقط عند مفتاح الباب، فالشهادة من أجل الوظائف أو الحياة العامة، لكن أقول دائما مع الأصدقاء والإخوان من الأدباء والمؤلفين إن الإنسان لا يكتفي بما تعلم، بل العالم مستمر، وهناك مثل (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد)، ولذلك مسؤوليتكم كمؤلفين هي أن يكون الإنسان صادقا مع ربه ومع نفسه، وأن يكتب ما يستفيد منه وينتفع به مجتمعه. ولا شك أن العلوم كما تعلمون متنوعة، والأفكار تختلف عند كل إنسان، لكن يجب أن تكون الحقيقة هي هدفنا، ومما لا شك فيه أنكم تتعبون، ونحن كقراء ننتقدكم مرات، لكن لو كان الواحد مكانكم وعرف الجهد الذي يبذله المؤلف، وهذا شيء أنا أعرفه من بعض المؤلفين حينما أتكلم معهم فعندما تحتضن المملكة معرض الكتاب السنوي فإنها تريد أن تنفتح على العالم والعالم ينفتح عليها، لأن المملكة، والحمد لله، اتجاهها وهدفها الخير للجميع، والخير هو هدف كل إنسان في هذه الأرض».
وأفاد بأن «النزاعات تتعدى الإنسان وتجعل هناك أخطاء وصوابا، فلذلك المفكر والمؤلف يجب أن يكون جهده متجها إلى أن يبين للناس الحقيقة فيما يكتب، ويكتب ما يفيد مجتمعه، وأنا أقرأ كثيرا والحمد لله، أقرأ القصة وأقرأ مؤلفات كثيرة، وأستطيع أن أقول إن الكتاب هو زميلي دائما، لكن تحملونا كقراء إذا عتبنا على شيء أو إذا قلنا شيئا، ونحن نقدر أن الإنسان يكتب كتابا من عشرات الصفحات أو مئات الصفحات مثلا، لكن كم قرأ من أجل أن يكتب كتابه، قرأ آلاف الصفحات، لكن الإنسان الذي يباشر ويبذل مجهودا فكريا لا شك أنه مطلوب منه أيضا أن يقدر القارئ، ويقدر ما ينفع القارئ، ليس ما يطلبه القارئ، لأنه إذا كان الإنسان يؤلف ما يطلبه الناس فقط من أجل أن يرضيهم، معناها ليس مفكرا أو كاتبا، وفي الوقت نفسه لا يعني ذلك أن يكون معارضا لرغبات الناس.. يقول الحقيقة التي هو يعتقدها، وكما تعرفون الأدباء والكتاب من مختلف الاتجاهات والتخصصات، لكن يجمعنا دائما، الحمد لله، أن الإنسان قارئ ومؤلف يستفيد من الآخر».
وأضاف أن «المملكة، والحمد لله، كما تعلمون تستمد شرعيتها من كتاب الله وسنة رسوله، لأن هذه هي قاعدتها، ويظلم الإسلام من يقول إن الإسلام ضد التطور أو ضد التقدم، لا أبدا، ولو رجعنا إلى التاريخ الإسلامي لعرفنا أنه عندما كان العالم في جهل كيف كان الإسلام في أوائله، إذا كان هناك أحد يسيء إلى الإسلام أو يسيء إلى بلده فهذا ذنبه هو، نحن أمة وسط، هناك جهة مغالية أو متشددة، وهناك من جهة أخرى جهة مفرطة كذلك، لكن الوسط أين هو من الأغلبية الكبرى بين الناس كلهم، يجب أن لا يتقاذفوا بين هؤلاء وهؤلاء، يعني مسؤوليتنا أن نكون دائما وسطيين، لأن الله عز وجل أراد أن نكون أمة وسطا، وعدم التطرف لا يمين ولا يسار، لأن هذا التطرف، كما ثبت، نتيجته الشحناء والخلاف، لكن الوسط نتيجته التآلف والتحاب بين الشعوب وبين الديانات، نحن نقول ما نكون مسلمين حتى نعرف برسل الله عز وجل، وبرسالاته، هذا ديننا الإسلامي الذي يحتم علينا هذا، وهذا نقوله للعالم كله ولا نتردد فيه، لذلك أشعر أنكم مسؤولون، كذلك أشعر أنكم تبذلون جهدا كبيرا».
وتابع: «إن المملكة عندما تقيم معرض الكتاب السنوي فهي تريد أن تعرف ويعرف شعبها أفكارها ويقرأ أفكار الآخرين، وفي الوقت نفسه تريد أن تروا بلادكم المملكة العربية السعودية. نحن بلد الحمد لله مستقر وآمن، وفي الوقت نفسه أنا أقول دائما لبعض الزملاء أنا أرتاح دائما للشخص الذي جاء إلى المملكة من سنين وجاء الآن حتى يعرف الفرق بين هذا وذاك. المملكة قارة بذاتها، يعني - الحمد لله - نجد الآن أن كل مدنها وقراها، الحمد لله، تخدمها كل الخدمات، لذلك نرى التآلف والتحاب».
واختتم أمير منطقة الرياض كلمته بالقول: «أنتم تعرفون المملكة، قامت على أقاليم كثيرة من الجزيرة العربية، ووحدت، الحمد لله، وهنا أقول إنه بعد الخلافة الراشدة في الجزيرة العربية أول دولة توحد أغلب شبه الجزيرة العربية هي هذه الدولة، وهذا شيء نعتز به، وعلينا مسؤولية نحن كمسؤولين أو كمواطنين، أنا أتكلم كمسؤول أو كمواطن مسؤول عن الحفاظ على هذه الوحدة التي اندمجت فيها كل الأعراق وكل الأقاليم وأصبحت بلدا واحدا والحمد لله، وأنتم تعرفون تاريخ الجزيرة العربية كما ينبغي، ولو وجدتم الآن في البلدان العربية كلها ستجدون الأغلبية من الموجود أعراقهم من هذه الجزيرة العربية بعد الفتوحات الإسلامية وانتشار الإسلام في آسيا وأفريقيا والحمد لله. أنا أرى كثيرا من الإخوان في بعض البلدان العربية عندما أراهم أعرف أن جذورهم من هذه الجزيرة العربية، بل أقول هناك أناس هاجروا من الجزيرة العربية قبل الإسلام، وتجمعنا جميعا المحبة والأخوة والبحث عن الخير للجميع، والمملكة العربية السعودية تريد الخير للجميع، وهي تسعى بكل مساعيها إلى الخير للجميع، ولا شك - كما تعرفون - أن سياسة خادم الحرمين الشريفين، كما سمعتم في آخر خطاب في مجلس الشورى قبل يومين، تعطي حقائق عن المملكة، وعن اتجاهاتها وسياساتها، والآن، الحمد الله، أغنانا الله بما أمد هذه البلاد، وأكبر غنى عندنا هو بيت الله وحرمه، والمدينة، التي هي مهجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومثواه الأخير، وهنا الرجال موجودون والثروة موجودة، لكننا نريد الخير للجميع، وليس لنا مشكلات مع أحد، وحتى لو ظهرت بعض المشكلات المملكة لا تحاول أن تصعدها، بل على العكس تحاول أن تعمل على إطفائها، ولا شك أنكم تعرفون تصريحات خادم الحرمين الشريفين، وما أدلى به في مؤتمرات القمة العربية والقمة الخليجية ودعوته إلى التآلف والتعاون، وأن يتعاون الجميع على الخير.. (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). فعندما أرحب بكم، هذا معناه أني أرحب بأناس مفكرين ويعرفون الحقائق، وفي الوقت نفسه أي واحد منكم يريد أن يطلع في المملكة ويسأل عن أي شيء يريده، فأعتقد أن وزير الثقافة والإعلام ومساعديه مستعدون لهذا، وإن شاء الله دائما نراكم في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية، وفي معرض الكتاب وفي كل النشاطات الثقافية التي تجري في المملكة إن شاء الله».