قالت مصادر بمكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) إن كولين لاروز، الأميركية التي اعتقلت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بتهمة التخطيط للقيام بعمليات إرهابية، عانت «حياة قاسية»، ربما هي سبب انضمامها إلى العمل الإرهابي. وقالت هذه المصادر إن الإرهابيين ربما يستهدفون أميركيات من هذا النوع لإغرائهن بالقيام بعمليات إرهابية. وقدمت صحيفة «واشنطن بوست»، التي نشرت الخبر أمس تفاصيل ملامح كولين لاروز، منها أنها بيضاء، وشعرها أشقر، وعينيها زرقاوان، وأنها قصيرة ونحيفة، و«تطابق كثيرا من ملامح البنت الأميركية العادية». ومن المعلومات، التي كشفتها مصادر «إف بي آي» عن كولين لاروز، أنها لم تكمل المدرسة الثانوية، وتزوجت وعمرها ست عشرة سنة، و«عاشت سنوات متأرجحة ربما جعلتها عرضة للأفكار المتطرفة». وتسمى «جهاد جين» (جين الجهادية)، إشارة إلى «هانوي جين» (اسم أطلقه الإعلام الأميركي على الممثلة جين فوندا عندما عارضت حرب فيتنام، وذهبت إلى هانوي، عاصمة فيتنام الشمالية، وأعلنت من هناك معارضتها للتدخل الأميركي في فيتنام). وقالت وكالة «أسوشييتد برس» إن «جين الجهادية» ستمثل أمام محكمة بولاية بنسلفانيا الأسبوع المقبل. وإن الشرطة الأميركية كانت قد اعتقلتها قبل خمسة أشهر، لكنها تكتمت على الاعتقال «لأسباب أمنية». وفُهم من هذه العبارة أن الشرطة كانت تريد جمع معلومات عنها قبل أن تكشفها «حتى لا يعرف الإرهابيون الذين يتعاونون معها أنها تقدم معلومات للشرطة». وأكد ذلك أمس مارك ويلسون، محام حكومي تطوع للدفاع عنها، لكنه رفض التعليق على الموضوع.
وأمس، قال جيران لها في ضاحية بنسبرغ الهادئة من ضواحي فيلادلفيا (ولاية بنسلفانيا) إنهم لا يصدقون ما حدث. وقالت واحدة إنها لا تصدق أن «هذه المرأة الهادئة، التي تقدم مساعدات للعجزة والمعوقين في المنطقة، يمكن أن تكون إرهابية». وقال مراقبون بواشنطن إن الإعلام الأميركي وجد في «جين الجهادية» مادة مثيرة لأنها تجمع بين السياسة والإرهاب والبنت الأميركية الشقراء. وبالإضافة إلى نشر معلومات سلبية عنها من قبل مسؤولين في الـ«إف بي آى» طلبوا عدم نشر أسمائهم، أمس، تطوعت صحف إثارة أميركية ونشرت في صفحاتها الأولى معلومات عنها. وفتشت صحيفة «نيويورك بوست» في ملفات ولاية بنسلفانيا، ووجدت أن «جين الجهادية» كانت قد اعتقلت سنة 2002 بتهمة قيادة سيارة وهي مخمورة. وأنها في سنة 2000 اعتقلت مرة أخرى بتهمة عدم إطاعة إشارة مرور. وآراء جين الجهادية لم تكن معروفة لجيرانها ولم تكن شقتها تضم أي كتب أو معلقات دينية، حسبما أكد عدد من جيرانها، ولم تتحدث إلى أحد منهم قط حول معتقداتها الدينية. إلا أنه بالنسبة إلى من تابعوا حياتها عبر شبكة الإنترنت، بدت «جين الجهادية»، متعاطفة مع الإرهابيين، وكانت تستخدم اسم «جهادي جين» عبر الشبكة وأعربت عن رغبتها في الاستشهاد في خدمة قضية إسلامية. وطبقا للائحة اتهام فيدرالية كشف النقاب عنها أول من أمس، فإن لاروز، 46 عاما، عقدت العزم على الانتقام من فنان سويدي وضع صورا مسيئة للنبي محمد. وتفاخرت لاروز، وهي بيضاء شقراء ذات عينين خضراوين، بأن باستطاعتها السفر على أي مكان من دون إثارة الشكوك نحوها. وفي أغسطس (آب)، سافرت لاروز إلى السويد حاملة جواز سفر أميركي يخص رفيقها، كيرت غورمان، تقول السلطات إنها سرقته وكانت تنوي تقديمه إلى أحد المتآمرين معها على قتل الفنان السويدي. وكل هذه المعلومات كان لها وقع الصدمة على شيلدون جي. بارنوم، زوج لاروز السابق، الذي علق قائلا: «ليس هذا هو ما عرفته من شخصيتها. لا أدري ما أصابها لاحقا في حياتها». كان بارنوم قد تزوج «جين الجهادية» خلال الثمانينات. وأضاف خلال مقابلة موجزة أجريت معه: «كانت عادية كأي شخص آخر. كان لها شقيق وشقيقة وأسرة. ولم يكن هناك أي أمر يميزها عن الآخرين». ووصفها بأنها متفائلة وهادئة. وقال جيرانها في بنسبرغ، 50 ميلا شمال غرب فيلادلفيا، إن لاروز لم تخف اعتناقها الإسلام. إلا أن كريستي نيويل أردفت موضحة أنها لم تبد أي علامات تشير إلى دينها. ومع ذلك، لم يكن للميول العسكرية لـ«جين الجهادية» وقع الصدمة على الجميع، حيث تولت مجموعة من النشطاء المناهضين للفكر الجهادي عبر شبكة الإنترنت مراقبة نشاطاتها على الشبكة من سبتمبر (أيلول) 2008، حيث يعكف متطوعون على البحث عبر المواقع المعتقد أن لها صلة بتنظيم القاعدة أو جماعات مسلحة أخرى، ويمارسون ضغوطا على شركات توفير خدمة الإنترنت لوقف استضافتها لمثل هذه المواقع. وعبر موقع آخر، سعت «جين الجهادية» في ديسمبر 2007، إلى نيل نصح حول كيفية استقدام صديق مصري لها إلى الولايات المتحدة كانت تتبادل الرسائل معه لأكثر من عام. وأشارت مجموعة أخرى معنية بشبكة الإنترنت، «يوتيوب سماكداون كوربس»، إلى أنها كانت تقتفي تحركات «جين الجهادية» عبر شبكة الإنترنت، وقدمت شكاوى بشأن المواد التي كانت تنشرها على الشبكة العنكبوتية إلى السلطات على مدار عامين. ومن بين الـ27 مقطع فيديو مصورًا نشرتهم «جين الجهادية» عبر الإنترنت، كان معظمها مقاطع مصورة لتدريبات أو مشاهد عنيفة قامت برفعها من مواقع جهادية، أزال موقع «يوتيوب» جميع المقاطع المصورة التي كانت «جين الجهادية» قد نشرتها من خلاله. وفي 15 أكتوبر، ألقي القبض على «جين الجهادية» في فيلادلفيا ووجهت إليها تهم التآمر لتقديم عون مادي لإرهابيين، والتآمر لارتكاب القتل بدولة أجنبية، والإدلاء بشهادات كاذبة أمام مسؤول حكومي ومحاولة سرقة هوية. وتوجد «جين الجهادية» حاليا قيد الاعتقال. من جهتهم، قال محققون إن «جين الجهادية» استغلت الشبكة العنكبوتية في تجنيد رجال ونساء لشن جهاد عنيف بجنوب آسيا وأوروبا. وكانت «جين الجهادية» قد ألقي القبض عليها من قبل بناء على اتهامات ثانوية، ففي عام 1985، عندما كانت تعيش بالقرب من أبيلين بتكساس، وجهت إليها اتهامات بالتعدي الجنائي وأدينت، طبقا لسجلات رسمية. وعام 1997، اتهمت بإصدار شيكات باطلة في سان أنغيلو بتكساس، لكنها لم تحضر إلى المحكمة عند استدعائها للمثول أمامها. ولا يزال هناك أمر استدعاء للمحكمة بشأنها هناك. وفي دبلن ذكرت صحيفة آيرلندية، أمس، أن الأميركية كولين لاروز المعروفة باسم «جين الجهادية» والمتهمة بالمشاركة في التخطيط لقتل رسام كاريكاتور سويدي نشر رسوما مسيئة للنبي محمد، زارت آيرلندا العام الماضي. وذكرت صحيفة «إندبندنت» الآيرلندية أن الأميركية «جين الجهادية» أمضت أسبوعين بآيرلندا في سبتمبر الماضي في «رحلة تقصي حقائق» قبل اعتقالها في أكتوبر. وقالت الشرطة إن «جين الجهادية» كانت خلال زيارتها على اتصال منتظم بجزائري في التاسعة والأربعين من العمر، وصفته الصحيفة بأنه «المشتبه به الرئيسي» بين سبعة مسلمين، أربعة رجال وثلاث نساء، اعتقلوا في آيرلندا هذا الأسبوع. والمتهمون السبعة هم: ثلاثة جزائريين وليبي وفلسطيني وكرواتي وأميركي، بحسب ما أفاد به مصدر في الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية أمس. ورُصدت «جين الجهادية» مع الجزائري وشريكه المولود في الولايات المتحدة في كورك ووترفورد، حيث اعتقل السبعة الثلاثاء للاشتباه بتخطيطهم لقتل رسام الكاريكاتور السويدي لارس فيلكس صاحب الرسوم المسيئة. وقالت الصحيفة إن «جين الجهادية» جاءت من هولندا إلى آيرلندا، حيث بدأت رحلتها في أوروبا بالاستفسار عن كيفية الحصول على إقامة في السويد. وأضافت الصحيفة أن رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) اعتقلوا لاروز (46 عاما) عند نزولها من الطائرة في مطار فيلادلفيا الدولي في 16 أكتوبر. ولم يتم كشف اعتقالها إلا يوم الثلاثاء بعد اعتقال سبعة مسلحين في عملية منسقة بين أجهزة الأمن الأوروبية والأميركية. وسمحت محكمة آيرلندية، عقدت جلسة مغلقة أول من أمس، للشرطة بإبقاء احتجاز خمسة من السبعة، بينما سيمثل الاثنان الآخران أمام المحكمة الخميس. ووضعت جماعة ترتبط بتنظيم القاعدة مكافأة قيمتها 100 ألف دولار (74 ألف يورو) على رأس الرسام فيلكس. ورفضت متحدثة باسم الشرطة التعليق على تصريحات الصحيفة بأن «جين الجهادية» زارت آيرلندا.