تعلق بذاكرة المتحمسين لكرة القدم مباريات وذكريات لا تنسى، نظرا لما شاهدوه من إبداعات قد يصعب تكرارها في أحيان كثيرة لاختلاف الظروف والعوامل المكونة للعبة نفسها. ومن الطبيعي أن كرة القدم يمكن اعتبارها من قبل السواد الأعظم من محبي الرياضة هي أكثر الألعاب متعة وجمالا وجاذبية، سواء فيما يتعلق بالمنتخبات أو الفرق أو اللاعبين المميزين الذين حققوا إنجازات «حقيقية» كبيرة وملموسة.
معظمنا معشر الرياضيين يعلم أن كرة القدم قائمة على التنافس للوصول إلى تحقيق بطولة لا يمكن أن ينالها إلا فريق واحد، وعلى البقية أن يقفوا على قارعة الطريق انتظارا لموسم وظروف أفضل، وهذا في حد ذاته جزء مهم من الإثارة التي تطلقها كرة القدم بين مشجعيها ومحبيها، على الرغم من أنه في حالات معينة لم يكن بعض «الأبطال» يستحقون البطولة، كما كان حال إنجلترا عام 1966م والأرجنتين من خلال يد مارادونا عام 1986م. ولكنها ظروف وعوامل متفرقة أخرى كثيرة متداخلة لعبت دورها في وصول بعضهم إلى اعتلاء القمة.
قلة محدودة جدا من فرقنا الكروية تبدأ التخطيط بصورة صحيحة للدخول في منافسات المسابقات المحلية والخارجية بصورة مبرمجة وبرؤية منطقية تقوم على عوامل أساسية ثابتة لا يمكن إدراكها من قبل كثيرين ممن يتابعون اللعبة.
وكثيرون يظنون أن المسألة برمتها هي مجرد معسكرات وجلب لاعبين أجانب أو محليين على مستوى «مميز» ومدرب ذي سمعة وخلفية فنية ناجحة، وإغداق الأموال على اللاعبين عن طريق العقود أو المكافآت المتضخمة باستمرار.. ومن ثم ستجد نفسك هكذا فجأة ولله الحمد والمنة أمام فريق قادر على مقارعة الآخرين وإحراز البطولات.
المسألة ليست بهذه البساطة.. إنها أعمق وأبعد وأشد تعقيدا من ذلك بكثير، إنها «عملية» جهد جماعي مرهق.. ومنظم.. وصارم وعادل لا يعترف بالمجاملات والتغطية على الأخطاء وتبريرها.. أو محاولات دغدغة مشاعر الجماهير بوعود وهمية، أو التحجج بالتحكيم والظروف والإصابات.. فمعظم هذا، بل كله، وارد في كرة القدم، ويجب أخذه في الاعتبار مقدما، غير أن قصور الرؤية، وضعف الخلفية، وهشاشة التجربة، وهلامية القدرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة والالتزام، وضعف أو محدودية التمويل لا يمكن لها أن تدع لأي كان فرصة «لصناعة» فريق ناجح قادر على تحقيق بطولات وليس مجرد المشاركة في منافسات كرة قدم.. والسلام؟!.
عناصر جانبية وجوهرية كثيرة متداخلة يمكننا الغوص فيها فيما يتعلق بقصة «النجاح والفشل» الدرامية التي تعيشها كثير من فرق كرة القدم في أي مكان، ولكن مناقشة مثل هذه الأمور لم ولن تكون مجدية إطلاقا في ظل إصرارنا على استمراء الإعجاب بالنفس والسخرية من آراء الآخرين، والتفرد بالرأي.. و تلك مشكلة كثير من فرق كرة القدم «الفاشلة» التي هي في أشد الحاجة إلى استخدام «مهاراتنا الفكرية» بصورة مغايرة.