على الرغم من آلاف المطاعم التي تعج بها القاهرة من كل صنف وشكل، فإن مطعم «نافذة على العالم» (Windows on the world) بفندق رمسيس هيلتون، يفتح شهية زائريه على متعة تمتزج فيها حلاوة الطعام، بطراوة المنظر الجميل.
يقع المطعم على بعد أمتار من ميدان التحرير، أشهر ميادين قاهرة المعز، ومن شرفته الزجاجية الشفافة تتخطف عينيك إطلالة ساحرة، على برج الجزيرة، والمتحف المصري الذي يضم تراث الفراعنة، والمراكب الشراعية وهي تتراقص فوق صفحة النيل، وتبهرك شمس الأصيل بخيوطها الذهبية، كما يمكنك أن تنعم بروعة الصبح وهو يتنفس مثل طفل صغير.. إنها بانوراما حية تصادفك بالطابق السادس والثلاثين، حيث يقبع المطعم. جو مفعم بالسحر والموسيقى تتحسسه وأنت تتناول مشروبك المفضل، مستمتعا بمنظر الغروب على نغمات البيانو الحانية، التي تتدفق على مسامعك من بين أصابع العازف الشهير أكرم الشرقاوي، وعندما يسدل الليل أستار ظلامه على المكان ستشعر وكأنك أصبحت وسط مجرة من النجوم المتلألئة بخيوطها الفضية المتراقصة حولك، ولن يقطع عليك هذه اللحظات الرومانسية سوى النادل وهو يقدم لك قائمة الطعام، التي تضم الكثير من الأطباق الغربية اللذيذة والكوكتيلات العالمية التي يشتهر بتحضيرها شيف المطعم. يقول حازم إبراهيم مدير الأغذية والمشروبات بالفندق «كان لموقع الفندق المميز دور في البهاء والجمال الذي يتمتع به المطعم، فالفندق يقع وسط المدينة تقريبا، ويطل على نهر النيل مباشرة، وعند صعودك إلى الدور الـ36 يمكنك من شرفة بانوراما المطعم التي لا يتعدى طولها 40 مترا مشاهدة - وبوضوح شديد - الكثير من معالم القاهرة السياحية، فأمام عينيك يقع على الضفة الأخرى مباشرة برج القاهرة بروعته الحالية بعد تجديده وإضافة اللمسة الساحرة لتكنولوجيا الأضواء المتراقصة حوله، هذا المشهد الجديد للبرج زاد من رونق المكان وجماله، كأنه عصا سحرية طالت المكان بالقدر نفسه الذي منحته في الضفة الأخرى للبرج، وعندما تتجول عيناك يمكنك مشاهدة النيل بامتداده من أبراج لاظوغلي إلى قصر المنيل، ومن الجهة الشمالية يمكنك مشاهدة الأهرامات الثلاثة، بالإضافة إلى هرم سقارة حيث تظهر بوضوح شديد إذا كان الجو صافيا».
وبلفتة بسيطة ستغمرك روح الشرق وعبق التاريخ، وتسترخي جوارحك عندما تستقر عيناك على قلعة صلاح الدين بشموخها المعهود على إحدى الروابي المرتفعة.
المكان يأخذك في جولة سياحية خاطفة ممزوجة بالإعجاب والدهشة بكل ما يحيط بك، ففي لفتة واحدة من داخل المكان تشعر وكأنك زرت معظم مناطق القاهرة السياحية، تعزز ذلك أجواء الرومانسية التي يوحي بها المطعم، وينسجها بحميمية، كأنه يصادقك، ويمنحك خيارات متعددة. حيث عدد الطاولات لا يتجاوز العشرين، ولا تنبعث في المكان سوى رائحة الأطعمة الفرنسية والشواء الهادئ، والمكان يقبل عليه المصريون في المناسبات كالأعياد خاصة عيد الحب، ونجد الشيف يعد في مثل هذه الأيام الكثير من الأطباق احتفالا معهم بهذه المناسبة، أما الأجانب فإقبالهم يزداد على المكان في كل الأيام، ابتداء من وقت الغروب، ليتمتعوا بجمال المنظر. وينصح حازم زوار المكان - إذا أتيحت لهم فرصة - بالاتصال بالاستعلامات في حالة وجود طلبات خاصة في الأطعمة لمتبعي الحمية الغذائية، أو تجهيزات لبعض المناسبات السعيدة.
تم افتتاح المطعم عام 1982، وأجريت له تجديدات شاملة عام 1991، وتم افتتاحه من جديد، بعدما اكتسى حلة مميزة. ونظرا لارتفاع المكان فإن المبنى كله مصمم ضد الزلازل، ومع بداية هذا العام كان للمكان نصيب من التجديدات لكي يشع إشراقا، ولأن المطعم يقع في الجهة المقابلة مباشرة لبرج القاهرة أخذ البعض يعقد المقارنات بين هذا المطعم ومطعم البرج الدوار، لكنها تصب في النهاية لصالح مطعم هيلتون رمسيس، وعند عقد المقارنة بين المطعمين أيهما أكثر ارتفاعا من الآخر، لا تستطيع العين المجردة إمالة الكفة في أي جهة، فالفارق لا يظهر للعين المجردة رغم أن برج القاهرة يعتبر أعلى ببعض الأدوار.
ويعود حازم بالذاكرة للخلف ويذكر النجم الأسمر أحمد زكي، عندما كان يختار أول طاولة تقع على الجهة اليمنى من المدخل لخصوصيتها، وبعدها عن باقي الطاولات، وكان يقضي عليها أوقاتا كثيرة، وكان أطول هذه الأوقات قبل تصويره لفيلم «أيام السادات»، وكان يجلس ومعه الكثير والكثير من الكتب، يقرأ فيها لساعات وساعات، وكأنه طالب مجتهد يستعد لخوض امتحان، وكان جميع فريق العمل بالمطعم يلزم الصمت عندما يبدأ صوته يعلو وهو يذاكر دوره، ولظروف زكي الصحية كان الشيف يعد له أنواعا من المشروبات الممزوجة باللبن ويقدمها له طوال فترة وجوده، وعلى الرغم من أن الملوخية لا تقدم في مطعم النافذة، فإنها كانت تعد خصيصا لنجم الشاشة الأسمر، فقد كانت أحب الأكلات إلى قلبه، وكان زكي صديقا لكل فريق العمل ويسأل عنهم بالاسم.
يضيف حازم «بالإضافة إلى النجم الأسمر الراحل الجميل، يحظى المكان بعشاق كثيرين من المشاهير، منهم عادل إمام، حسين فهمي، أشرف عبد الباقي، وسيدة الشاشة فاتن حمامة».