استبعد خبراء عودة الانتعاش إلى سوق العقارات في مصر خلال العام الحالي، وقالوا إن الشركات العقارية لا تزال متمسكة بأسعار بيعها، التي لم تتغير بشكل كبير قبل الأزمة، وذلك على الرغم من تراجع أسعار الأراضي وأسعار مواد البناء، مؤكدين أن حركة البناء والتشييد في المشروعات القائمة ما زالت مستمرة، مع وجود تراجع في الإعلان عن تنفيذ مشروعات جديدة.
وأضافوا أن حركة البناء في المشروعات الكبرى ما زالت جارية على قدم وساق، مؤكدين أن هناك عجزا كبيرا في العمالة المتخصصة تعانيه الشركات العقارية الآن، مما أدى إلى جذب شريحة جديدة من عمال غير متخصصين عملوا في قطاع البناء خلال الفترة الماضية، وخاصة عمال شركات الغزل والنسيج الذين واجهوا الكثير من المشكلات في شركاتهم خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى الاتجاه إلى أعمال البناء.
دراسات ومسوح تقوم بها الشركات العقارية تؤكد وجود قوة شرائية على العقارات، قال عنها الخبراء إنها قوة كامنة لن تظهر إلا بعد تحسن في الأداء الاقتصادي، الذي يظهر في أول الأمر على حركة السوق العقارية المصرية.
وقالوا إن المعارض العقارية، التي أقيمت خلال العام الماضي وبداية العام الحالي سواء الداخلية أو الخارجية، لم تخلق طلبا إلا بشكل نادر على العقارات، وأصبح زوارها عبارة عن متفرجين فقط.
«العقار يمرض ولا يموت»، هكذا وصف حمادة صلاح نائب رئيس اتحاد التنمية العقارية حال السوق العقارية في مصر، وقال إنها تمر بحالة مرَضية، ولا أحد يستطيع تشخيصها الآن، ولا أتوقع الوقت الذي ستتعافى فيه.
وقال إن التزمت الذي يمارسه أصحاب المشروعات العقارية، وخاصة المشروعات الصغيرة التي تقتصر على عدة وحدات سكنية، وعدم رغبتهم في التفريط في جزء من إيراداتهم وأرباحهم، سببه يقينهم أن عودة النشاط سيكون قريبا وسيعود الطلب عليه مرة أخرى، هذا إلى جانب عدم وجود التزامات ائتمانية ترغمهم على تخفيض أسعار بيعها. أما بالنسبة إلى المشروعات الكبرى، فيقول إن الشركات لم تخفض أسعار بيعها، وتغلبت على تراجع الطلب بالإعلان عن تسهيلات جديدة في السداد قد تصل إلى خمس سنوات، من دون فوائد، مشيرا إلى أن الهدف الوحيد منه هو سداد التزامات الشركات لدى البنوك، وهو ما لاقى إقبالا في بعض الوقت أدى إلى قيام تلك الشركات برفع أسعار منتجاتهم.
ومع تراجع الطلب على الإسكان الفاخر والمتوسط، فإن بعض المشروعات تواجه رواجا على حد زعم أصحابها، يقول أحمد الزيني مدير تنفيذ المشروعات بشركة «الفطيم – مصر»، التي تطور نسخة من مشروعها «دبي فيستيفال سنتر» في مصر بالقاهرة الجديدة، إن حركة المبيعات على مشروعه تتم بشكل جيد، وقال إن نحو 72% من إجمالي الفيلات التي انتهت أعمال إنشائها، بيعت بالكامل لمصريين، مشيرا إلى أنه يبني عددا معينا من الوحدات العقارية ثم يسوقها، ثم يبدأ بمرحلة أخرى، وقال إن اعتماده بالكامل الآن على المصريين، وقد يتوجه في وقت لاحق إلى التسويق الخارجي.
وما يؤكد رؤية الخبراء بوجود تراجع كبير في النشاط العقاري، هو أرباح الشركات العقارية الكبرى المقيدة بالبورصة المصرية، وأبرزها شركة «بالم هيلز»، التي تراجعت أرباحها بنسبة 20.3% خلال العام الماضي، كما تراجعت أرباح «الشمس للإسكان» بنسبة 35.9% وشركة «مدينة نصر» بنسبة 30.5%. وبالنسبة إلى الشركات، التي أعلنت عن نمو أرباحها، مثل «مصر الجديدة للإسكان»، فعزى المحللون أرباحها إلى قيام الشركة بإدراج إيرادات بيعها لوحدات عقارية في مشروعات قديمة، التي لم تستطع تسجيلها في قوائمها المالية إلا بعد تسليمها، كما ألزمتها المعايير المحاسبية الجديدة.
يقول أحمد الألفي، محلل قطاع العقارات بـ«غولدن بانكرز»، إن شركات العقارات المقيدة بالبورصة المصرية، ستتجه إلى زيادة رأسمالها لتوفير سيولة، مشيرا إلى أن لديها وسيلة تمويلية جيدة، خلال الفترة الحالية، من خلال زيادة رأسمالها إما من خلال توزيع أسهم مجانية كأرباح خلال العام الحالي، أو من خلال اكتتاب في زيادة رأس المال.
وقال الألفي إن شركات العقارات يجب أن تتوافر لديها سيولة خلال الفترة الحالية، خاصة مع تراجع النشاط المتمثل في تراجع المبيعات والحجوزات، وهو ما قد يؤدي إلى عجزها للوفاء بالتزاماتها الائتمانية، وقال إن الشركات تحتاج إلى تمويل لكي تنتهي من مشروعاتها، خاصة في المدن الجديدة التي عادة ما تقوم هيئة المجتمعات العمرانية بالضغط على تلك الشركات لإتمام مشروعاتهم هناك، تجنبا لاتجاه تلك الشركات إلى الاتجار بأراضي المشروعات. وعلى جانب آخر، اعتبر خبراء السوق أن مشروعات الإسكان الاقتصادي الذي يُطلق عليه مشروع إسكان مبارك والذي تتبناه الدولة من خلال توفير أراضٍ للمستثمرين، قد لاقى نجاحا باهرا خلال العام الماضي، على الرغم من الأزمة التي شهدها القطاع، وعزوا ذلك إلى أن شريحة عريضة من المجتمع المصري تحتاج لهذا النوع من الإسكان، على الرغم من عيوبه الكثيرة مثل صغر مساحته، فإن سعره وجودة بيئته يشجعان على الاتجاه إليه.