في خطوة وصفت بأنها استثنائية، أغلقت السلطات الإسرائيلية، أمس، الضفة الغربية، بشكل كامل، وفرضت طوقا أمنيا شاملا يمتد حتى يوم غد، وقد يمدد الإغلاق وفق الاحتياجات الأمنية، حسب أوامر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك.
ولم تشهد الأراضي الفلسطينية منذ سنوات عدة مثل هذا الطوق الأمني الشامل خارج فترة الأعياد اليهودية. وفي حين قال الجيش الإسرائيلي إن هذا الإجراء اتخذ إثر توافر معلومات استخباراتية حول احتمال اندلاع مواجهات في القدس المحتلة والضفة الغربية، فإن السبب الرئيسي كما يعتقد هو قرب موعد افتتاح هيكل الخراب الذي يقع قرب المسجد الأقصى، ومن المفترض أن يعلن عنه بعد أيام، ويعتبر نقطة تحول حسب النبوءات اليهودية نحو إقامة الهيكل الثالث مكان الأقصى.
وحذرت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث»، أمس، من برامج ومخططات الاحتلال الإسرائيلي المتصاعدة ضد المسجد الأقصى المبارك وضد مدينة القدس.
وقالت المؤسسة: «إن السلطات الإسرائيلية وأذرعها التنفيذية أعلنت عن برامج تصعّد من خلاله استهداف المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس الأسبوع القادم». وأضافت أن البرنامج يمتد على مدار ثلاثة أيام، ابتداء من غد وحتى يوم الثلاثاء، ويشمل يومي الأحد والاثنين افتتاح أكبر وأعلى كنيس يهودي في البلدة القديمة، لا يبعد سوى عشرات الأمتار من المسجد الأقصى، على أن ينظم الثلاثاء يوم عالمي من أجل بناء الهيكل الثالث المزعوم، يتخلله دعوات إلى اقتحام الحرم القدسي، بالإضافة إلى نية جماعات يهودية تنظيم مراسيم تقديم قرابين «الفصح العبري» في المسجد الأقصى نهاية مارس (آذار) الحالي. وجاءت ذروة الإجراءات الأمنية، أمس، في القدس، وانتشرت الشرطة الإسرائيلية وقوات حرس الحدود بشكل غير مسبوق، وأغلقوا البلدة القديمة وبوابات الأقصى، ولم يسمحوا إلا لمن هم فوق سن الخمسين من دخول المسجد لأداء صلاة الجمعة. وقدر عدد الذين تمكنوا من أداء الصلاة بنحو 3000 فقط.
وحددت إسرائيل عدد المسوح لهم دخول القدس وهويتهم، وهم نحو 1000 من مستخدمي الكنائس و550 معلما و50 من موظفي دائرة الأوقاف و100 من المستخدمين والموظفين الدينيين. ونشرت الشرطة الإسرائيلية حواجز ثابتة وطيارة في كل أنحاء المدينة، وأطلقت في سماء المدينة مناطيد المراقبة، وسمحت للمستوطنين بالتحرك تحت إشراف شركات أمن إسرائيلية.
وقادت هذه الإجراءات إلى مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة وحرس الحدود الإسرائيليين في محيط الأقصى، لتنتشر لاحقا في مناطق مختلفة، مثل رأس العامود ووادي الجوز وباب الأسباط.
وألقى الفلسطينيون، في مشهد بات يتكرر كثيرا في القدس، الحجارة تجاه الجنود الذين ردوا بالرصاص المطاطي والغاز والهراوات. وأصيب عدد من الفلسطينيين وشرطي إسرائيل بجراح، واعتقلت الشرطة 5 فلسطينيين.
وأدان اليسار الإسرائيلي الإجراءات الأمنية الإسرائيلية، وأعرب رئيس حركة «ميرتس»، النائب في الكنيست، حاييم أورون، عن سخطه من فرض الطوق الأمني على الضفة الغربية، بقوله: «إن الحكومة مهووسة بإشعال الحرائق، حيث تبدأ هذه الحلقة بجمود سياسي، وتستمر بإعلانات عن مستوطنات جديدة، وتنتهي بفرض الطوق الأمني». واتهم أورون القيادة الإسرائيلية، بإشعال الموقف ثم بالإعلان عن أن الموقف قابل للاشتعال.
أما النائب العربي في الكنيست، أحمد الطيبي، فقال: «الحديث هنا يدور عن تشديد آخر للظلم والإجحاف من قبل الاحتلال ضد مليون ونصف مليون نسمة»، مؤكدا أن فرض العقاب الجماعي بالذات على الشعب الفلسطيني يدل على أن هذه الحكومة هي حكومة حواجز ومستوطنات وفرصة التوصل إلى تسوية سياسية معها معدومة».
وفي حادثة تدل على ارتفاع حدة الغضب في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أعلن الجيش الإسرائيلي عن اعتقال فلسطينية عند الحاجز القريب من الحرم الإبراهيمي الشريف بعد أن ضبط بحوزتها سكينا. وازداد التوتر في محيط الحرم بعد أن اتخذت إسرائيل قرارا بضمه إلى قائمة التراث اليهودي الشهر الماضي.
وفي غزة، أغارت طائرات على مصنع للأكسيجين ونفق في جنوب قطاع غزة، مما تسبب في أضرار مادية. وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن الغارة استهدفت ورشة لإنتاج الوسائل القتالية في مدينة خان يونس، وكذلك نفقا في مدينة رفح.
وجاء التصعيد الإسرائيلي بعد سقوط صاروخ فلسطيني على تجمع أشكول في النقب الغربي جنوب إسرائيل، أعلنت جماعة سلفية، تطلق على نفسها كتائب أنصار السنة، مسؤوليتها عن إطلاقه، وذلك ردا على تهويد المقدسات والتعرض للأقصى والحرم الإبراهيمي. وخرج عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة، أمس، في مسيرات حاشدة استجابة لطلب الفصائل الفلسطينية بـ«نصرة المقدسات والأقصى».