توقع محللون وعاملون في قطاع النفط في مسح أجرته «الشرق الأوسط» أن يشهد عام 2010 استقرارا في أسعار النفط في نطاق يتراوح بين 65 إلى 95 دولارا للبرميل، وبمعدل وسطي عند 78 دولارا. واعتبروا أن المحافظة على هذا النطاق السعري سيكون عاملا أساسيا داعما للنمو الاقتصادي حول العالم ويصب في مصلحة مختلف الأطراف، سواء كانت دولا منتجة أم مستهلكة للنفط.
وشمل مسح «الشرق الأوسط» 13 من الشخصيات العاملة والمتخصصة في شركات نفطية وخبراء مستقلين، أجمعوا على أن أسعار النفط ستظل مستقرة خلال العام الحالي في نطاق سعري محدد من دون حدوث قفزات كبيرة، إذا ما تم استثناء وقوع متغيرات كبيرة. واعتبروا أن هناك نوعا من التوافق الذي تشهده الأسواق في الوقت الراهن يبقي الأسعار في نطاقها الحالي.
وأكدوا أن الاحتياطيات النفطية تسجل أعلى نسبة لها في الوقت الراهن، حيث إن المخزون التجاري يغطي 59 يوما متجاوزا المعدل الطبيعي وهو 53 يوما، وهذا سيكون أحد الأسباب الرئيسية التي ستمنع حدوث قفزة في الأسعار.
وكانت التوقعات بأن يشهد العام الحالي ارتفاعا في معدلات النمو الاقتصادي مقارنة مع العام الماضي قد دفعت بالكثير من المؤسسات والهيئات العالمية المتخصصة لرفع تقديراتها لحجم الطلب المتوقع على النفط. لكن اختلاف تقديرات حجم النمو المحقق أدى إلى تفاوت كبير في تقديرات معدل الطلب على النفط. فكانت منظمة أوبك قد أعلنت في آخر تقرير لها عن خفض توقعاتها للطلب على النفط خلال عام 2010 إلى 810 آلاف برميل يوميا بانخفاض قدره عشرة آلاف برميل يوميا عن تقديرها السابق. ولكن يجد بعض المحللين أن تقديرات أوبك متحفظة جدا ولا تعكس حقيقة النمو المتوقع في الطلب على النفط، ولذلك نجد تفاوتا كبيرا بين تقديراتها وتقديرات كل من وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ومن المقرر أن تجتمع الدول الأعضاء في منظمة أوبك الأربعاء المقبل، لتحديد سياسة المنظمة للفترة المقبلة، إلا أن الترجيحات تشير إلى عدم لجوء المنظمة إلى إقرار أي تغيير في حجم الإنتاج في الوقت الراهن.
واتفق المشاركون في المسح على أن أوبك في وضع مريح جدا طالما أن الأسعار تظل في نطاق سعري يتراوح بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل. لكن عددا من الخبراء توقعوا لجوء أوبك إلى رفع الإنتاج مرجحين حصول هذا الأمر في النصف الثاني من العام الحالي.
ورأى الدكتور عدنان شهاب الدين الأمين العام السابق لأوبك، أنه وإذا ما تم استثناء احتمال وقوع متغيرات غير معروفة فإن أسعار النفط ستكون بين 70 و90 دولارا للبرميل هذا العام، وربما تصل إلى 100 دولار ولكن ليس أكثر. وقال إن «سعر 70 إلى 80 دولارا للبرميل أصبح سعرا متعارفا عليه ما بين المنتجين والمستهلكين في الأوضاع الاقتصادية السائدة حاليا، وهو سعر مرض للطرفين. فهو جيد للمنتجين من ناحية الاستثمار في طاقات إنتاجية أضافية، كما أنه يشكل عائدا جيدا لتنمية الدول المنتجة التي يعتمد اقتصادها عليه وبالأخص دول الخليج، وفي الوقت نفسه كانت الدول المستهلكة للنفط قد أعلنت سابقا وعلى لسان الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني وغيرهما أن معدل 75 دولارا يعتبر سعرا مرضيا».
واعتبر شهاب الدين أنه «إذا ما تراجعت الأسعار أكثر من هذا المعدل فإنها ستضر بالمستهلكين لأن الكثير من مصادر الطاقة المتجددة تصبح غير مجدية إذا كانت الأسعار منخفضة. بالإضافة إلى أن الاستثمار من قبل الشركات العالمية في إنتاج النفط من مصادر جديدة خارج أوبك يحتاج إلى سعر أعلى من 70 دولارا للبرميل. فالاستثمارات التي يتطلبها إنتاج البرميل الهامشي للنفط من كندا أو روسيا مثلا يحتاج إلى سعر يتراوح من 50 إلى 80 دولارا. ولا ننسى أن المخزون النفطي السائد مرتفع حاليا وهو يضع سقفا لارتفاع الأسعار، لكنني أجد أن الأمر المهم هو أننا نشهد في الوقت الراهن وجود نوع من التوافق غير الرسمي في التوجهات حول أسعار النفط التي تكون مربحة للجانبين والمناخ العالمي السائد يساعد على استمرار هذا التوافق خلال عام 2010 والعام المقبل أيضا».
واعتبر الدكتور أنس الحجي كبير الاقتصاديين في شركة «إن جي بي» الأميركية للطاقة، أن سعر برميل النفط سيتراوح خلال العام الحالي بين 65 و80 دولارا. وقال إن هناك أسبابا كثيرة تدفع أسعار النفط للارتفاع، منها الانتعاش الاقتصادي وإن كان بطيئا، وارتفاع تكاليف إنتاج النفط واستبعاد ارتفاع الإنتاج من الدول غير المستقرة سياسيا مثل العراق ونيجيريا. ولكن في الوقت نفسه هناك أسباب تمنع من قفز الأسعار مثل وجود طاقة إنتاجية فائضة تتجاوز 4.5 مليون برميل يوميا. كما أن هناك شعورا لدى المتخصصين والعاملين في أسواق النفط بأن إدارة أوباما ستلجأ إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي في حال ارتفاع الأسعار.
ومن هذا المنطلق أضاف الحجي: «نتوقع أن تبقى أسعار النفط مرتفعة نسبيا ومن الممكن أن يصل سعر البرميل إلى 90 أو 95 دولارا، لكنه لن يحافظ على هذا المستوى لفترة طويلة».
ولفت إلى أن إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك يلعب دورا أساسيا في تحديد الأسعار، حيث إن هناك خلافا كبيرا حول الكمية التي يمكن أن تنتجها هذه الدول، فبعض البنوك تتوقع أن ينخفض إنتاج دول خارج أوبك بأكثر من 300 ألف برميل يوميا، بينما يرى آخرون أنه سيزيد، وقد تصل هذه الزيادة إلى 770 ألف برميل يوميا.
وتوقع المحلل النفطي كامل الحرمي أن تكون أسعار النفط هذا العام مشابهة أو متعادلة مع معدلات العام الماضي، وقال: «لن تصل إلى 80 دولارا للبرميل، وسيظل المعدل بين 70 و75 دولارا. فالاحتياطيات النفطية موجودة اليوم بنسبة كبيرة والمخزون التجاري يلامس 60 يوما من دون استيراد النفط وهذا رقم قياسي. فحتى إذا ما أوقفت إيران صادراتها من النفط إلى أوروبا على سبيل المثال فإن دول (أوبك) والدول الأخرى خارج المنظمة قادرة على تغطية النقص».
وقلل الحرمي من التوقعات بتحقيق نمو اقتصادي أكبر هذا العام كفيل برفع الطلب على النفط، وقال: «أعتقد أن الأسعار الحالية مرتفعة ولا تعكس حقيقة الواقع، لأن التوقعات بتحقيق نمو في عام 2010 غير ملموسة حتى الساعة. فهناك أزمة اقتصادية في اليونان، واقتصاد اليابان والولايات المتحدة لم يتعافَ بعد. ولذا، أعتقد أننا أمام سيناريو العام الماضي نفسه». واستبعد أن تتخذ «أوبك» أي خطوة مستقبلا لزيادة أو تقليل الإنتاج «فالأسعار الموجودة حاليا تناسبها، لا بل إنها أفضل من توقعاتها».
فيما توقع المختص بشؤون الطاقة الدكتور راشد ابانمي، أن يكون سعر البرميل ما بين 70 إلى 90 دولارا، «لأن سعرا أقل من 70 دولارا ستكون له تأثيراته على الاستثمارات النفطية وجدواها الاقتصادية، كما أنه سعر مناسب لا يعكر صفو النمو الاقتصادي في عام 2010. أما أن يتخطى سعر البرميل مستوى 90 دولارا فهذا سيترك تبعات كبيرة على الاقتصاد العالمي وسيكبح من جماح النمو الاقتصادي المتوقع تحقيقه هذا العام».
ويقول ابانمي إن أوبك ستعمل على المحافظة على الأسعار في نطاقها الحالي، ولن نجدها تتدخل طالما الأسعار ظلت تتأرجح بين 70 و90 دولارا للبرميل. وشدد على أن تجاوز سعر البرميل حد 90 دولارا لن يكون في صالح اقتصادات دول المنطقة، وإن كانت دولا منتجة للنفط، حيث ستكون له انعكاسات سلبية على نسب النمو المستهدفة. وقال المحلل النفطي الكويتي الحجاج بوخضور إن السعر المستهدف لبرميل النفط خلال عام 2010 سيكون بمتوسط 75 دولارا، وذلك لأسباب كثيرة: منها التوقعات بتحقيق نسب نمو اقتصادي عالمي أفضل هذا العام، مقارنة مع عام 2009، مما سيرفع من معدل الطلب على النفط. وأضاف أن هناك أيضا حاجة للدول لاستمرار الاستثمار في الصناعة النفطية وإنتاج النفط، وكي تظل الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع قائمة يتوجب بقاء أسعار النفط في حدود سبعين دولارا للبرميل. وهذا يعني أن الجميع، من دول مستهلكة ومنتجة للنفط على حد سواء، تدعم التوجه القائل بالمحافظة على مستويات 70 دولارا للبرميل أو أكثر قليلا. موضحا: «هناك من ناحية ثانية واقع أن النفط سيظل أحد الأوعية الاستثمارية التي ينتقل إليها المضاربون من العملات والسلع الرئيسية الثمينة ولا سيما كلما كان هناك ضغط على قيمة الدولار، هذا الأمر أيضا سيكون عامل ضغط على سعر البرميل».
ولهذه الأسباب أضاف بوخضور: «نتوقع بان تأخذ أسعار النفط مسارا تصاعديا هذا العام ليكون متوسط السعر عند 75 دولارا مقارنة مع متوسط سعري هو 70 دولارا العام الماضي. كما لفت إلى أن العوامل الجيوسياسية ستظل عنصرا مؤثرا ومحركا لأسعار النفط خلال هذا العام، ولا سيما الملف النووي الإيراني والتوتر في نيجيريا على سبيل المثال، حيث ستبقى هذه الأمور محفزا قويا لأسعار النفط للصعود وعنصرا أساسيا يدعم الاتجاه التصاعدي للأسعار». لكنه تابع قائلا: «في الإجمال لن تقف الأسعار عند حد معين وإنما قد نشهد تراجعا، في حين، عن مستوى 70 دولارا وقد تكسر الأسعار حاجز 90 دولارا للبرميل في حين آخر، وذلك تبعا لحدة الأسباب وانعكاسها على نفسية المتداولين».
وبحسب تقديرات المركز الدولي للأبحاث في مجال الطاقة والتنمية الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية فإن معدل سعر برميل النفط خلال العام الحالي سيتراوح بين 75 و90 دولارا. واستبعدت هيلين الملاخ المديرة المساعدة في المركز ارتفاع الأسعار عن سقف 100 دولار للبرميل خلال السنوات الخمس المقبلة، وقالت «أما على المدى القصير فأبحاثنا تدل على أن تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي مقرونا بارتفاع في مخزونات النفط كفيل بإبقاء الأسعار على ما هي عليه بقية عام 2010. ولا بد هنا من القول إن مخزون دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يُعتبر في أعلى نسبه حاليا، حيث يغطي 59 يوما متجاوزا المعدل الطبيعي وهو 53 يوما».
وأضافت: «هناك تكهنات في الأسواق حاليا تقول بأن أسعار النفط سترتفع على المدى القريب، لكنها ستعود للانخفاض على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما يتجلى عند مقارنة الأسعار الفورية للنفط مع العقود المستقبلية. وبالإضافة إلى ذلك فإن برامج التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها أكبر بلدين مستهلكين للنفط، وهما الولايات المتحدة والصين، قد ساعدت على استقرار الطلب على النفط خلال عامي 2009 و2010. ولكن عندما تنفض هذه البرامج، يبقى سؤال مهم: إلى أي مدى يستطيع تحسن الأوضاع الاقتصادية أن يرفع من الطلب على النفط لتعويض التراجع الذي سيسجل من قبل المشاريع التي يمولها القطاع العام؟ ومن العوامل الأخرى التي تجدر مراقبتها أيضا وتيرة النمو الاقتصادي المحقق والعوامل الجيوسياسية مع ما تحمله من إمكانية وقف إمدادات النفط وكذلك قدرة الإمدادات من الدول خارج أوبك على تلبية توقعات السوق، وإلى أي حد سيعوض الطلب على النفط من الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تراجع الطلب الذي نشاهده من دول المنظمة».
وأضافت الملاخ: «نحن لا ندعم التوقعات القائلة إن هناك تخوفا من نقص الإمدادات في السوق النفطية. فهذه الفكرة تستند على أن حصول طفرة كبيرة بالطلب في الأسواق كفيل برفع الأسعار إلى ما يقرب من 200 دولار».
بدوره توقع آدم سيمنيسكي المحلل في دويتشه بنك بقاء الأسعار على ما هي عليه وقال: «لا نتوقع أن تقدم أوبك على أي تغيير في مستوى الإنتاج طالما بقي نطاق الأسعار في حدود 75 دولارا للبرميل. لكننا لا نستبعد أن تقوم المنظمة هذا العام برفع إنتاجها». وأضاف أن «نمو الطلب على النفط من الدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيوازن النقص في الطلب من هذه الدول. وتشير الدراسات في هذا الخصوص إلى أن الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي ستسجل نموا في الدخل بحدود 6 في المائة في عام 2010، وهذا يعني ارتفاعا في الطلب على النفط بمعدل 3.5 في المائة في مقابل نمو بنحو 2.7 في المائة لدول المنظمة، فيما يتوقع أن يبقى الطلب على النفط في هذه الدول كما كان عليه في عام 2009». وشدد سيمنيسكي على ضرورة متابعة بعض القضايا السياسية العالقة مثل الملف النووي الإيراني، حيث إن أي تطور ستكون له تأثيراته على أسعار النفط.
ورأى حسين سلطان رئيس مجلس إدارة شركة «نيبتون لتعاملات الطاقة» في الإمارات، أن كلا من المنتج للنفط والمستهلك مرتاح للسعر الموجود حاليا. وتوقع أن يتراوح النطاق السعري لبرميل النفط ما بين 70 إلى 80 دولارا، ليس فقط خلال العام الحالي بل وأيضا خلال الفترة المقبلة. وقال: «لن يصل سعر البرميل إلى 40 دولارا كما شاهدنا في السابق ولن يقفز إلى المائة، إذ إن الوصول إلى 147 دولارا للبرميل في الماضي كان كله مستندا إلى توقعات ومضاربات. فسيبقى الارتفاع محدودا حتى في السنوات المقبلة، بل ستكون هناك مراوحة للأسعار على الأقل على مدى سنتين إلى ثلاث سنوات مقبلة». واستبعد سلطان أن يتجاوز سعر البرميل هذا العام 85 دولارا كحد أقصى.
واتفق معه في هذا الرأي المسؤول السابق في «شركة نفط البحرين» (بابكو) عادل المؤيد، الذي اعتبر أنه من الصعب أن يتجاوز برميل النفط 80 دولارا هذا العام، «بسبب أن الطلب سيظل محدودا من الدول الصناعية التي تسجل نسب نمو ضعيفة بالإضافة إلى الارتفاع المتوقع في استهلاك واستعمال مصادر الطاقة البديلة. كما أن بقاء الأسعار في نطاق 60 إلى 80 دولارا للبرميل يظل في صالح النمو الاقتصادي حول العالم لحين الانتهاء فعليا من تداعيات الأزمة المالية العالمية». ولهذا يبدي اعتقاده بأن هذا النطاق السعري سيظل سائدا حتى في السنوات القليلة المقبلة.
ورأى عبد العزيز الخويطر نائب رئيس مشاريع دول مجلس التعاون الخليجي في شركة «كويت إنيرجي» أن الأسعار في عام 2010 ستكون في نطاق 80 إلى 95 دولارا للبرميل. وقال إن إنتاج النفط أقل من الطلب عليه بنحو مليون برميل يوميا، والسبب أن المخزونات العالمية للبترول أعلى من نطاقها الطبيعي. «وأنا أرى أن أوبك تريد أن تقلل هذا الفائض وترجعه إلى مجاله الطبيعي ليكفي 52 يوما بينما الموجود اليوم يكفي نحو 58 يوما».
ويدعو الخويطر إلى ضرورة الانتباه إلى مسالة التراجع المستمر لاستهلاك النفط في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، حيث إن هذا الاستهلاك يتراجع منذ نحو 6 سنوات في أوروبا ونحو سنتين في الولايات المتحدة. وهذا إنما يدل على أن هناك تغييرات داخل هذه الدول تؤدي إلى تقليص استخدام البترول، مما يخفف من عبء أسعار البترول العالمية، فيما نجد ارتفاع نسبة الاستهلاك في دول آسيا مثل الصين، وفي دول الشرق الأوسط. ويقول الخويطر إنه في الوقت الذي تؤكد فيه أوبك أن سعر 75 دولارا هو سعر عادل للنفط «فربما تكون هناك إرادة لرفع الأسعار أكثر قليلا، وربما ترضى أوبك ودول الخليج بسعر اقرب من 90 دولارا». أما محمد الصياد الخبير النفطي، فاعتبر أن سعر برميل النفط سيظل يتحرك في نطاق السعر المستهدف من أوبك، أي ما بين 70 و80 دولارا للبرميل. وقال: «تتفاوت توقعات المؤسسات الدولية المتخصصة حول حجم الطلب المتوقع على النفط خلال العام الحالي، فبينما تبقى توقعات أوبك لارتفاع الطلب على النفط متحفظة وبحدود 800 ألف برميل، نجد أن توقعات وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية تتراوح بين 1.2 و1.4 مليون برميل. وهذا يقودنا للقول إنه هناك سيناريوهات مختلفة بعضها جامح يتوقع وصول سعر البرميل إلى 100 دولار في نهاية 2010 وبعضها الآخر يقول إن السعر المحقق حاليا سيصمد حتى نهاية العام».
وكان الدكتور جمعة الغيلاني الأكاديمي والمستشار الاقتصادي المتخصص بشؤون النفط، أكثر تفاؤلا واعتبر أن أسعار النفط ستشهد تحسنا ملحوظا خلال عام 2010 مقارنة مع العام الماضي، وذلك في ضوء المؤشرات التي تدل على تحسن الأوضاع الاقتصادية وبدء التعافي من الأزمة المالية العالمية. ومع ذلك استبعد الغيلاني أن تصل الأسعار إلى مستوى 100 دولار للبرميل في أحسن الأحوال كونها لا تعكس حقيقة العرض والطلب. متوقعا في المقابل أن يكون متوسط سعر البرميل خلال العام الحالي في حدود 85 دولارا مقابل نحو 75 دولارا لعام 2009. وقال: «لقد بدأنا نشهد مؤشرات التعافي من الأزمة المالية، وستظل دول آسيا ولا سيما الصين والهند تسجل مستويات نمو عالية هذا العام، وإن كنا سنلاحظ تفاوتا بين الدول في الأداء الاقتصادي والنمو الحقيقي المسجل. ولكن هذا لا يمنع أن العام الحالي سيشهد نموا في الطلب على النفط، وهذا وحده كفيل بأن يرفع الأسعار إلى حدود 80 إلى 85 دولارا للبرميل».
ويعتبر رفيق لطا المحرر في مجلة «ميد» والمتابع لقضايا النفط، أننا إذا أمعنا النظر في أساسيات العرض والطلب فسنجد أنه من المستبعد تسجيل أي ارتفاع في أسعار النفط، حيث إن الطلب سيبقى ضعيفا نسبيا خلال العام الحالي، على الرغم من أن انتعاشا جزئيا يسجل في الاقتصاد العالمي. أما العرض، فهناك وفرة من المعروض الذي سيدخل السوق هذا العام من دول أوبك أو الدول غير المنضوية تحت راية هذه المنظمة. فيتوقع أن يضخ العراق في الأسواق هذا العام، إذا سارت الأمور على ما يرام، نحو 150 ألف برميل من النفط يوميا. وفي المقابل هناك بؤر توتر قد تؤثر على الإنتاج مثل الوضع في نيجيريا وإيران، وهناك أيضا حركة الأسواق المالية العالمية وأسعار العملات التي لطالما كانت عاملا مؤثرا على سعر برميل النفط. وعلى الرغم من جميع هذه العوامل يتوقع لطا، أن تبقى الأسعار مستقرة خلال عام 2010 من دون أي تغييرات كبيرة صعودا أو نزولا. وقال: «سأتفاجأ بالطبع إذا صعدت الأسعار عن مستوى 80 دولارا للبرميل وإذا تم هذا الشيء فلن يستغرق وقتا طويلا وستعود الأسعار إلى نطاق 70 و75 دولارا وهو سعر عادل في رأي كثير من المسؤولين حول العالم. كما أنني لا أتوقع انخفاض سعر البرميل عن مستوى 60 دولارا من ناحية أخرى». واعتبر أن أوبك تقوم بدور جيد بالمحافظة على مستوى محدد من الإنتاج وذلك لأطول فترة نشهدها.