جنبلاط قال «كلامه الأخير» عن العلاقة مع سورية ولكن لم يصدر أي رد فعل رسمي أمس عن دمشق

وكالة «سانا» الرسمية أوردت النبأ بعنوان «طي صفحة الماضي»

TT

استأثر «الكلام الأخير» لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب اللبناني وليد جنبلاط عن تصوره للعلاقة مع سورية بالكثير من الاهتمام في الداخل اللبناني، فيما كان الترقب سيد الموقف من الضفة السورية بعد أن أدلى جنبلاط بموقفه معتبرا أنه «قام بما عليه» وأن الكرة أصبحت في الملعب السوري، وخصوصا لدى الرئيس بشار الأسد الذي يعود إليه وحده «تقييم» مواقف جنبلاط وتأثيراتها على العلاقة مع جنبلاط.

في دمشق لم يصدر أمس أي رد فعل رسمي تعليقا على ما قاله النائب جنبلاط أول من أمس، في مقابلة تلفزيونية، واكتفت وسائل الإعلام السورية الرسمية وبعض المواقع الإلكترونية الإخبارية الخاصة بنقل خبر مقتضب عن تصريحات جنبلاط لبرنامج «حوار مفتوح» دون أي تعليق. إلا أنه كان لافتا أن تورد وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» الخبر تحت عنوان «طي صفحة الماضي لتحسين العلاقات مع سورية - جنبلاط: صدر مني كلام غير لائق وخارج الأدبيات السياسية». وركزت الوكالة في نقلها الخبر على قول النائب جنبلاط: «صدر عني في لحظة غضب كلام غير لائق وغير منطقي وخارج عن الأدبيات السياسية في حق الرئيس بشار الأسد في لحظة من التوتر الهائل في لبنان.. وكانت لحظة تخلٍّ.. مضيفا أنه من أجل تحسين العلاقة السورية اللبنانية والمصلحة الوطنية والقومية هل يمكن للرئيس الأسد تجاوز تلك اللحظة وفتح صفحة جديدة؟». وتوقفت عند إشارته إلى أنه يريد «طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة مع سورية تقوم وفق الأطر التي وضعناها معا مذكرا بالتضحيات والملاحم المشتركة التي قدمها البلدان، لافتا إلى اتفاق الطائف الذي ينص على أنه لا سلم ولا صلح ولا تسوية بين لبنان وإسرائيل إلى أن يصار إلى تحقيق الحل الشامل وعودة اللاجئين الفلسطينيين». ونقلت عنه قوله إن «أمن سورية من أمن لبنان والعكس بالعكس، وما نريده هو علاقات مميزة مع سورية، فمصيرنا مشترك ونحن شعبان على أرض واحدة ولكن هناك دولتين ولا بد من قيام علاقات سياسية واقتصادية». وقالت إن جنبلاط جدّد «الاستمرار في الدفاع عن قضية فلسطين ومنع تحويل لبنان إلى ممر للمساس بأمن سورية والبقاء مع المقاومة سياسيا وفكريا وعسكريا إذا لزمت المواجهة في حال أي اعتداء إسرائيلي».

إلا أن جريدة «الوطن» السورية الخاصة كادت تكون الجريدة الوحيدة التي نشرت خبرا تضمن ما يشبه التعليق على كلام جنبلاط فاعتبرت أنه «لم يعتذر وفضَّل التأرجح بين 8 و14 آذار». ونقلت الجريدة عن عدد من المحللين السوريين واللبنانيين «رفضوا» الكشف عن أسمائهم أن «جنبلاط لم يكن صريحا في المواقف التي صدرت عنه وبقيت تتأرجح بين 14 آذار و8 شباط كأنه لا يريد أن يخسر أي طرف من الأطراف ولو كان من بينها من يؤيِّد إسرائيل ويدافع عنها». وقالت «الوطن» إن المحللين لفتوا إلى أن «معادلة (واحدة بواحدة) التي حاول جنبلاط فرضها على السوريين لم تكن موفقة على الإطلاق لأمرين: الأول أنه اتهم سورية مباشرة باغتيال والده عام 1977، والثاني أنه سبق لسورية أن سلّفت جنبلاط مئات المواقف في السابق ووفرت له الحماية في لبنان وفي سورية حين كان مهددا من جهات لبنانية مختلفة كما زوَّدَته بالمال والعتاد والرجال للدفاع عنه وعن طائفته ولم تبخل يوما في تلبية كل طلباته حتى حين كانت (غير مقبولة بالنسبة إلى السوريين)». وتابعت «الوطن» أن «المحللين» أشاروا إلى أن كلام جنبلاط كان (متعاليا) واستخدم كلمات مثل (سنختتم) و(سأنسى) كأن زيارته مصلحة لدمشق فقط وليست برجاء منه». وحول نفي جنبلاط ما نشرته «الوطن» قبل أيام من حواره مع قناة الجزيرة قالت الجريدة السورية الخاصة: «صحيح أن جنبلاط توجه عبر الإعلام لأنصاره بعدم التعرض للسوريين في لبنان لكن الصحيح أيضا أن جنبلاط كان جزءا من منظومة سياسية متكاملة عملت على قتل السوريين في لبنان والاعتداء عليهم ولم نسمع أي اعتراض منه على ممارساتها، كما كان جنبلاط من أكثر المحرِّضين في خطاباته التي كانت في (لحظات من غضب) تجاه السوريين، مما شجع الاعتداء عليهم وكنت أتمنى كما الكثير أن نستمع إلى كلمة (آسف) لذوي من قُتل أو جُرح في لبنان».

أما في بيروت فقد اعتبر عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة أن جنبلاط «كان كبيرا في إطلالته لائقا في كلامه وصارما وحاسما في مواقفه»، مشيرا إلى أن هذا الأخير «كان كبيرا جدا في حديثه وكان الرجل الحكيم والمتزن وغير المتملك والمحافظ على آداب سياسية وأعطى في الوقت نفسه سورية حقا كان قد انتزعه منها في كلام خارج الصحن وأعطى فلسطين حقها وهذا إرث تاريخي لآل جنبلاط وأعطى لبنان الاعتبار ولم يخرج في الموضوع اللبناني عن أي من المسلمات مسجلا لـ14 آذار فضلا على مرحلة معينة من تاريخ لبنان». وأشار إلى أنه «بالقاموس الدرزي ساعة التخلي التي أشار إليها جنبلاط، قد تعني لحظة لا مسؤولية ولا موضوعية وتعطي أسبابا تخفيفية لأنها تأتي من الغضب وعدم الانتباه لأمر معين».

وأكد عضو الكتلة نفسها النائب فؤاد السعد أنه لن يتخلى عن النائب وليد جنبلاط ولن يبتعد عنه أيا كانت الظروف، وقال: «هو يفهمني مثلما أنني أفهمه ولن يكون مسموحا لأي كان أن يصطاد في الماء العكر». وعن المواقف التي أطلقها الأخير، قال السعد: «لم يعتذر جنبلاط من سورية وكان كلامه هادئا وإيجابيا وعاقلا يتضمن الرغبة في طي صفحة الماضي، لكنه لم يأتِ في إطار الجرجرة والشحططة والإذلال»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ «السوريين قد لا يعتبرون مواقف جنبلاط أمس كافية».