مؤتمر «14 آذار» في بيروت يثبّت مسؤولية الدولة في الدفاع عن لبنان من خلال سلطاتها الشرعية وجيشها

جنبلاط الحاضر - الغائب عن الحدث.. وتأكيد على الاستمرار والتضامن

TT

كان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الحاضر - الغائب في مؤتمر البريستول الذي عقدته قوى 14 آذار صباح أمس في بيروت، لمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاقتها، فقد استحوذ على الأحاديث الجانبية للمؤتمرين الذين اعتبروا أن موقفه الذي أعلنه مساء أول من أمس في حديثه التلفزيوني، لا يتعارض مطلقا مع موقفها حيال الوضع الراهن. كما أن قوله «أسامح وأنسى» في معرض الحديث عن اغتيال والده الراحل كمال جنبلاط، يؤكد كما أشار أكثر من قيادي في المؤتمر إلى أن جنبلاط لم يتراجع عن مواقفه السابقة من خلال تأكيده أن الجهة التي اغتالت والده هي الجهة التي يتوجب عليه الاعتذار منها.

ورأى النائب مروان حمادة أن «جنبلاط بكلامه الأخير لم يكن بعيدا عن مبادئ (14 آذار) التي أسهم في انطلاقتها، ليبقى اعتذاره قمة الرقي في أدبيات الدروز».

إلا أن أحد قادة «14 آذار» وصف «الكلام الجنبلاطي» بأنه «تأكيد على أن الخصومة مع النظام السوري، رغم ارتفاع كلفتها، تبقى أقل كلفة من الصداقة معها». واستشهد القيادي «بالهجمة التي يقودها حلفاء سورية في لبنان، ويتعرض لها رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، سواء كانت الخلفية طاولة الحوار أو تصريحات بعض مستشاري الحريري أو اتفاقيات عادية».

ووصف السنيورة الهجمة من قبل البعض بشأن الاتفاقية التدريبية لقوى الأمن الداخلي مع السفارة الأميركية في لبنان بأنها «معدة سلفا من أجل النيل من المؤسسات اللبنانية، ولا سيما مؤسسة قوى الأمن الداخلي، هذه المؤسسة التي يفترض أن نشد على يدها، لما قامت به من خطوات في الكشف عن كثير من الجرائم وعمليات التجسس التي يقوم بها العدو الإسرائيلي». وأضاف أنها تهدف إلى «إلغاء المرحلة السابقة بكل إنجازاتها للعودة إلى ما كانت الأحوال عليه».

واعتبر النائب أنطوان زهرا أن «جنبلاط أثبت أنه لا يرسم الانقلاب على التاريخ الحديث الذي أنتج سيادة واستقلال لبنان»، وقال «إن الجميع يعرف أسباب انتقال جنبلاط للوسط». وأكد أن «الانتقال إلى المقلب الآخر لم ولن يحصل، حسبما أكد جنبلاط».

وكان فندق البريستول في بيروت قد جمع أكثر من 200 شخصية سياسية وحزبية وثقافية وإعلامية، في مشهد أعاد إلى الأذهان الصورة المشرقة لمنطقة الحمراء المعروفة باحتضانها الحيوية السياسية والفكرية في لبنان. وفي حين غاب عن المؤتمر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على الرغم من تأكيد أكثر من مصدر في «14 آذار» على مشاركته الصباحية قبل سفره إلى ألمانيا، برز حضور رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية الرئيس السابق فؤاد السنيورة وغالبية أعضاء الكتلة. كما حضر رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كما برز حضور عدد من نواب اللقاء الديمقراطي، ومنهم النائبان فؤاد السعد ومروان حمادة. وشارك باسم حزب الكتائب اللبنانية نائب الرئيس شاكر عون. كذلك شارك رئيس حزب «الكتلة الوطنية» كارلوس اده. وتوزع المشاركون من دون ترتيب بروتوكولي حول طاولة مربعة كبيرة.

وبعد تقديم تولاه الأمين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، لـ«مهندس هذه الثورة منذ نهاية الحرب الأهلية، ومرورا بقرنة شهوان والبريستول و(14 آذار) سمير فرنجية»، تولى هذا الأخير عرض روحية بيان المؤتمر القائم على معادلة «نكون أو لا نكون، لنرد التحدي الذي ما زالت قوى داخلية وإقليمية تواجهنا به بقولها: لقد انتهى زمن (14 آذار). لكن جوابنا هو: مستمرون». ووضع فرنجية قانونين يلتزم بهما المؤتمرون هما «ننهض معا متحدين.. أو نسقط آحادا متفرقين»، وأن «كلفة تضامننا واستمرارنا، مهما كانت ثقيلة، لن تكون أثقل من كلفة تفرقنا».

الصيغة الأولى للبيان تلتها الإعلامية مي شدياق. ثم بدأ النقاش بشأن بعض التعديلات، لتتولى لجنة صياغة تعديل البيان ليخرج بصيغته النهائية، ويشدد على أن «انتفاضتنا مستمرة حتى تحقيق أهدافها رغم خيبات الأمل وهي كثيرة، ورغم الأخطاء التي ارتكبناها حفاظا على حلمنا بمجتمع أكثر انفتاحا»، مشيرا إلى أن «هذه الانتفاضة مستمرة لكي لا نعود لذاك الليل الطويل، ولأننا لا نريد أن يعود البلد ممسوكا بل متماسكا لبنانيا كامل اللبنانية، ولأننا نريد العيش معا».

وعرض البيان خطة عمل قوى 14 آذار لحماية لبنان، التي أكدت على «الالتزام بما نفذ من مقررات الحوار الوطني والمطالبة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من مقررات ومن بينها العلاقات المميزة مع سورية والدعوة لإدارة جدية ومسؤولة ومحددة زمنيا للبند الوحيد المتبقي أي الاستراتيجية الدفاعية».. وأوضح أن «التباين الداخلي المشروع شيء ومواجهة الاحتلال شيء آخر، وأي اعتداء إسرائيلي على أي جزء من لبنان هو اعتداء على كل لبنان». وأعلن أن كل القوى المشاركة في المؤتمر تعتبر بشكل واضح أن «الدفاع الوطني هو مسؤولية الدولة من خلال سلطاتها الشرعية وجيشها الوطني، ويتم ذلك على قاعدة تمكين الدولة». وأشار إلى أن «على لبنان السعي كي لا يكون منطلقا لإشعال فتيل الحرب في المنطقة انطلاقا من أراضيه».

وتضمنت خطة العمل في البيان دعوة الدولة اللبنانية للمبادرة السريعة في اتجاه الجامعة العربية، لوضع الأخيرة أمام مسؤولياتها في حماية لبنان على أساس التضامن العربي، ووفقا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك، وعدم تحميل لبنان فوق ما يحتمل، كما طالبت بالمبادرة السريعة «تجاه المجتمع الدولي لكي ينفذ القرار 1701 تنفيذا صارما».

وفي هذا السياق، أعلنت قوى 14 آذار عزمها التحرك في الاتجاهات التالية: أولا تجاه المجتمع المدني اللبناني، وثانيا، تجاه البلدان العربية والرأي العام فيها لحماية نموذج لبنان الإنساني، وثالثا، تجاه البلدان الأجنبية لإقناع حكومات هذه البلدان بالدور الحيوي الذي يمكن أن يقوم به لبنان في المنطقة.