عودة الدفء إلى العلاقات السورية - المصرية عبر بوابة الاقتصاد

مصر تلتزم بمساعدة سورية للانضمام لاتفاقية التجارة العالمية وتسعى لزيادة حجم التجارة معها إلى 3.5 مليار دولار

TT

فيما اعتبر فتح مرحلة أكثر تفاؤلا في العلاقات بين سورية ومصر في مختلف المجالات، وبخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية، عقدت وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية، لمياء عاصي، جلسة محادثات مع وزير التجارة والصناعة المصري، رشيد محمد رشيد، أمس.

ووصل الوزير المصري إلى دمشق في زيارة رسمية، هي الأولى لوزير مصري منذ ثلاث سنوات. زيارة رسمية على رأس وفد، يضم عددا من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين، للمشاركة في ملتقى «رجال الأعمال الاقتصادي السوري المصري»، الذي يعقد اليوم في دمشق لبحث قضايا التبادل التجاري بين البلدين، والصعوبات التي تعترضها. وخلال جلسة المباحثات بين وزيرة الاقتصاد السورية والوزير المصري جرى استعراض المشكلات والمعوقات التي تعترض سير العلاقات الاقتصادية والتجارية، التي تقف حائلا أمام تطوير التعاون الاقتصادي بين مصر وسورية، كشهادات المنشأ وشهادات المطابقة وتوحيد المواصفات والمقاييس والحجر الصحي الزراعي، وتسهيل عمليات نقل البضائع بين البلدين وتبادل البيانات والمعلومات وموضوع الصفقة المتكافئة. وبحث الجانبان متابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وسبل زيادة حجم المبادلات التجاري.

واتفق الجانبان، السوري والمصري، على ضرورة تشكيل لجنة فنية تجتمع خلال الأسبوعين المقبلين في القاهرة، لمناقشة أمور فنية تتعلق بالتصدير وتخليص البضائع والمستندات والمواصفات، كي تقوم تلك اللجنة بوضع الآليات لتسهيل عمليات التبادل التجارية وتنشيطها بما يخدم مصلحة البلدين.

وركز الجانبان على أهمية متابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقّعة بين البلدين من قبل، والتي ستوقع خلال انعقاد الدورة الجديدة للجنة التجارية السورية المصرية المشتركة في دمشق في مايو (أيار) القادم، وفي القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل أيضا في جميع المجالات وخاصة التجارية والاقتصادية والاستثمارية.

كما جرى بحث إمكان إنشاء شركة قابضة مصرية سورية للقيام بمشاريع كبيرة حيوية، بحيث تسهم حكومتا البلدين بنسبة معينة، ويسهم القطاع الخاص بنسب أكبر. وتم الاتفاق على دراسة هذا المقترح بشكل مفصل، بالإضافة إلى إمكان إنشاء بنوك مصرية في سورية، وبنوك سورية في مصر، أو بنوك مشتركة في البلدين، لما لذلك من تسهيل عمليات التصدير والتبادل التجاري بين البلدين.

واقترح الجانبان إمكان إقامة مشاريع عدة، منها إقامة شركة ملاحية لخط اللاذقية – الإسكندرية، وتشجيع نقل الخضروات والفواكه بين مصر وسورية، إضافة إلى المعارض المتخصصة المتبادلة وفق صيغ مثمرة ومفيدة للجانبين.

ومن المتوقع أن يلتقي الوزير المصري الرئيس السوري، بشار الأسد، وعددا من المسؤولين السوريين، منهم وزير الصناعة، فؤاد الجوني، ووزير المالية، محمد الحسين، كل على حدة لبحث المواضيع ذاتها، كما أنه من المرجح أن يلتقي اليوم، الاثنين، رئيس مجلس الوزراء، محمد ناجي عطري، ونائبه للشؤون الاقتصادية، عبد الله الدردري.

ورحبت وزيرة الاقتصاد والتجارة، لمياء مرعي عاصي، التي كانت في استقبال الوزير الضيف، ترحيبا كبيرا، وقالت: «إن الزيارة تحظى بأهمية كبيرة، كونها ستسهم في رفع معدلات التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، من خلال متابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بينهما»، مشيرة إلى «ضرورة الاستفادة مما يتوافر لدى رجال الأعمال في البلدين من رغبة للعمل الاقتصادي والتجاري المشترك، والذي يشكل أرضية صلبة من أجل تمتين العلاقات الاقتصادية بين البلدين، عبر طرح مشاريع استثمارية مشتركة ذات جدوى اقتصادية»، مؤكدة «أهمية (ملتقى رجال الأعمال السوري المصري)، الذي سيعقد اليوم، الاثنين، حيث تم الإعداد الجيد والمناسب لهذا الملتقى».

من جانبه، أكد وزير التجارة والصناعة المصري، رشيد محمد رشيد، لدى وصوله مطار دمشق «ضرورة تدعيم علاقات التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، بما ينعكس إيجابا على اقتصادي البلدين الشقيقين»، موضحا أن برنامج الزيارة سيكون زاخرا بالنشاطات، التي تتضمن المشاركة في «ملتقى رجال الأعمال السوري المصري»، فضلا عن إجراء محادثات مع بعض المسؤولين السوريين بهدف تعزيز التعاون في مختلف المجالات.

ودعا الوزير المصري «رجال الأعمال في البلدين إلى ضرورة توسيع النشاط التجاري فيما بينهم، والاستفادة من هذه اللقاءات».

ومن المقرر أن يناقش الملتقى علاقات التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري القائمة، وسبل تذليل العقبات التي تعترضها، فضلا عن مناقشة الآليات والوسائل الكفيلة لإطلاع المستثمرين ورجال الأعمال على الفرص التجارية والاستثمارية في البلدين كليهما وإطلاع رجال الأعمال عليها، وتسهيل إقامة استثمارات سورية أو مصرية أو مشتركة في مختلف المجالات، وإقامة بنوك مشتركة لتسهيل عمليات التمويل.

واعتبرت الأوساط السياسية السورية أن زيارة الوزير المصري وعقد «ملتقى رجال الأعمال» فتح مرحلة جديدة لإعادة الدفء إلى مختلف المجالات بين البلدين، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية، التي تستهدف خلق مستوى جديد في العلاقات السورية - المصرية بعد ثلاث سنوات من الفتور، على خلفية تباين المواقف بعد حرب يوليو (تموز)، وملا تلاها من أحداث إقليمية.

من جهة أخرى قال رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري، إن مصر وسورية يدخلان حاليا مرحلة أكثر تفاؤلا في العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات خصوصا التجارية والاقتصادية.

جاء ذلك خلال زيارة رشيد لسورية، التي تعد الأولي لمسؤول مصري بهذا المستوى منذ أربع سنوات، والتقى خلالها رئيسَ الوزراء السوري محمد ناجي العطري ووزيرة الاقتصاد والصناعة السورية لمياء العاصي في مباحثات تستهدف تنشيط العلاقة بين البلدين. وقال: «نحن نبني اليوم هذه الصفحة استنادا إلى هذه الإيجابيات»، كما شدد على أن هناك إصرارا على التعاون في كل الظروف من أجل تطوير العلاقات من جانب الشعبين ورجال الأعمال»، وقال: «مصر مستعدة لمساعدة سورية للانضمام إلى اتفاقية التجارة العالمية، وسنتبنى هذا الملف في الفترة القادمة».

وأضاف أن «مصر بصدد مرحلة جديدة للتعاون مع سورية، لا سيما في المجال الاقتصادي»، وقال إن «الهدف هو وضع حوافز من أجل الدفع بحجم التجارة بين البلدين من 1.5 مليار دولار حاليا، إلى 3.5 مليار دولار في أسرع وقت ممكن».

وأشار رشيد خلال مباحثاته مع نظيرته السورية، إلى أن هناك الكثير من العقبات التي قد تواجه تحقيق ذلك، داعيا إلى إزالتها ووصفها بالبيروقراطية المتمثلة في الاعتراف المتبادل بشهادات المنشأ والتوافق الكامل حول المواصفات والتسهيلات في عمليات الشحن.

وقال رشيد إن اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين اتفقت على عقد اجتماعين، الأول في القاهرة خلال شهر مايو (أيار) القادم والثاني في دمشق خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول)، كما أعلن أنه سيتم دراسة إنشاء خط بحري تجاري منتظم ومباشر بين الإسكندرية واللاذقية وتشكيل لجان فنية لدراسة وضع ضوابط للحجر الزراعي لتسهيل الصادرات من الحاصلات الزراعية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن مصر ليس لديها مشكلة في استقبال الحاصلات الزراعية السورية والعمل على معالجة موضوع الصفقات المتكافئة.

وأضاف أنه تم أيضا الاتفاق على دراسة اقتراح سوري بإنشاء شركة قابضة مصرية سورية لتنفيذ مشروعات حيوية تشارك الحكومتان فيها بنسب صغيرة كنواه للقيام بأنشطة كبيرة في البلدين، أو في بلد ثالث، وكذلك الاتفاق على اقتراح سوري بتكليف الفنيين إعداد مذكرة تفاهم بشأن تنظيم المعارض المتبادلة.