«انتفاضة القدس» تنتقل من أزقة البلدة القديمة إلى مدن الضفة

نائب رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل لـ الشرق الأوسط»: فليعبدوا الله بطريقتهم ولكن ليس على أرضنا

جندي اسرائيلي يدوس على رأس شاب فلسطيني خلال مواجهات في مخيم شعفاط في القدس المحتلة امس (ا ف ب)
TT

تحولت شوارع القدس أمس إلى ساحات حرب بين الفلسطينيين الغاضبين للحيلولة دون اقتحام يهود مستعربين المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، وقوات الشرطة والجيش الإسرائيلي، في مشهد يذكر بالانتفاضة الأولى التي استخدمت خلالها كل وسائل المقاومة الشعبية، من متاريس وإغلاق شوارع وإشعال نيران وإلقاء حجارة. ورد رجال المخابرات ووحدة المستعربين بالجيش الإسرائيلي، بضرب من يقع بين أيديهم من متظاهرين في الشوارع واعتقالهم، وأحيانا إطلاق الرصاص الأمر الذي أدى إلى إصابة العشرات من الفلسطينيين.

وتفجرت المواجهات باكرا، في يوم وصف بيوم الغضب الفلسطيني، دعت له قوى وطنية وإسلامية ورجال دين، لمنع خطط متطرفين يهود من اقتحام الأقصى. واستجاب آلاف الفلسطينيين من القدس وعرب الداخل لنداءات بالوجود عند الأقصى لمنع متطرفين يهود من اقتحامه، لكنهم وجدوا بانتظارهم أكثر من 3 آلاف شرطي وجندي إسرائيلي يغلقون الحرم القدسي الشريف. وسرعان ما انتقلت المواجهات من أزقة البلدة القديمة وأبواب المسجد الأقصى، إلى جميع أنحاء المدينة المقدسة.. أحياء رأس العامود، وسلوان، وجبل الزيتون، وواد الجوز، وحي الصوانة، وقرية العيساوية، ومخيم شعفاط، ومخيم قلنديا، وأبوديس. وفي وقت لاحق، امتدت موجة الغضب إلى مدن الضفة بأسرها وكذلك قطاع غزة.

وقال الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل زجت بجيشها كله في القدس، وهي تمنع حتى السير في الشوارع، وتقود الفلسطينيين نحو انتفاضة ثالثة. وأكد التميمي أن الفلسطينيين لن يسمحوا بالمس بالأقصى بأي ثمن.

وقالت مصادر في الشرطة الإسرائيلية إن المواجهات في القدس بمثابة «يوم الامتحان الكبير» لقياس مدى تجاوب الفلسطينيين في شرق القدس، مع دعوات الغضب والتظاهر.

وهاجم عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي بشدة أداء الشرطة الإسرائيلية في القدس، وقال إن المظاهرات الاحتجاجية لها ما يبررها، في ظل أن المسجد الأقصى يخضع لحصار شرطي. وأضاف: «القدس تجلس على برميل من البارود قابل للانفجار، ويتضح أن الحكومة لا تقود الأمور تحت تأثير الخمور فحسب، كما قال الصحافي اليهودي الأميركي المشهور توم فريدمان، بل إنها حكومة مؤلفة من مهووسين بإشعال الحرائق تهدد بإشعال القدس برمتها».

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن أكثر من 50 فلسطينيا أصيبوا خلال المواجهات، غالبيتهم، بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، بينما أصيب 8 جنود إسرائيليين. وحسب الجمعية، فإن الجنود الإسرائيليين رفضوا في الكثير من الحالات تقديم العلاج للجرحى، بل اعتدوا على عدد من المسعفين، أما عدد المعتقلين فقد ناهز الـ40 فلسطينيا بعضهم قصر.

وقال كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل، إن الهبة الجماهيرية منعت المتطرفين من اقتحام الأقصى، وأوضح أن المتطرفين كانوا يخططون لاقتحام الأقصى في ثالث يوم من الاحتفالات بافتتاح كنيس الخراب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأحد أدخلوا كتاب التوراة إلى الكنيس، والاثنين افتتحوه، والثلاثاء كانوا يريدون اقتحام الأقصى». وأضاف أن جولات المواجهة مع الإسرائيليين في القدس ستكون مفتوحة طالما هناك نوايا لاقتحام الأقصى.

وأكد الخطيب أن المتطرفين اليهود قدموا طلبا للشرطة الإسرائيلية بالسماح لهم بإدخال قرابين عيد الفصح إلى الأقصى في نهاية مارس (آذار) الحالي، «وهذا كفيل بتفجير الأوضاع من جديد».

وافتتحت إسرائيل «كنيس الخراب» في حي المغاربة الذي يطلق عليه اليهود اسم الحي اليهودي قرب الأقصى، أول من أمس، في حفل حضره الحاخام الأكبر لإسرائيل يونا متسغير، ورئيس بلدية القدس نير بركات، ورئيس الكنيست الإسرائيلي، رؤوفين رفلين. وقال متسغير إن اليهود لا يريدون إعادة بناء الهيكل المقدس في الحرم القدسي الشريف.. ودعا إلى وقف إشعال النار، وتهييج الخواطر في المنطقة. ورد الخطيب بقوله: «نحن لسنا ضد أن يعبدوا الله على طريقتهم، ولكن ليس على أرض مغتصبة». وقال: «هذا الكنيس رقم 60، الذي يبنى حول الأقصى، وهو يرمز إلى بداية بناء الهيكل». وتابع القول: «عليهم أن يفهموا أن الأقصى لن يكون إلا مسجدنا نحن المسلمين، وهو من أرضه إلى سمائه السابعة للمسلمين».

وجاءت المواجهات في وقت قالت فيه السلطة إنها لن تنجر إلى حرب دينية، محذرة من تداعيات مثل هذه الحرب. وغادر، أمس، صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية إلى موسكو حاملا رسائل خطية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لأعضاء اللجنة الرباعية، التي ستجتمع في 19 مارس (آذار)، تحذر من انفجار الأوضاع.

وتدعو الرسائل إلى إلزام الحكومة الإسرائيلية بالوقف الفوري لجميع إجراءاتها وسياساتها بالقدس، وتتضمن وثائق وخرائط حول السياسات الاستيطانية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وحتى منتصف مارس الحالي، تبين ما تتعرض له القدس من محاولات لتغيير معالمها السكانية والتاريخية والدينية.

وفي غزة، خرج الفلسطينيون في مظاهرات حاشدة تنديدا بالإجراءات الإسرائيلية، وهتف المتظاهرون نصرة للأقصى. وهون رئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية من إمكانية اندلاع حرب دينية، وقال: «لا تتخوفوا من حرب يسمونها دينية أو غير دينية، القدس إسلامية مرتبطة بعقيدتنا ونحن نتحرك من هذا المنطلق العقائدي والشرعي قبل المنطلق الوطني والإنساني».