المعلم يؤكد استجابة سورية لوساطة حزب الله

الحزب يتحدث عن «دالة» لنصر الله على سورية * جنبلاط: لدي الكثير لأقوله للرئيس بشار الأسد حين ألتقيه

وزير الخارجية وليد المعلم خلال لقائه أمس مع منسقة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد كاثرين أشتون
TT

في أول تعليق رسمي سوري على بيان حزب الله اللبناني عن موافقة سورية على استقبال رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، قال وزير الخارجية وليد المعلم إن «بيان حزب الله دقيق» رافضا الرد على سؤال حول ما إذا اعتبرت سورية اعتذار جنبلاط كافيا، وقال: «فيما يتعلق ببيان حزب الله أستطيع القول إن هذا البيان دقيق». وكان حزب الله قال إن دمشق استجابت للوساطة التي بذلها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وقررت طي الصفحة، كما أنها توافق على استقباله في موعد يحدد خلال أيام مقبلة.في حين نقلت صحيفة «الوطن» عن مصادر سورية ولبنانية قالت إنها متابعة لزيارة جنبلاط توقعاتها بأن موعد الزيارة يوم غد.

وفي بيروت، «طوى» جنبلاط «صفحة سوداء» في علاقته مع سورية، معبرا عن ذلك بعدم ذهابه أمس إلى ضريح والده الراحل كمال جنبلاط ووضع وردة على الضريح على جري عادته في تاريخ 16 مارس (آذار) ذكرى اغتيال والده كترجمة منه لـ«طي صفحة الماضي» كما قال مصدر مقرب منه لـ«الشرق الأوسط» أمس، مشيرا إلى أن موعد زيارته إلى دمشق بات «قريبا جدا، يعد بالأيام»، وأن الموعد سوف يعلن عند تحديده منعا لـ«التأويلات».

وكلف جنبلاط نجله تيمور وأمين السر العام في الحزب المقدم شريف فياض وضع زهرة على ضريح والده في الذكرى الثالثة والثلاثين لاغتياله. وإحياء للذكرى تقاطرت إلى الضريح شخصيات عدة بينها قيادات في «حركة أمل» برئاسة النائب أيوب حميد ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وكان جنبلاط خص أمس صحيفة «الوطن» السورية، أبرز المشاغبين على زيارته، بحديث أكد فيه أن الصفحة الماضية طويت إلى غير رجعة، بما فيها من تشنج وتصريحات قاسية، في توضيح أخير منه أن ما حصل لن يتكرر. وأضاف أن «لديه الكثير ليقوله للرئيس بشار الأسد حين يلتقيه»، ما اعتبرته «الوطن» السورية إشارة منه إلى أنه سيبلغ الأسد ما لم يستطع أن يعلنه على الهواء خلال لقائه مع قناة «الجزيرة»، وأنه سيقدم اعتذاره مباشرة للأسد.

وعن موعد زيارته إلى دمشق التي حددتها بعض وسائل الإعلام اللبنانية بيوم غد، قال: «لا تاريخ محدد للزيارة ولكني انتظر الذهاب إلى سورية لأنه لدي الكثير لأقوله إلى الأسد وأهمه أن ننسى الماضي بكل ما فيه لنفتح صفحة جديدة».

وبقي موضوع زيارة جنبلاط المرتقبة والدور الذي لعبه الأمين العام لحزب الله فيها موضع اهتمام من القيادات السياسية اللبنانية. وأكد عضو كتلة حزب الله النائب حسن فضل الله أن «الجهد الذي بذله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بدأ منذ أشهر، وبناء على طلب من النائب وليد جنبلاط في اللقاء الثاني الذي جمعهما».

ورأى فضل الله أن «هناك 4 مرتكزات بني على أساسها القرار السوري على تجاوز الشوائب، الأول هو ألا يكون لبنان ممرا للتآمر على سورية، وهو مطلب تاريخي سوري حيال لبنان، والثاني هو العلاقة المميزة بين سورية ولبنان على أساس ما أقره اتفاق الطائف، والمرتكز الثالث هو الموقف من المقاومة ووحدتها، والمرتكز الرابع يكمن في وحدة اللبنانيين وتفاهمهم وتوافقهم في إدارة شؤون بلدهم»، مشيرا إلى أن «النائب جنبلاط أطلق مجموعة كبيرة من المواقف وفق هذه المرتكزات الأربعة، ومن هنا يمكن القول إنه حصل هناك التقاء سياسي أساسي بين جنبلاط والقيادة السورية».

وأكّد فضل الله أن «السيد نصر الله له دالة على سورية، ورمزيته كقائد المقاومة، ونظرا لموقعه الوطني العربي له القدرة على إقناع القيادة السورية بالمصلحة اللبنانية الوطنية ومصلحة لبنان وسورية»، لافتا إلى أن «القيادة السورية وافقت على هذه النتيجة للوساطة بقناعاتها ومن موقعها العربي والدور الذي يؤديه الرئيس الأسد على المستوى العربي، وسورية تلعب أدوارا خارج الإطار الجغرافي، والموقف السوري نابع من قراءة للمصلحة اللبنانية والسورية، وهذه الزيارة تأتي في سياق الدور الذي يلعبه الرئيس السوري بشار الأسد والموقع الأبوي والاستثنائي له، وموقفه هذا كان متوقعا»، لافتا إلى أن «النائب جنبلاط أبلغ أمس، مباشرة قبل إصدار بيان حزب الله، أن موعد الزيارة سيحدده الرئيس الأسد الذي سيستقبله شخصيا».

وستكون زيارة جنبلاط لدمشق الأولى له منذ نحو ست سنوات. وقد نشرت صحيفة «الوطن» التي سبق وانتقدت كلام النائب جنبلاط لقناة «الجزيرة» تصريحا للنائب جنبلاط وقالت أمس: «استجابت دمشق لجهود الوساطة التي بذلها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وقررت أن تطوي الصفحة وتوافق على استقبال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط». مضيفة أنه « فور تبلغه القرار السوري أكد جنبلاط لـ«الوطن» أن «الصفحة طويت بما فيها من تشنج وتصريحات قاسية» موضحا أن ما حصل لن يتكرر وأن لديه الكثير ليقوله للرئيس بشار الأسد حين يلتقيه.

وعلى صعيد آخر أسقطت لجنة الادعاء القومي العربي برئاسة المحامي السوري حسام الدين حبش حق الادعاء الشخصي بخصوص القضية التي رفعتها اللجنة لمحاكمة النائب جنبلاط، وقال حسام الدين حبش لـ«الشرق الأوسط» لقد «قمنا بإسقاط الحق الشخصي، أما الحق العام فهو بيد الرئيس السوري بشار الأسد، من جهة اخرى دعا الرئيس السوري بشار الأسد دول الاتحاد الأوروبي إلى تحديد «ماهية الدور الذي تريد للاتحاد أن يلعبه في المنطقة» و«إجراء حوار في هذا الإطار مع دول المنطقة ومع القوى الفاعلة في العالم»، وذلك خلال لقائه أمس مع منسقة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد كاثرين أشتون، بينما كشف وزير الخارجية وليد المعلم عن أن سورية تقدمت إلى القمة العربية المقبلة بورقة عمل من أجل تحقيق تضامن عربي مع آلية لحل الخلافات، معربا عن اعتقاده بأن تحقيق التضامن العربي يتطلب تحقيق المصالحات العربية.

وأوضح المعلم أن ذلك «يعتمد أيضا على الإرادة السياسية للقيادات العربية.. نحن في سورية مؤمنون بأن التضامن العربي في هذه المرحلة الدقيقة مهم للغاية». جاء ذلك خلال رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان اللقاء الاقتصادي السوري - المصري مقدمة للقاءات سياسية بين البلدين تعيد مياه العلاقات بين البلدين إلى مجاريها، لا سيما أن العرب على أبواب عقد مؤتمر للقمة.

ودعا الوزير المعلم إلى موقف إسلامي وأوروبي وأميركي واضح تجاه ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات تعوق عملية السلام. وحول إعادة إطلاق المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل وما قاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن وجود إشارات إيجابية من قبل إسرائيل، قال المعلم: «نثق في أردوغان، ولكن لم يردنا من تركيا رسميا ما يشير إلى هذا التفاؤل».

وفي ما يتعلق بموعد التوقيع على اتفاق الشراكة السورية الأوروبية، كشف المعلم عن أن هناك لقاء غير رسمي في وزارة الخارجية بين المفوض الأوروبي المسؤول عن هذا الملف وبين الجانب السوري، وأضاف: «كانت وجهات نظرنا موحدة بأننا نريد اتفاقية شراكة تقوم على التكافؤ والمساواة وعلى احترام سيادة واستقلال الطرفين وعدم التدخل في شؤونه الداخلية» مشيرا إلى أن الرئيس بشار الأسد أوضح أن «الشراكة ليست فقط بعدا اقتصاديا وإنما لها بعد سياسي، ويجب أن تكون شراكة حقيقية. أما بالنسبة لموعد التوقيع، فهذا يتوقف على موقف الطرفين ومدى المرونة التي ستبدى خلال المفاوضات المقبلة».

ووصف المعلم لقاء آشتون بالرئيس الأسد أمس بأنه «مثمر وبناء جرى خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين سورية والاتحاد الأوروبي، خاصة ما يتعلق باتفاقية الشراكة. وكذلك سبل إحياء عملية السلام على مختلف المسارات»، من جانبها، أكدت آشتون أن «الاتحاد الأوروبي يدرك أهمية سورية بالنسبة للسلام في المنطقة والاتحاد من أجل المتوسط والاستقرار في المنطقة عموما»، مشددة على أن «تحقيق السلام في الشرق الأوسط يحتل أولوية قصوى بالنسبة للاتحاد الأوروبي»، وقالت إن «تسوية الصراع العربي الإسرائيلي أمر بالغ الأهمية لتسوية الصراعات الأخرى.. نحن نريد تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات كافة». وأعربت آشتون عن أملها في أن «يؤدي التزامنا المشترك إلى إكمال المفاوضات بشأن اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية وتحقيقها نتائج مثمرة وإيجابية».