الرئيس الصومالي: الولايات المتحدة لم تطرح تدخلا عسكريا.. لكننا لا نمانع الدعم الأميركي

شريف شيخ أحمد لـ«الشرق الأوسط»: أخطر ما في الصومال القتل باسم الإسلام

الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد (إ.ب.أ)
TT

نفى الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد، أمس، أن يكون هناك طرح أميركي بالتدخل العسكري المباشر في بلاده، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يمانع من تقديم الولايات المتحدة دعما عسكريا لتقوية مؤسسات الحكومة، مدعما موقفه هذا بأنه دعم عسكري غير مباشر من الجانب الأميركي للصومال.

وأكد شيخ شريف شيخ أحمد في حوار أجرته «الشرق الأوسط» معه أثناء وجوده في دبي لحضوره مؤتمر، أن الصومال تحول إلى بيئة مثالية لـ«القاعدة» وأفكارها، وأن كل محاولات إزاحته عن السلطة ستبوء بالفشل، لأن الصومال حافل بمحاولات فاشلة من هذا النوع، على حد قوله، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه يمد يده إلى كل الأطراف الصومالية المناوئة له من دون استثناء، بمن فيهم شباب المجاهدين، لافتا إلى أنه لم يعد خافيا أن الأحزاب المسلحة في الصومال تحمل فكر «القاعدة» وتتلقى منها الدعم ومن بعض الدول التي «لا تريد توقف الحرب في الصومال».

وقال إن أخطر ما في الصومال هو أن ما يرتكب من جرائم وإراقة لدماء المسلمين والأبرياء يرتكب باسم الإسلام، و«المطلوب من الجميع إيقاف معاناة الشعب الصومالي».

وطالب شيخ شريف الدول العربية والإسلامية بموقف حاسم لوقف إراقة الدماء في الصومال، قائلا: «إن هذه المجموعات المسلحة نتجت عن الفراغ والصراع الداخلي في الصومال الذي استمر فترة طويلة، ولكي نعالج المشكلة لا بد أن نعزز دور الحكومة، فغياب السلطة يعطي فرصة لهذه الحركات للاستمرار في نشاطهم، لذلك فإن تقوية مؤسسات الدولة مهمة جدا، ويجب دفع الحوار إلى الأمام، وأيضا إغاثة المحتاجين والمتضررين، فالشعب الصومالي يعاني من مجاعة ومشكلات صحية، وعندما يكون هناك عون إنساني يخفف عن الشعب الصومالي».

وفيما إذا كان العون العسكري مهما بدوره ليتم ضبط الأمور، قال إن الدعم العسكري مهم لتقوية مؤسسات الحكومة، وأعرب عن عدم ممانعته للاستعانة بالأميركيين لتقديم الدعم العسكري، «حتى لو كان من الأميركان.. لا أمانع من الاستعانة بالأميركان في الدعم العسكري»، مشيرا إلى أن لا تدخل أميركيا مباشرا في الصومال، كما أنه ليس هناك طرح أميركي بالتدخل العسكري المباشر، «وما نتحدث عنه هو الدعم الذي يقدم للحكومة لتعزيز مؤسسات الدولة.. هذا ما قصدته وهذا ما أرغب فيه».

وفيما إذا قام الأميركيون بقصف مواقع للحركات المسلحة التي تقف وراء العنف في البلاد، علق شريف بالقول: «بالنسبة لعناصر (القاعدة) إذا تم تحديد مواقعهم وتحركاتهم وأراد الأميركيون استهدافهم.. فهذا أمر يمكن أن نتحدث فيه»، لكنه أشار إلى أن بقية العناصر الأخرى المسلحة في الصومال، عدا «القاعدة»، «الحكومة معنية بالتوصل معها إلى حل».

وأكد الرئيس الصومالي على أنه مستعد للتحاور مع كل الأطراف الصومالية المناوئة له للوصول إلى تسوية توقف المجازر في الصومال قائلا: «أنا أجلس مع أي طرف صومالي يريد أن يجلس معنا سواء شباب المجاهدين أو غيرهم للوصل إلى حل يوقف إراقة الدماء»، لكنه رفض أن يحدد أكثر الأطراف الصومالية صعوبة في الوصل معها إلى حل قائلا: «نريد أن ندخل في حوار مع كل الأطراف، لذلك لن أحدد أي الأحزاب».

وبقي شريف ليومين في دبي حضر خلالها تجمعا بعنوان «الصومال.. صوت الحكمة والشرع»، بمبادرة من الشيخ عبد الله بن بيه الذي قدم وثيقة لإيقاف العنف في الصومال أيدتها كل الأطراف الصومالية المتنازعة، باستثناء شباب المجاهدين، الأمر الذي وصفته شخصيات حضرت الاجتماع بـ«الإيجابي».

وقال الرئيس الصومالي إنه يؤكد التزامه بتطبيق الشريعة الإسلامية في إدارة الصومال، وإنه مستعد للجلوس على طاولة واحدة تجمع كل الفرقاء المتنازعين في الصومال دون استثناء.. مشيرا إلى أن الصومال قام بـ«قوننة» الأحكام الشرعية وتحويلها إلى دستور صوت عليه بالإجماع البرلمان الصومالي ووقع عليه الرئيس.

لكنه وفي الوقت الذي رفض في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن يوجه أي اتهام صريح لدول أو أطراف بعينها بدعم الأحزاب المسلحة في الصومال، قال إن «دعمها معروف و(القاعدة) وأفكارها معروفة.. وأيضا هناك دول ترى أن استمرار العنف في الصومال يخدم مصالحها ولا أريد أن أحدد هذه الدول حاليا».

مشيرا إلى أنه باعتباره رئيسا للصومال «لن أيأس»، لكنه أقر بصعوبات كبيرة تواجه حكومته قائلا: «هناك صعوبات وتعنت من قبل المتمردين على الحكومة وهم يواصلون الهجمات عليها ليس سوى من أجل السلطة ولكن من أجل إراقة الدماء.. وأقول لهم: لا حاجة لإراقة الدماء للوصول إلى السلطة، فالتجربة الصومالية غنية بتجارب تفيد بأن لا فائدة في هذه المحاولات لأنها فاشلة».

وأشار شريف إلى ما وصفه بالدول التي تدعم الأحزاب المسلحة في الصومال، والتي رفض أن يسميها، قائلا إن ما يحدث في الصومال يؤثر على الأمن العالمي، محذرا: «من يدعم هذه الأفكار ربما تدور عليه الدوائر وتأتيه هذه الأفكار إلى بلاده.. نحن نحث هذه الدول على أن تكف عن دعم هذه الحركات، فالشعب الصومالي يود أن يعيش في أمن وأمان.. فشعبنا شعب مسلم ولا مكان للتطرف في الصومال». وتابع شريف أن الأحزاب المسلحة التي تقوم بعمليات ضد الحكومة والمدنيين «هي عبارة عن مجموعات موجودة في العراق وأفغانستان وباكستان، وما تريده هذه الجماعات هو الاستمرار في الحرب وتأزيم الأوضاع»، لافتا إلى أنه ليس هناك مشروع تقدمه هذه الأحزاب للتغيير في البلاد «فالصعوبة أنهم لا يريدون الأمن والاستقرار في الصومال ويريدون تطبيق الشريعة.. فتطبيق الشرعة يحتاج إلى أمن وسلام، وإلى من يستطيع تطبيقها هناك استباحة للمسلمين في الصومال وهذه ليست أخلاق المسلمين».

إلى ذلك أعرب شيخ شريف عن قناعته بأن الأمور ستتحسن، وأن ما يريده هو أن يعود الأمن والاستقرار وتعود المؤسسات الحكومية إلى إنهاء نشاط الحركات المسلحة، «فهذه المجموعات مدعومة واستفادت من خلو الصومال من حكومة مركزية فترة طويلة، ووجدت فرصة لأن تكون نفسها وانتقال قيادات في (القاعدة) من خارج الصومال وعناصر أجنبية أخرى وتدريب الشباب الصومالي الذي لم يتمكن من معرفة الدين معرفة حقيقية».

وفيما إذا كان الصومال بيئة مثالية لـ«القاعدة» قال شريف: «الصومال تحول إلى بيئة مثالية لـ(القاعدة)، يجوز أن نقول ذلك لأنه، وإلى عدة سنوات خلت، لم تكن هناك حكومة تبسط الأمن في البلاد هذه الأفكار كانت موجودة، ولكن مخفية، واليوم علاقة هذه المجموعات بـ(القاعدة) أصبحت واضحة، والأعمال التي يقومون بها مشابهة للأعمال التي تقوم بها (القاعدة) في عدة دول كالعراق وأفغانستان».

وسألت «الشرق الأوسط» شيخ شريف: لو طلب منك التنازل عن السلطة لصالح المعارضة مقابل برنامج سياسي يوقف العنف، فكيف ستتعامل مع مثل هذا العرض؟ فقال: «السلطة لم تكن مهمة بالنسبة لي بقدر ما يهمني إنقاذ الشعب الصومالي، ولكن هناك مجموعة تقول إنك لا بد أن ترحل لتهدأ الأمور، هذا مرفوض»، لافتا إلى أن «من يرد أن يمارس السلطة لا بد أن نتوافق معه على وسائل تسمح للجميع بالمشاركة.. فأنا من حقي أن أترشح ومن حقي أن أحكم، وهم كصوماليين أيضا يحق لهم ذلك، فأنا لا أبعد أحدا عن السلطة، ولا أقبل أن يبعدني أحد عنها.. وعندما نتفاوض نجد الحل، ولكن في البداية لنقل: يا جماعة أوقفوا الحرب وتعالوا بطلباتكم لنتفاوض».

وأعرب الرئيس الصومالي عن تفاؤله أن يكون المؤتمر الذي حضره في دبي ذا «تأثير متميز في الصومال ويحرك علماء الصومال ليستجيبوا لهذه المبادرة، ويؤدي إلى توقف هذه المجموعات التي اعتادت إراقة الدماء»، مشيرا إلى أن «الشيخ بن بيه كان له نداء قوي لوقف شلال الدم فهو لم يتوقف يوما واحدا وهذه مبادرة جيدة منه.. وأرجو أن ينضم إليها جميع علماء المسلمين.. فالأفكار المختلة لا يكفى تغييرها بالقوة، فهي تحتاج إلى تغيير الفكر وتعاون علماء المسلمين».

وتأسس المركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن في عام 2007، برئاسة العلامة الصومالي عبد الله بن بيه، ويهدف إلى الإسهام في علاج الأزمات التي تواجه العالم الإسلامي، من خلال تبيان الأحكام الشرعية في بعض المفاهيم والممارسات الموجودة لدى بعض أطراف هذه الأزمات، أو القيام بوساطات في إطارها.

وشارك في المؤتمر الذي ترأسه الشيخ بن بيه، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد، والدكتور عبد الله عمر نصيف نائب رئيس مجلس الشورى السعودي السابق، كل من الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد، والرئيس السوداني الأسبق المشير عبد الرحمن سوار الذهب، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة أحمد ولد عبد الله، ونائب رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي السفير عبد الله عالم.