سكان مقديشو يغادرون منازلهم خشية تجدد المعارك

بعد إعلان الحكومة عزمها التحرك ضد مقاتلي «الشباب»

TT

يواصل سكان مقديشو الفرار من ديارهم بسبب المعارك الدموية التي تدور بين قوات الحكومة الصومالية التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام من جهة، ومقاتلي حركة الشباب المجاهدين المعارضة من جهة أخرى. ويستغل النازحون الهدوء النسبي الذي تشهده مقديشو للتحرك بعيدا عن مخاطر العنف.

وعلى الرغم من أن معظم المناطق التي دار فيها القتال في مقديشو خلال الأيام الأخيرة كانت شبه مهجورة وخالية من السكان بسبب الحرب الدائرة فيها خلال الأشهر الماضية، فإن من تبقوا في هذه المناطق بدأوا مجددا بالفرار من ديارهم، ومما زاد مخاوف السكان دعوة الحكومة للابتعاد عن مناطق القتال ومغادرة منازلهم.

ويتوجه معظم النازحين من مقديشو إلى مخيمات النازحين الواقعة في الطريق بين العاصمة ومدينة أفجوي (30 كم غرب مقديشو)، التي تؤوي حاليا أكثر من نصف مليون نازح كانوا يشكلون نحو ثلث سكان مقديشو، فيما يتوجه بعض النازحين إلى القرى الريفية القريبة من العاصمة أو إلى الأقاليم النائية.

وكان محافظ إقليم العاصمة عبد الرزاق محمد نور قد دعا سكان الأحياء التي دار فيها القتال خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى مغادرة المناطق المحيطة بأماكن القتال، أحياء عبد العزيز وكاران وشبس، لأن الحكومة تعتزم شن هجوم جديد.

وأفاد عبد القادر حسن (41 عاما) أنه بقي في حي عبد العزيز طوال العام الماضي لأنه لم يكن لدية الإمكانية للهرب. وقال: «دمرت 4 منازل حول منزلي فاضطررت إلى الخروج هائما على وجهي أنا وزوجتي وأطفالنا الأربعة. لم نستطع أن نأخذ شيئا من المنزل، فالقصف كان مكثفا ونجونا بأعجوبة، رأيت في الطريق قتلى وجرحى، لكن لم يكن بوسعي أن أفعل شيئا غير الهرب بأسرتي من النيران وفي المساء أبلغت أن قذيفتين أصابتا منزلي». وفي طريقه إلى منطقة عيلاشا (20كم إلى الغرب من مقديشو) يعول حسن على بعض أقربائه الذي نزحوا إلى هناك قبل أشهر والبحث عن طريقة لمواصلة العيش.

واحتار كثيرون من سكان مقديشو في الجهة التي يفرون إليها، فبعضهم هربوا من حي إلى آخر خلال الأشهر الماضية لكن الاشتباكات لاحقتهم في كل مرة. ويروي غابو شيخ (50 عاما) لـ«الشرق الأوسط» تجربته في النزوح، فيقول: «كنت أعمل بائعا للحوم الطازجة وتنقلت بين أحياء مختلفة لأجد الحرب تندلع مجددا في كل مكان انتقل إليه حتى عدت مجددا إلى مكاني الأول (حي كاران بشمال مقديشو)، وبعد شهرين فقط أُضطرّ مرة أخرى إلى الهرب». ويضيف: «بيع اللحم يوفر لي دخلا لا بأس به لأنه جزء أساسي من حياة الصوماليين. ولديّ أسرة مكونة من 11 شخصا وليس لي عمل آخر». ويبدو شيخ قلقا على بعض أطفاله الذين تخلفوا عن المدرسة وحتى عن كُتاب تحفيظ القرآن على مدي عام كامل بسبب عدم استقرار الأسرة في مكان محدد بسبب الحرب. ووفقا لإحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن آلاف المدنيين اضطُرّوا إلى الفرار من ديارهم خلال الأيام الأربعة الماضية خوفا من الوقوع بين نيران المتقاتلين، فيما ارتفع عدد النازحين من ديارهم بوسط وجنوب البلاد إلى أكثر من 100 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال خلال الشهرين الماضين. وتعبّر المنظمات الإنسانية عن قلقها البالغ إزاء الوضع الإنساني المتدهور في الصومال. ولا تزال أطراف الصراع في الصومال (الحكومة الصومالية والفصائل الإسلامية المعارضة) تستعد لخوض مزيد من المعارك، حيث تقول الحكومة إنها بصدد شن هجوم شامل لطرد المسلحين الإسلاميين من العاصمة، فيما تسعي حركة الشباب المجاهدين للاستيلاء على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة حاليا.