دراسة سعودية توصي بسجن المرأة «المجرمة» في منزلها.. كبديل عن سجون النساء

كشفت أن 24% من جرائم الإناث «أخلاقية».. وأن 80% منهن كن يجهلن العقوبات المترتبة

مدخل سجن الدمام («الشرق الأوسط»)
TT

تحت عنوان «جرائم النساء»، أوصت دراسة سعودية حديثة بـ«العمل على إيجاد بديل لسجون النساء يتمثل في سجن المرأة في منزلها، واستخدام التكنولوجيا لتحديد موقعها»، وهو ما جاء في دراسة قدمها مؤخرا مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ضمن أحدث إصدارات عام 2010، وقد تم عرضها في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي اختتم قبل أيام.

وأوصت الباحثة بسمة السناري عبر الدراسة التي تناولت «العوامل الاجتماعية المؤدية إلى ارتكاب المرأة للجريمة»، بالنظر في الإجراءات المستخدمة حاليا الخاصة بوجود الفتيات في خلوة غير شرعية (الأماكن العامة)، معللة ذلك بكون «إبلاغ ولي الأمر قد يؤدي إلى تدمير أسرة بكاملها كطلاق الأم مثلا، أو زيادة الضغوط الاجتماعية والنفسية على الفتاة، مما يجعلها تندفع نحو ارتكاب الجريمة ردا على الوصمة الاجتماعية من قبَل الأسرة».

وأوصت الدراسة كذلك بـ«تكثيف البحوث العلمية التي تتناول دور العوامل الاجتماعية في ارتكاب المرأة للجريمة، مع إجراء مقارنات بين جرائم السعوديات وغير السعوديات للتعرف على سمات التنشئة الاجتماعية التي توجه المرأة نحو الجريمة»، إلى جانب التوصية بـ«إنشاء الأندية النسائية في الأحياء الشعبية والمتوسطة وزيادة أعدادها، وتسهيل دخول الأسرة ذات الدخل المنخفض لها».

ومع غرابة عنوان الإصدار الذي حمل اسم «جرائم النساء»، فإن الباحثة أوضحت أن المقصود بها «تلك الجرائم المميزة التي تخص المرأة، أو هي ذلك النوع من الجرائم الذي يزداد ارتكابه من قبل النساء»، وأفادت بأنه «على الرغم من مشاركة المرأة في كثير من الجرائم كالرشوة، والتزوير، والعنف ضد الأطفال، والشذوذ الجنسي، والنصب والاحتيال، والسحر والشعوذة والاعتداء، فإن للنساء جرائم سائدة أو رئيسية»، من أبرزها: البغاء، والإجهاض، والنشل.

وتوصلت الدراسة التي ضمت 50 مبحوثة من مؤسسة رعاية الفتيات و20 من سجن بريمان بمدينة جدة، إلى أن غالبية مرتكبات الجرائم تتراوح أعمارهن بين 16 و30 عاما، حيث وجدت أن 76.6 في المائة من الجرائم الأخلاقية، و81.2 في المائة من جرائم العنف، و80 في المائة من جرائم السكر وتعاطي المخدرات يتم ارتكابها من هذه الفئة. بينما تنخفض نسبة ارتكاب هذه الجرائم لدى النساء اللاتي تبلغ أعمارهن الـ30 عاما فما فوق، فقد وجد أن 23.2 في المائة من الجرائم الأخلاقية، و18.7 في المائة من جرائم العنف، بالإضافة إلى 20 في المائة من جرائم السكر وتعاطي المخدرات ارتكبت من هذه الفئة.

وكشفت الدراسة عن أن نحو 72 في المائة من المقيمات في السجن تزوجن لمرة واحدة فقط، بينما اللاتي تزوجن لأكثر من مرة بلغت نسبتهن 27 في المائة، في حين أن 67 في المائة من المبحوثات كان لديهن أطفال، و32.5 في المائة فقط من مجتمع الدراسة لم يكن لديهن أطفال، وأن 97 في المائة من المبحوثات كان لديهن إخوة وأخوات و2.9 في المائة منهن ليس لديهن إخوة وأخوات، وتوصلت الدراسة كذلك إلى أن غالبية أولياء أمور الفتيات المرتكبات للجريمة هم الآباء، ويليهم الإخوة الذكور 27.1 في المائة، ثم الزوج 15.7 في المائة.

وفي ما يخص نتائج البيانات الجنائية، أظهرت الدراسة أن 61 في المائة من الفتيات يرتكبن الجرائم الأخلاقية، وقد تم تقسيم هذا النوع من الجرائم على النحو التالي: 17 في المائة جرائم جنسية (دعارة - قوادة - حمل سفاح - زواج عرفي - زنا)، و24 في المائة جرائم أخلاقية (خلوة غير شرعية - إحياء حفل محرم)، و20 في المائة جرائم الهروب، والتي تفيد الدراسة بأنها ترتبط غالبا بحمل الفتاة بطريقة غير شرعية أو أن يتم القبض عليها في خلوة مخلة بالآداب. أما بالنسبة للجرائم الأخرى، فقد كشفت الدراسة عن أن 22.9 في المائة من الفتيات يرتكبن جرائم العنف (القتل - الخطف - حرق وجه الزوج)، في حين بلغت نسبة مرتكبات جرائم السكر وتعاطي المخدرات 7.1 في المائة، تليها جرائم الأموال بنسبة 5 في المائة، وأخيرا، جرائم أمن الدولة والتستر على جريمة بنسبة 1.4 في المائة لكل فئة.

وبدا من اللافت ما كشفته هذه الدراسة من أن 80 في المائة من المبحوثات لم يكن لديهن علم بالعقوبة المترتبة على ارتكابهن السلوك الإجرامي، و20 في المائة فقط من الفتيات كن على علم بالعقوبة، وهو ما وصفته الباحثة بـ«النسبة الضئيلة جدا»، وتوصلت الدراسة كذلك إلى وجود بعض الفتيات العائدات لارتكاب الجريمة البالغة نسبتهن 47.1 في المائة، وعلى الرغم من ارتفاع هذه النسبة، فإنها كانت أقل من نسبة مرتكبات الجريمة لأول مرة التي بلغت 52.9 في المائة، وهو ما علقت عليه الباحثة بالقول: «نسبة عودة الفتيات لارتكاب الجريمة تدل على فشل السجون في عملية الإصلاح والتأهيل».

وعن الظروف الأسرية لمرتكبات الجريمة، أظهرت الدراسة أن 67 في المائة من المبحوثات كن يتعرضن للضرب المبرح، و56 في المائة تعرضن للشتم والتحقير، بينما 54 في المائة من المبحوثات كان يتم منعهن من الحصول على متطلبات الحياة كالطعام والشراب، وأفادت كذلك بأن 53 في المائة من المبحوثات تم حبسهن في المنزل ومنعن من الخروج، و40 في المائة منهن لم يتلقين أي اهتمام من أفراد الأسرة، بينما 15 في المائة منعن من زيارة الأم المطلقة.

كما أن الأوضاع الاقتصادية السيئة انعكست على واقع مرتكبات الجرائم، حيث أفصحت الدراسة عن أن نصف المبحوثات، أي 50 في المائة منهن، كن يخرجن مع الشباب لأسباب متعددة، من أهمها: حب التفاخر أمام الآخرين بركوب سيارة غالية الثمن بنسبة 31 في المائة، وتسديد الشاب للفواتير بنسبة 29 في المائة، وحب الفتاة للشاب لإشباع الجانب العاطفي بنسبة 27 في المائة، وأخيرا، لممارسة الجنس مقابل المال بنسبة 1 في المائة.

ورأت الدراسة أن هناك سمات معينة للأحياء السكنية التي تقطنها مرتكبات الجرائم، وهو ما أظهر التالي: 51 في المائة من المبحوثات يقطن في أحياء يكثر فيها المنحرفون والمنحرفات، و41 في المائة من المبحوثات يقطن في أحياء يحترم سكانها المنحرفين ويهابونهم، و35 في المائة من المبحوثات تميزت الأحياء التي يقمن فيها بانخفاض المستوى التعليمي لسكانها، و29 في المائة من المبحوثات يقمن في أحياء لا يسأل فيها الجار عن جاره، و13 في المائة فقط من المبحوثات كانت أحياؤهن راقية.

وإلى جانب اهتمام هذه الدراسة بالعوامل الاجتماعية التي أدت إلى ارتكاب المرأة للجريمة، فقد حاولت بشكل جانبي التعرف على مدى تأثير تجربة السجن على شخصية المبحوثة، مما كشف عن أن 51.4 في المائة من المبحوثات تعرفن على سلوكيات منحرفة جديدة داخل السجن، بينما 32.9 في المائة من المبحوثات رأين أن السجن تمكن من تعديل سلوكهن المنحرف، و12.9 في المائة لم تتحقق لهن أي فائدة من وجودهن في السجن، في حين أن 2.9 في المائة من المبحوثات اعتبرن أن تجربة السجن كانت مسلية.

وفي ما يخص نظرة المجتمع نحوهن ومدى تأثير ذلك على إمكانية التمتع بحياة كريمة بعد خروجهن من السجن، فقد أظهرت الدراسة تعادل نسبة الفتيات المتفائلات والفتيات المتشائمات بواقع 45.7 في المائة لكل فئة، بينما 8.6 في المائة فقط ليس لديهن أي توقع حول مستقبلهن، وحول ذلك قالت الباحثة: «السجينات غالبا ما يشعرن بالإحباط والتوتر والانزعاج، لكثرة التفكير في ما ينتظرهن بعد الخروج من السجن».