البيت الأبيض لـ «الشرق الأوسط»: تركيزنا الآن على المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل

مسؤولون أميركيون اعترفوا بأن مشروعا يستهدف الحل النهائي سيكون محفوفا بالمخاطر

TT

قلل البيت الأبيض أمس من شأن تقارير صحافية حول خطة أميركية للتوصل إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في وقت تتعثر فيه الجهود لاستئناف المفاوضات.

بينما كانت قضية «خطة أميركية» قد أثيرت مرات عدة في السابق، أكد مسؤولون أميركيون لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة الأميركية تركز حاليا على تقريب وجهات النظر بين الطرفين بهدف إنجاح المفاوضات بينهما للتوصل إلى اتفاق سلام يولد سلاما شاملا في المنطقة.

وردا على استفسارات «الشرق الأوسط» حول إمكانية وجود خطة أميركية لإبرام اتفاق سلام، قال مسؤول من البيت الأبيض: «هذا ليس تركيزنا الآن، لقد استثمرنا كثيرا من الجهود لإعادة إطلاق المفاوضات كي يتمكن الطرفان، بمساعدة أميركية، من بدء العمل الصعب لحل قضايا الحل النهائي». وأضاف: «الآن علينا أن نعطي هذه المفاوضات كل فرصة للنجاح»، موضحا أن التركيز هو على «إعادة إطلاق المفاوضات، ولهذا نحن نطالب الطرفين باتخاذ خطوات تسمح بنجاح الجهود»؟

ويرفض مسؤولون أميركيون الخوض في تفاصيل أي خطة أميركية محتملة للسلام في الوقت الحالي، معتبرة أن الأوضاع الحالية تستدعي تركيز الجهود على المفاوضات غير المباشرة لبناء الثقة.

واعتبر المسؤول الأميركي أن الاهتمام الأول للإدارة الآن هو «التواصل مع الأطراف المعنية لضمان امتناعها عن التصرفات التي قد تضعف الثقة أو أن تستبق تلك المفاوضات».

من جهة أخرى، قالت مسؤولة من وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن من السابق لأوانه الحديث عن زيارة ميتشل إلى المنطقة، إذ ما زالت هناك قضايا عالقة.

يذكر أن ميتشل يرافق وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون إلى موسكو لحضور اجتماعات الرباعية الدولية حاليا، ومن المرتقب أن تكون نتائج الاجتماع بالإضافة إلى رد نتنياهو على الإدارة الأميركية مهمة في تقرير موعد سفر ميتشل إلى المنطقة.

ويأتي التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل عشية توجه نتنياهو إلى واشنطن لحضور مؤتمر اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة «إيباك» التي تبدأ بعد غد. وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية أمس عن تأكيد احتمال لقاء نتنياهو بكلينتون، حيث تنتظر واشنطن ردا إيجابيا من نتنياهو أولا حول الطلبات الأميركية.

ويحضر نتنياهو مؤتمر «إيباك» بالإضافة إلى أكثر من 7 آلاف مشترك بما فيهم وزيرة الخارجية الأميركية وممثل الرباعية الدولية توني بلير وأكثر من نصف أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي ومسؤولين أميركيين وإسرائيليين. وتواصل «إيباك» تصديها لتوتر العلاقات الأميركية - الإسرائيلية من خلال الضغط على أعضاء في الكونغرس الأميركي. ونشرت أمس بيانا يرصد رسائل من عدد من أعضاء الكونغرس إلى أوباما لاحتواء الأزمة بين البلدين.

وكان مسؤولون في إدارة أوباما، قد قالوا أن التراشق الكلامي المتوتر بين الولايات المتحدة وحكومة إسرائيل أحيا مجددا النقاش داخل البيت الأبيض حول ما إذا كان هناك داع لأن يطرح الرئيس أوباما خطة أميركية، تشكل أساسا لمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وتوقيت طرح هذه الخطة. وأوضح المسؤولون أن هذه الخطوة ستكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة إلى الرئيس أوباما، وبخاصة أن التحالف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو في إسرائيل من الهشاشة بمكان، والفلسطينيون منقسمون على أنفسهم. وهذا جعل الرئيس أوباما يتغاضى عن طرح خطته مقرونة بالخرائط الحدودية.

يذكر أنه عقب إدانة واشنطن للإعلان عن قرار البناء الاستيطاني في القدس المحتلة، سارع نتنياهو إلى الاعتذار عن توقيت الإعلان، لكنه رفض الاستجابة للمطالب الأميركية بإلغاء خطط البناء. ويرى مسؤولو الإدارة أن سلسلة التوترات بين الدولتين تظهر للإدارة الأميركية أن الوضع القائم غير مجد، وأنه لن يسفر عن تحقيق تقدم. وإذا ما رغب الرئيس أوباما في عرض خطته، فلن يتمكن حتى يقوم مبعوثه الخاص السيناتور السابق جورج ميتشل بالدخول في مفاوضات تمهيدية، لشهور عدة.

إلى ذلك، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن واشنطن لا تزال تنتظر الرد الإسرائيلي على مطلبها باتخاذ خطوات لبناء الثقة لمحادثات الوساطة. ويشير المسؤول كما يبدو إلى مطالب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ففي محادثة شابها التوتر قالت لنتنياهو إنه لن يكفي إلغاء الإعلان عن مشروع الإسكان الجديد، وأصرت على ضرورة تجميد أي مشروعات بناء جديدة في القدس الشرقية، والموافقة على أن تتعامل المفاوضات غير المباشرة التي سيشرف عليها المبعوث الخاص جورج ميتشل مع القضايا الأساسية، مثل الحدود ووضع القدس والأمن واللاجئين. لكن إسرائيل، في المقابل، أصرت على أن تركز المحادثات على القضايا الإجرائية فقط.

ومنذ تجاهل نتنياهو التام دعوة الإدارة العام الماضي لتجميد الاستيطان، أعرب مسؤولو البيت الأبيض عن قلقهم الواضح من احتمال انتهاج إسرائيل للاستراتيجية ذاتها مرة أخرى. وقال أرون ديفيد ميلر، أستاذ السياسة العامة في مركز وودرو ويلسون الدولي، الذي أسهم بشكل كبير في مباحثات كامب ديفيد خلال إدارة كلينتون: «تحول الأمر إلى قضية مصداقية الشارع». وقال ميلر إن الإدارة التي كانت ولأشهر تدرس محاسن عرض خطتها ومخاطرها، تخشى من أن تتهم بفرض حلها الخاص.