مسؤول عسكري أميركي: المالكي وحلفاؤه لا ينوون تسليم السلطة سلميا

كتلة علاوي تدعو الأمم المتحدة والأميركيين إلى التدخل.. والبنتاغون لـ «الشرق الأوسط»: نراقب الوضع الأمني «عن كثب»

TT

توقعت أوساط سياسية عراقية ومسؤول عسكري أميركي «تعثُّر» عملية انتقال السلطة سلميا في العراق، من حكومة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي إلى الحكومة القادمة، في حال لم يفلح في التمديد له لولاية ثانية، وجاء ذلك بعد أن لوح المالكي، الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، بـ«العنف» إثر تقدم خصمه إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم القائمة الوطنية العراقي في الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 مارس (آذار) الماضي.

وقالت عالية نصيف جاسم مرشحة القائمة العراقية، إن «الرجوع إلى زمن الدكتاتورية وفرض حالة الترهيب والتهديد، من خلال الدعوة إلى ولاية ثانية يعيق تسليم السلطة، فهو لا يعبّر عن رغبة في تحقيق مصلحة العراق أولا، بل يعبّر عن مصلحة شخصية». وأضافت أن «الشعب العراقي تعب من الدكتاتورية ومن شخصنة الأمور، وعليه يجب الإيمان بتداول المناصب سلميا دون اللجوء إلى أسلوب التهديد والوعيد». وأضاف أن «المعطيات تؤكد أن تسليم السلطة لن يكون سلميا، سيما وطرق التخويف التي تُستخدم ضد المواطنين من خلال تنظيم المظاهرات التي تندد بعودة البعث إلى السلطة، أو التهديد بخروج المظاهرات اعتراضا على نتائج الانتخابات التي أكدت المرجعية الدينية نزاهتها وشفافيتها».

وطالبت القيادية في القائمة العراقية «المجتمع الدولي بالتدخل من أجل حماية العملية السياسية في البلاد، سيما أن العراق ما زال تحت البند السابع، فضلا عن التزام الأميركيين بحماية الديمقراطية»، مؤكدة: «يجب أن يكون حيال تسليم السلطة سلميا في البلاد التزام دولي».

وكان المالكي قد دعا مفوضية الانتخابات في العراق إلى إعادة فرز الأصوات في الانتخابات يدويا، وقال في بيان: «أدعو المفوضية إلى الاستجابة الفورية لمطالب هذه الكتل حفاظا على الاستقرار السياسي والحيلولة دون انزلاق الوضع الأمني في البلاد وعودة العنف»، وأضاف أنه يطلب ذلك «من أجل حماية التجربة الديمقراطية والحفاظ على مصداقية العملية الانتخابية (...) بصفتي المسؤول التنفيذي المباشر عن رسم وتنفيذ سياسة البلد وبصفتي القائد العام للقوات المسلحة». وجاء البيان إثر تقدم القائمة العراقية بـ11 ألف صوت على قائمة «دولة القانون» التي يتزعمها المالكي.

وتأمل الولايات المتحدة في تسليم سلمي للسلطات مع انسحاب 50 ألفا من قواتها من العراق هذا الصيف. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مسؤول عسكري أميركي لم يكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، أن المالكي وحلفاءه «يعتقدون بأنهم يخسرون، وهم لا نية لديهم لتسليم النظام»، وأضاف: «هؤلاء الناس كانوا في المنفى، وقد وصلوا إلى سدة الحكم في غضون ليلة وضحاها، لأننا أعدناهم إلى السلطة. والآن هم سيخسرون السلطة عبر الانتخابات. ويبدو أنه لن يكون هناك انتقال سلميا للسلطة».

وبحسب المسؤول الأميركي فإن الجيش الأميركي يراقب المراكز الانتخابية التي تم حفظ صناديق الاقتراع بداخلها خشية أن يأمر المالكي الجيش العراقي بإحكام سيطرته عليها وتفحص أوراق الاقتراع.

غير أن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية شون ترنر قال لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الدفاع لا تخشى لجوء المالكي إلى استخدام الجيش العراقي لفرض «انقلاب» على نتائج الانتخابات العراقية.

وقال ترنر: «في هذه اللحظة، لا يوجد لدينا قلق حول ذلك». وأضاف أن الحديث عن «انقلاب» هو «افتراضي» ومن غير الممكن التكهن حوله، موضحا: «الجيش الأميركي في العراق يتحرك بناء على الوضع الأمني في البلاد كما نراه في الوقت الراهن، وبناء على التنسيق والتواصل مع الحكومة العراقية، ولم نرَ شيئا يجعلنا نعتقد أن الوضع الأمني مهدد ولكننا نراقبه من كثب».

وحول التصريحات السياسية في بغداد من مخاطر اندلاع العنف بسبب نتائج الانتخابات المتوقع الإعلان عنها الجمعة، قال ترنر: «لم نرَ أي مؤشرات تدل على تهديد للوضع الأمني، نحن نسمع التعليقات السياسية ونرى البيئة السياسية المتوترة في العراق كما أن الخطابات السياسية حول الانتخابات قوية جدا ولكننا مسرورون بأنها محصورة في التصريحات والخطابات، ونتوقع أنها ستبقى في هذا الحيز».

وردا على استفسارات «الشرق الأوسط» حول التصريحات المتضاربة من إمكانية استخدام القوة لرفض نتائج الانتخابات المتوقع الإعلان عنها يوم الجمعة المقبل، أكد ترنر: «لا نرى أمرا يدعو إلى القلق»، مضيفا: «لم يطلب منا أي طرف التحرك على أثر التصريحات الواردة، بل التصريحات والخطابات أمر توقعناه ورأينا خلال انتخابات 2005، الفرق الآن أنه خلال عام 2005 كان هناك اندلاع للعنف لا يوجد الآن، وهذا أمر مهم». وتابع: «حتى الآن، الحكومة العراقية لم تطلب من القوات الأميركية المزيد من الدعم لمواجهة أي عنف محتمل».

ومن جهة أخرى، نفى ترنر أن تكون القوات الأميركية قد طوقت مقر المفوضية العليا للانتخابات أخيرا، موضحا أن «الحكومة العراقية، بالتنسيق مع المفوضية العليا، طلبت منا منذ فترة المساعدة في حماية عمل المفوضية وقد خصصنا وحدة صغيرة لذلك». وأضاف: «هذا ليس تطورا جديدا وليس مرتبطا بأحداث حالية، بل قد أعلن وزير الدفاع (الأميركي روبرت غيتس) منذ أشهر أننا سنقدم مساعدة أمنية للمفوضية العليا للانتخابات».

ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يعرقل فيها حزب الدعوة الإسلامية تسليم السلطة سليما في العراق، فقد سبق لإبراهيم الجعفري الأمين العام السابق للحزب ورئيس الوزراء الأسبق، أن أصر على التمديد له لولاية ثانية بعد انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2005. مما أدخل العراق في أزمة سياسية بعد إصرار التحالف الكردستاني على عدم التمديد للجعفري، وبعد أشهر من المفاوضات تم تسمية المالكي رئيسا للوزراء بدلا منه.

من جانبه، أشار محمد البياتي عضو الائتلاف الوطني العراقي بقيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الذي يتزعمه عمار الحكيم، إلى أن عملية تسليم وتسلم السلطة لها علاقة بنزاهة الانتخابات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «عندما تكون الانتخابات نزيهة وشفافة فإن تسليم السلطة سيكون دون أي مشكلات حتى من قبل الكتل الخاسرة بالانتخابات، وخلاف ذلك إذا كانت هناك شكوك وخروقات في أي مكان من البلاد حيال الانتخابات فإنها ستؤدي إلى إشكالات كثيرة».

وحول احتمالية دخول البلاد في فراغ سياسي قال البياتي: «من المؤكد حصول أمر كهذا، فهناك آليات يتم حل الإشكالات من خلالها، يجب اتباعها، فعندما تكون هناك انتخابات محكمة لا تتخللها طعون مختلفة فإن الأمر سيسير وفق ما هو مخطط له، أما أن تكون هناك أدلة وطعون تشير إلى عدم شفافية الانتخابات فعندها نفضل لو أن الانتخابات لم تجرِ في الأساس»، وشدد: «عندما تتوافق الكيانات، وتحل الإشكالات، سيكون هناك تسليم للسلطة، وإلا فلا معنى لهذه الانتخابات».

ووفقا للدستور العراقي فإن عملية تسليم السلطة تأتي من خلال دعوة رئيس الجمهورية الحالي البرلمان الجديد إلى الانعقاد خلال 15 يوما من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات والمصادقة عليها. ويقوم البرلمان المنتخب إثر ذلك بالمراحل الأخرى لتشكيل الحكومة التي تتضمن انتخاب رئيس الجمهورية وهذا الانتخاب يتطلب أغلبية الثلثين في البرلمان أي ما نسبته 216 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان (325). ثم يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة الأكبر عددا، لتشكيل الحكومة الجديدة خلال 15 يوما. وإذا تعثر رئيس الحكومة في إعلان تشكيلته الوزارية وعرضها على البرلمان لنيل الثقة خلال تلك المدة فسيصار إلى تكليف مرشح آخر من قبل رئيس الجمهورية.