استمرار ردود الفعل الغاضبة في اليونان تجاه قرار تفعيل آلية المساعدة الأوروبية

المعارضة ترى أن القرار يتيح للدائنين التدخل المباشر وأن البلاد في استطاعتها تخطي الأزمة معتمدة على نفسها

رجل يقف أمام لافتة احتجاجية من مدرسين عاطلين عن العمل أمام مقر البرلمان اليوناني (أ.ف.ب)
TT

على الرغم من أن قرار رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو بتفعيل آلية مساعدات الاتحاد الأوروبي - صندوق النقد الدولي لم يكن مفاجئا وكان متوقعا من قبل المراقبين، فإنه بعد الإعلان عنه تعالت أصوات الأحزاب المعارضة في البلاد تصف القرار بالخاطئ وبأنه يتيح للدائنين التدخل المباشر في الشؤون الداخلية اليونانية، وبأن البلاد كانت تستطيع من تخطي الأزمة معتمدة على نفسها.

وعلى الصعيد الشعبي، سارعت النقابات المختلفة المقربة للأحزاب اليسارية بتنظيم مظاهرات وسط أثينا مساء الجمعة تخللتها مواجهات مع الشرطة التي استخدمت من جانبها الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، كما أعلنت أكبر النقابات العمالية في البلاد الإضراب عن العمل يوم الثلاثاء المقبل احتجاجا على القرار المشار إليه وأيضا احتجاجا على الإجراءات التقشفية والتغييرات في نظام التأمينات الاجتماعية والنظام الضريبي.

في غضون ذلك، انقسم وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في مجموعة الدول العشرين الكبرى بشدة حول الاقتراح المثير للجدل بفرض ضريبة عالمية على البنوك تحسبا لعمليات الإنقاذ المالي في المستقبل، بينما رحب المشاركون بطلب اليونان الحصول على مساعدات طوارئ مالية، وتقدر هذه المساعدات بنحو 45 مليار يورو منها 30 مليارا من دول الاتحاد الأوروبي كل حسب حصته في البنك المركزي الأوروبي و15 مليارا من صندوق النقد الدولي.

من جانبه، صرح المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين أن البرنامج الاقتصادي الذي يجري التفاوض بشأنه بين المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي من جهة واليونان من جهة أخرى، سيكون جاهزا مطلع مايو (أيار) المقبل.

وقالت السلطات الأوروبية في بيان لها إن قرار دفع قروض لليونان سوف يعتمد على البرنامج الذي تعده حاليا المفوضية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مع السلطات اليونانية، بالإشارة إلى أن الوفود المعنية بذلك توجد في أثينا ولم تنته بعد من المحادثات والبحث والتدقيق في الحسابات اليونانية.

ويهدف هذا البرنامج إلى أن يحدد مع الحكومة اليونانية إجراءات إضافية تتخذها أثينا في 2011 و2012 لمواصلة خفض عجزها الهائل، ولم تحدد هذه الإجراءات حتى الآن، ووعدت الحكومة بأن تخفض في 2010 عجزها أربع نقاط عبر إجراءات تقشفية صارمة.

واعتبر وزير المالية اليوناني جورج باباكوستانتينو الموجود حاليا في واشنطن للمشاركة في اجتماعات قمة العشرين، أن صرف المساعدة سوف يتطلب بضعة أيام، واستبعد أن تواجه بلاده التي تحتاج إلى نحو تسعة مليارات يورو من الآن وحتى نهاية مايو مشكلات تمويل حتى ذلك الوقت، وسوف تجد اليونان هذه الأموال «دون شك» عبر آلية المساعدة وربما حتى من الأسواق.

وفور إعلان الوزير اليوناني، انعكس ذلك على معدلات فوائد سندات الدولة اليونانية لمدة عشرة أعوام التي تخطت كل الأرقام القياسية، لتتراجع إلى 7.985 في المائة، وتنص المساعدة على أن تقوم المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي الذي وجه إليه وزير المالية جورج باباكوستانتينو طلبا رسميا بتحريك إلية المساعدة، بعملية التقييم إذا ما تبين أن الطلب مبرر فعلا.

وما زالت بعثة مشتركة من المفوضية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي في أثينا للبحث في وسائل المساعدة على مدى ثلاثة أعوام والتي تشمل عام 2010 أن يصرف الاتحاد الأوروبي قرضا بقيمة 30 مليار يورو بمعدل فائدة نحو 5 في المائة، وصندوق النقد الدولي ما يقارب 15 مليارا بنسبة أقل من 3 في المائة، وسيكون على اليونان التي تصل قيمة ديونها إلى قرابة 300 مليار يورو أي 125 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي، أن تسدد 30 مليار يورو من الآن وحتى نهاية العام الجاري 2010.

من جهتها، فرضت ألمانيا ضغوطا بطريقة غير مباشرة على تنفيذ آلية المساعدة، وطلبت التأجيل إلى موعد لاحق بعد التاسع من مايو المقبل، وهو موعد تنظيم انتخابات إقليمية مهمة بالنسبة إلى المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، في حين أن الرأي العام الألماني مناهض جدا لمساعدة اليونان والتي سوف تكون برلين أحد أكبر المشاركين فيها.

وصرحت ميركل، بأنه على اليونان أن تضع خطة توفير ذات مصداقية قبل أن تقدم لها دول منطقة اليورو المساعدة المالية، وعليها أن تؤدي واجبها في ضمان عودة الأوضاع المالية فيها إلى الطريق الصحيح، مؤكدة على أن استقرار عملة اليورو الموحدة هو الأولوية الأولى ومن الضروري أن تكون خطط التوفير ذات مصداقية.

وفي تطور إيجابي، أعلنت هيئة العمل اليونانية عن تنفيذ برنامج إعادة تشغيل نحو 50 ألف عاطل خلال الأيام القليلة المقبلة، ضمن خطة الحكومة لتنفيذ البرنامج الرابع لتعزيز العمالة للعام الجاري، ويهدف البرنامج إلى تشغيل العاطلين في الفنادق بعقود موسمية في إطار الموسم السياحي هذا الصيف.