الانتخابات البريطانية: كليغ يبعث برسائل متناقضة للحزبين الرئيسيين حول ائتلاف محتمل

استطلاعات الرأي تظهر السباق بين الأحزاب الثلاثة.. والذعر بدأ يصيب «العمال» و«المحافظين»

زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين، نك كليغ، بعد إلقائه كلمة في المؤتمر السنوي للكلية الملكية للصيدلة، في مدينة بورنموت (جنوب إنجلترا) أمس (رويترز)
TT

بدأ الذعر يصيب الحزبين الرئيسيين في بريطانيا مع اقتراب يوم الانتخابات في 6 مايو (أيار)، ومحافظة حزب الليبراليين الديمقراطيين على تقدمه المفاجئ قبل أسبوعين، مما حول السباق الانتخابي إلى معركة بين 3 أحزاب عوضا عن حزبين. وأظهرت استطلاعات للرأي نشرتها الصحف البريطانية، أمس، نتائج متشابهة تقريبا، وضعت حزب المحافظين في الطليعة يليه حزب الليبراليين الديمقراطيين ثم حزب العمال في المرتبة الثالثة، أما الفارق بين الأحزاب فلا يتعدى النقطتين أو الثلاثة.

وفي آخر استطلاع للرأي أجراه معهد «كوم ريس» لصحيفة الـ«إندبندنت» و«آي تي في»، حصل حزب المحافظين بزعامة دايفيد كاميرون على 32 في المائة، بينما حصل حزب الليبراليين الديمقراطيين بزعامة نك كليغ على 31 في المائة، وحزب العمال بزعامة رئيس الوزراء غوردن براون على 28 في المائة. وإذا ترجمت هذه النتائج في الانتخابات، فإن حزب العمال على الرغم من حلوله ثالثا في التصويت الشعبي سيحصل على أكبر كتلة نيابية يبلغ عددها 268 نائبا، يليه حزب المحافظين بـ238 نائبا، ثم الليبراليين الديمقراطيين بـ112 نائبا. وتعني هذه النتائج أن هناك برلمانا معلقا لأن أي حزب لم يتمكن من الحصول على أغلبية مقاعد مجلس العموم الـ650، علما بأن حزب العمال سيكون قد قصر بـ58 نائبا.

وبدأ الحزبان الرئيسيان (العمال والمحافظين) حملة كثيفة قبل يومين لإقناع الناخبين بعدم الانجرار خلف «الهوس» بكليغ. وبعد أن كان حزب العمال يغازل الليبراليين الديمقراطيين على أمل إقناعهم بتأييده في ائتلاف حكومي، انضم إلى حزب المحافظين في شن حملة شرسة على كليغ. وفي حال صدق استطلاعات الرأي، وإفراز الانتخابات برلمانا معلقا، فإن كليغ سيكون له دور محوري في تقرير من سيحكم البلاد، بحسب الحزب الذي يقرر التحالف معه. وقد تمكن كليغ من رفع حظوظ حزبه، وفرض الحزب كمنافس قوي، بعد المناظرة التلفزيونية الأولى التي جمعته بكاميرون وبراون. ويحافظ منذ ذلك الحين، قبل أسبوعين، على تقدم ثابت. وفي الأيام القليلة التي تلت تحسن حظوظ حزب الليبراليين الديمقراطيين، بدا حزب العمال مسترخيا، ظنا منه أن تقدم هذا الحزب سيضع حدا لزحف حزب المحافظين. ولطالما ظن حزب العمال أن كليغ سيفضله على المحافظين، بسبب تشابه الكثير من سياستيهما.

إلا أن كليغ قلب التوقعات، أول من أمس، عندما أعلن في مقابلة مع الـ«بي بي سي» أن حزبه لن يتحالف مع حزب العمال إذا حل ثالثا في أصوات الناخبين على الصعيد الوطني، على اعتبار أن حزبا خسر الانتخابات بصورة كبيرة، لا يمكنه أن ينصب زعيمه رئيسا للوزراء. إلا أنه عاد وغير تصريحاته، أمس، وقال إن تحالفا مع حزب العمال لا يزال ممكنا حتى وإن حل ثالثا، ولكن بشرط تغيير زعيمه، أي براون. وقال كليغ أمس إنه قد يعمل مع «رجل قادم من القمر» لكي يوصل رسالته، ولكن ليس براون، إذا حل حزب العمال ثالثا. إلا أن هذا الشرط يضع حزب العمال في موقف صعب أيضا، لأنه سيكون عليهم أن يختاروا زعيما ثانيا غير منتخب ليرأس حكومة البلاد، في أقل من 3 سنوات.

وقال محللون إن كليغ تراجع عن تصريحات حول دعمه حزب المحافظين، خوفا من أن يدفع ذلك بالناخبين اليساريين الذين فضلوه على حزب العمال، إلى تغيير رأيهم في دعم حزبه. وكان حزب المحافظين قد اعتمد شعار «اقترع لكليغ تحصل على براون»، عندما كانت الترجيحات تميل إلى دعم الليبراليين الديمقراطيين لحزب العمال. إلا أن الحزب الحاكم اقتبس الشعار نفسه وقلبه إلى «اقترع لكليغ تحصل على كاميرون». وبحسب استطلاع «كوم ريس»، فإن واحدا من كل شخص صوتوا لحزب العمال في الانتخابات الماضية، سيصوتون لحزب الليبراليين الديمقراطيين في هذه الانتخابات، بينما واحد من كل عشرة ناخبين صوتوا لحزب المحافظين سيغيرون إلى الليبراليين الديمقراطيين.

بغض النظر عن الحزب الذي سيختار حزب الليبراليين الديمقراطيين أن يدعمه، فإن هناك شرطا واحدا ثابتا أكد كليغ بالأمس أنه لن يتخلى عنه، وهو تعديل قانون الانتخابات ليصبح أكثر تمثيلا. والقانون الحالي لا يسمح للأحزاب الصغيرة بأن تتمثل بشكل صحيح. ولطالما عارض حزبا العمال والمحافظين إدخال مثل هذه الإصلاحات لأنها قد تصعب عليهما تحقيق أغلبية في الانتخابات. إلا أن حزب العمال بدا منفتحا منذ عدة أسابيع على إدخال تعديلات على القانون الانتخابي، في محاولة مبكرة لكسب الليبراليين الديمقراطيين. ولكن كاميرون بقي يرفض إدخال تعديلات، حتى قبل يومين، عندما أصر على أنه ضد تغيير القانون، إلا أنه منفتح على الاقتراحات. المؤكد أن كليغ لن يدعم حزبا يرفض إدخال تعديلات على قانون الانتخابات.. تعديلات قد تغير صورة الانتخابات والحكومات البريطانية المقبلة.