استمرار التوتر في مناطق التماس بين جنوب السودان وشماله مع بدء ترسيم الحدود

اللجنة اعتمدت في عملها على مستندات ووثائق من بريطانيا ومصر ومكتبة الكونغرس الأميركي

مؤيدون للرئيس السوداني عمر البشير ينتظرون وصوله إلى مقر مجلس الوزراء في الخرطوم أمس (أ.ب)
TT

شرعت اللجنة الفنية لترسيم الحدود أمس في مرحلة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب عبر الاستكشاف الجوي والأرضي وذَلك من خلال وضع العلامات على الأرض وفق خطة تشارك فيها الجهات المعنية كافة. وقالت اللجنة في مؤتمر صحافي أمس بمقر المفوضيات، إنها فَرغت من مرحلة تصنيف المعلومات وإعداد الوصف ورسم الحدود على الورق بعد جمع المعلومات والوثائق من خلال عملية وصفتها بالمعقدة والطويلة استمرت قرابة الـ5 سنوات.

وقال رئيس اللجنة البروفسور عبد الله الصادق في مؤتمر صحافي أمس، إن اللجنة فرغت من مرحلتي جمع وتصنيف المعلومات وإعداد الوصف ورسم الخط الحدودي على الورق، ودخلت الآن في مرحلة ترسيم الخط الحدودي الفاصل على الأرض.

وذكر أن اللجنة بدأت بعمليات الاستكشاف النهائي بشقيه الجوي والأرضي لاستكمال معاينة مواقع العلاقات الرئيسية والثانوية، إلى جانب اختيار مواقع إقامة معسكرات فرق العمل الميداني، موضحا أن العملية ستنتهي قبل الاستفتاء.

وأكد الصادق اكتمال التحضيرات المتعلقة بمرحلة الاستكشاف إلى جانب إجرائها لاتصالات على أعلى المستويات لإنجاح عملية الترسيم عبر التنسيق والتعاون مع مجلس الدفاع المشترك والجيش الشعبي، إضافة لوزارتي الداخلية والدفاع وجهاز الأمن الوطني ومفوضية وقف إطلاق النار، منوها إلى أن العملية تتطلب التعاون الكامل بين تلك المؤسسات إلى جانب المواطنين، وشدد على عدم تضرر المصالح الزراعية والرعوية للمواطنين في الحدود ولا حتى في حركتهم. وأضاف الصادق أن اللجنة فرغت «تماما من المراحل الصعبة»، لكنه رفض ربط التأخير في عمليات الترسيم بأسباب سياسية، قاطعا بأنها تعود لأسباب فنية بحتة، مبينا أن عمليات جمع الوثائق والخرائط والمستندات وفرزها أخذت سنوات عدة، وذكر أن اللجنة اعتمدت في عملها على مستندات ووثائق من بريطانيا ومصر ومكتبة الكونغرس الأميركي، إلى جانب المستندات والوثائق التي نشرت في الصحيفة الرسمية عبر الفترة الزمنية من دخول الاستعمار وحتى الاستقلال، والأخرى التي نشرتها مصلحة المساحة ودار الوثائق المركزية بالخرطوم، مؤكدا أن جلها رسمية وجلبت من جهات رسمية. ونفى تماما أن تكون لأزمة دارفور انعكاسات سلبية على عمل اللجنة. وفي ذات المنحى، أكد نائب رئيس اللجنة ريك دقوك أهمية توفير الحماية والأمن للمناطق التي تم تحديدها.

ولا يزال الوضع متوترا في منطقة بحر العرب والحدود بين جنوب السودان وجنوب دارفور رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين ميليشيات العرب الرحل والجيش الشعبي وقضى بأن يسحب الجيش الشعبي قواته إلى جنوب بلبلة الواقعة في جنوب دارفور بعد الأحداث الدامية التي وقعت يوم الجمعة الماضي وخلفت أكثر من 58 قتيلا وجرح العشرات، في وقت دعت قيادة الجيش الشعبي قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية إلى الحوار ونبذ العنف. وقال العميد طلحة مادبو وهو من قيادات قبيلة الرزيقات إن هنالك وفدا يضم وكيل الناظر وزعماء القبيلة توجهوا إلى المنطقة لتهدئة الموقف، مؤكدا أن الرزيقات حريصون على عدم العودة للحرب والحفاظ على علاقات طيبة مع جيرانهم من قبائل الجنوب. لكن المتحدث باسم الجيش الشعبي وهو جيش جنوب السودان العقيد مالاك أيون أجوك قال إن قوات جيشه انسحبت طواعية إلى نحو 28 ميلا جنوب بلبلة حفاظا على الأرواح، مجددا الاتهام للجيش السوداني بأنه وراء الهجوم على قواتهم وليس قبيلة الرزيقات، مشيرا إلى أن القضية رفعت برمتها إلى مجلس الدفاع المشترك من جيشي الجنوب والشمال بموجب اتفاقية السلام الشامل عام 2005 للبت فيه بشكل نهائي. من جهة أخرى، قال رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي الفريق جيمس هوث إن الجيش الشعبي وجه رسائل شفهية إلى قبيلة الرزيقات لتلافي عمليات العنف والجلوس للحوار منعا لإراقة المزيد من الدماء، مشيرا إلى قيام القبيلة بعمليات تعبئة ضد قواته الموجودة في منطقة بلبلة.

وقال هوث إنهم بعثوا برسائل شفهية لأعيان قبيلة الرزيقات لإيقاف عمليات الهجوم على قوات الجيش الشعبي في مناطق بلبلة شمال راجا والجلوس للحوار والتفاوض حول أي شكوى ضد قواته وحلها وديا، ومذكرا بالعلاقات القديمة بين الطرفين طوال الأعوام الماضية حتى خلال فترة الحرب الأهلية في جنوب السودان التي استمرت أكثر من 22 عاما وانتهت باتفاقية السلام الشامل عام 2005.

وأوضح هوث أن لدى قواته معلومات عن وجود تعبئة وسط القبيلة لإعادة الهجوم على قوات الجيش الشعبي، وعزا ملابسات الهجوم الأخير والمبررات التي سبقت وجود الجيش الشعبي داخل حدود 1956، بسبب انطلاق ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب مؤخرا، وأضاف أن هناك تزامنا في الهجوم من الجهات التي قال إنها وراء الهجوم مع بدء عملية ترسيم الحدود، وتابع يجب ألا يكون الترسيم سببا في إحداث مشاكل بين الطرفين.

إلى ذلك، طالب رئيس مجلس شورى الرزيقات محمد عيسى عليو في بيان أمس إلى نشر القوات المسلحة في حدود 1956 فورا وسحب الجيش الشعبي إلى جنوب الحدود المشار إليها في اتفاقية السلام، داعيا إلى العمل الفوري لمعالجة الكارثة التي خلفتها الأحداث الأخيرة وتوفير الخدمات الأساسية وتشكيل لجنة تحقيق، مناشدا مؤسسة الرئاسة إلى اتخاذ التدابير لوقف الكارثة وما وصفه بـ «الإبادة» التي يتعرض لها أبناء قبيلة الرزيقات، مشيرا إلى أن اعتداء الجيش الشعبي الأخير عليهم لا يزال مستمرا واعتبر تحرك الحكومة ضعيفا.