غريشن: علينا الاهتمام بجعل الجنوب مستعدا لمستقبله كدولة مستقلة

المبعوث الأميركي للسودان يحذر من أن البديل هو العنف

TT

بعد يوم من تحقيق الرئيس السوداني عمر البشير الفوز في انتخابات شابها التزوير، دافع مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن عملية التصويت، وقال إنه ينبغي للولايات المتحدة أن تحول انتباهها إلى جعل جنوب السودان مستعدا لمستقبله المحتمل كدولة مستقلة.

وقال الميجور جنرال سكوت غريشن، المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، في مقابلة: «إذا لم نضاعف جهودنا، ولم نعمل بجد، فإننا نعرف ما هي النتيجة المتوقعة: ستكون العنف».

وأكد الجنرال غريشن بأن الانتخابات، التي فاز فيها الرئيس عمر حسن البشير بنحو 68% من الأصوات، شابتها المخالفات. بيد أنه قال إنها تمهد الساحة لتحول سياسي في السودان، من شأنه أن يمنح مزيدا من المواطنين حرية إدلاء الرأي حول مستقبلهم. وفي يناير (كانون الثاني) المقبل، يتعين على الجزء الجنوبي من السودان إجراء استفتاء حول الانفصال عن الشمال. وهذا احتمال خطير، نظرا لأن الجنوب يمتلك معظم احتياطي النفط في البلاد وأن السودان خاض بالفعل حربا أهلية بين الشمال والجنوب أسفرت عن مقتل مليوني شخص.

ويعتقد الجنرال غريشن أنه إذا صوت الجنوب لصالح الانفصال، فإن القضية ستصبح متعلقة بما إذا كان الشمال سيدع الجنوب فعلا من دون قتال. حتى إذا تم ذلك، كيف ستعيش الدولة الجديدة، من دون مؤسسات حكومية في الواقع، ووجود عدد قليل من الطرق الممهدة وفي ظل انتشار الفقر المدقع؟ لا يجب على الولايات المتحدة فقط عرقلة وقوع حرب، لكنها عليها أيضا، حسبما يقول الجنرال غريشن، توفير الموارد لمساعدة الجنوب على بناء حكومته واقتصاده بحلول يوليو (تموز) 2011، وهو الوقت الذي سيحدث فيه الاستقلال. ويقوم أقل من 175 فردا الآن بهذه المهمة، بالمقارنة بالآلاف الذين تجمعوا في تيمور الشرقية والبوسنة وغيرها من الدول المنشأة حديثا.

وقال الجنرال غريشن، وهو طيار متقاعد، «إننا في أميركا نتطلع إلى حدوث طفرة. ليس لدينا في الحقيقة تاريخ طويل من إنشاء الدول. بكل تأكيد، لا نريد دولة فاشلة أو دولة في حالة حرب».

وبالنظر إلى وجود الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، أقر غريشن بأن هناك قيودا شديدة على ما يمكنها القيام به بنفسها. وقال إن الإدارة تحاول حشد الدعم من الدول الأفريقية المجاورة للسودان، وكذا من أوروبا وحتى الصين.

ويقول ناقدو إدارة أوباما إنها لم تعترض بالقوة الكافية على البشير، الذي أدانته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، جاءت نتيجة لما أطلقت عليه المحكمة «دوره الأساسي» في المذابح في منطقة دارفور غرب البلاد.

ودافع الجنرال غريشن بصورة استباقية عن الانتخابات في السودان، مشيرا إلى أنها «حرة ونزيهة على قدر الإمكان». وحتى في الوقت الراهن، يشير إلى أن 16 مليون فرد سجلوا أسماءهم لكي يدلوا بأصواتهم، وخاض 16 ألف مرشح الانتخابات وتم السماح للناخبين للمرة الأولى بانتخاب أعضاء البرلمان.

وقال: «لقد ركزنا إلى حد ما على انتخاب البشير، وعرفنا إلى حد ما النتائج. لم ندعم نتيجة أو حزبا، لكننا دعمنا العملية». وقال محللون إن استراتيجية الإدارة، والتي تمزج بين تقديم الحوافز وممارسة الضغوط، سمحت لحكومة البشير بالاستهانة باتفاقيات دولية للسماح بالصحافة الحرة والحق في التجمع الحر.

ويخشى الكثيرون أن البشير سيشعر بالجرأة لإفساد الاستفتاء أو حتى بدء حرب. وقال بعض المحللين إنه يجب على الولايات المتحدة أن تكون واضحة بشأن ما لن تقبله. وقال أندرو ناتسيوس، المبعوث الأميركي إلى السودان في إدارة بوش، «نحتاج إلى وضع الحدود الخارجية بشأن ما هو مقبول من حيث العنف ضد المدنيين. وإذا هاجم الشمال الجنوب أو حاول الاستيلاء على حقول النفط، فيتعين علينا الرد، ولا ينبغي أن يكون هذا الرد بلاغيا».

وقد حثت جماعات الضغط وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أو سفيرة الأمم المتحدة سوزان رايس، إلى السيطرة على سياسة السودان. وفي يوم الاثنين الماضي، نشرت ست جماعات إعلانا في صحيفة «واشنطن بوست» يقول إن سياسة الإدارة «في طريق مسدود».

وقال جون نوريس، المدير التنفيذي لمشروع «كفاية» لمكافحة الإبادة الجماعية، «كلما قالت وزيرة الخارجية كلينتون: هذا هو الشيء الذي أريد أن أفعله في ساعتي، فستكون قادرة على طلب الردود».

وقال الجنرال غريشن إنه أطلع كلينتون والرئيس أوباما بشأن الانتخابات في السودان في اجتماعات معهما الأسبوع الماضي. ويتجه حاليا إلى أوروبا وأفريقيا لحشد الدعم من حلفاء السودان والدول المجاورة له. وقال: «لا أعتقد أننا نستطيع تجنب لعب دور قيادي».

بيد أن الجنرال غريشن رفض الاقتراح بأن «تتبنى» الولايات المتحدة المشكلة السودانية. وقال: «المشكلة كبيرة للغاية لدرجة أنها ليست مشكلة أميركية. إنها مشكلة عالمية».

*خدمة «نيويورك تايمز»