السعودية تجدد دعوتها لتعزيز التجارة الدولية عبر إيقاف الإجراءات الحمائية

زينل وزير التجارة يؤكد على تسببها في عواقب سيئة ويتوقع استقبال بلاده 23% من حجم الصادرات الأميركية للدول العربية

وزير التجارة والصناعة السعودي عبد الله أحمد زينل («الشرق الأوسط»)
TT

جددت السعودية دعواتها لتعزيز التجارة الدولية، وذلك بمطالبتها بعدم السماح بتطبيق إجراءات حمائية، التي قد تتسبب في عواقب سيئة على المدى الطويل.

وجاءت دعوات الرياض من خلال تأكيدات وزير التجارة والصناعة السعودي، عبد الله أحمد زينل، أن بلاده ورغم الأوقات الصعبة التي مر بها الاقتصاد العالمي لم تلجأ إلى طريقة تطبيق إجراءات يمكن أن تحد من حرية التجارة.

وأوضح أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت جذورها في قطاع السكن والقطاع المصرفي امتدت كذلك لتشمل قطاعات اقتصادية أخرى وانعكست نتائجها على الاقتصاد العالمي بشكل عام، مما أدى إلى التراجع الذي شهده العالم خلال العامين الماضيين في الطلب على السلع والخدمات.

وأكد أن ذلك أدى إلى استسلام الكثير من دول العالم للضغوط المحلية وتطبيق تدابير الحماية التجارية التي كانت الأساس في تراجع حرية التجارة وبالتالي تقلص حجم التجارة الدولية.

وتوقع زينل في كلمته بمنتدى فرص الأعمال السعودي - الأميركي الذي يعقد حاليا في مدينة شيكاغو الأميركية، أن تستقبل خلال العام الحالي 2010 نسبة تصل إلى 23 في المائة من إجمالي حجم الصادرات الأميركية إلى الدول العربية، التي تقدر بمبلغ إجمالي يصل إلى 75 مليار دولار.

وأشار وزير التجارة السعودي إلى أن المملكة تعد أكبر سوق للبضائع والخدمات الأميركية في المنطقة، كما أن التوقعات الاقتصادية تشير إلى إمكانية تضاعف حجم صادرات الولايات المتحدة الأميركية إليها بحلول عام 2015.

وأوضح أن ذلك الأمر يتفق مع الهدف الرئيسي لمبادرة الرئيس باراك أوباما الوطنية لزيادة حجم الصادرات الأميركية، مما سيؤدي إلى توفير ما لا يقل عن مليوني فرصة عمل داخل الولايات المتحدة الأميركية.

وأكد على ضرورة استفادة السعودية والولايات المتحدة من المزايا النسبية لكل منهما، التي أوضح أنها تتمثل في أن تصدر الرياض لواشنطن المكونات نصف المصنعة مثل المنتجات البتروكيماوية، والتي يمكن أن تخضع للقيمة المضافة، ويتم تحويلها من خلال استخدام التقنيات المتقدمة التي تتميز بها الولايات المتحدة الأميركية لتصبح منتجات وسلعا قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية.

وبين أن أمس شهد توقيع مذكرتي تفاهم بين وزارة التجارة والصناعة واثنتين من كبرى الشركات الأميركية تصب في ذلك الإطار، التي من شأنها أن تزيد من تعزيز وجود الشركات الأميركية في السعودية.

وأوضح أن القطاع الخاص السعودي أصبح هو المحرك الأساسي لدفع عجلة الاقتصاد في المملكة، وأن إسهام القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي زاد أكثر من الضعف خلال الثلاثين عاما الماضية، والأكثر أهمية الآن أن إسهام القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي سيتجاوز إسهام القطاع الحكومي والقطاع النفطي في حجم الاقتصاد الكلي في السعودية خلال العامين المقبلين.

وأشار وزير التجارة السعودي إلى أن بلاده، وفي سعيها إلى تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط بشكل كبير، بدأت تتحول من كونها وبكل بساطة محطة لإنتاج الغاز في العالم لتصبح مختبرا متطورا للتميز والإبداع والمعرفة.

وقال: «إن السعودية تعتبر حاليا الوجهة الأساسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط التي يتوقع أن تنمو خلال العام الحالي بنسبة 20 في المائة».

وتابع: «النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده المملكة زاد الطلب وبشكل كبير على الكهرباء والماء، حيث من المتوقع أن يتضاعف إنتاج الكهرباء من حجم 30 غيغاوات الحالي ليصل إلى حجم 60 غيغاوات بحلول عام 2025م.

وأشار إلى أن السعودية بدأت في استثمار عدة مليارات من الدولارات في احتياطات البلاد من المعادن، مفيدا بأن للاستراتيجية الصناعية الوطنية التي تطبقها المملكة تهدف إلى قيادة البلاد نحو النمو الاقتصادي المستدام، وتسريع جهود التنويع الاقتصادي، حيث ستضاعف إسهام الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020، وهو الأمر الذي دفع القطاعات الأخرى في الاقتصاد السعودي إلى النمو».

وكشف أن تلك الاستراتيجية ستفتح فرصا واسعة لاستثمارات جديدة، مؤكدا إدراك المملكة التام للأهداف الطموحة التي وضعتها لتلك الاستراتيجية وامتلاكها العزم والقوة لبناء القدرات اللازمة لتحقيقها.

وأضاف: «علاوة على ذلك فإنها ستركز على التحرك نحو المنتجات الصديقة للبيئة وغير الضارة وعلى التقنيات وعمليات البحث والتطوير، التي تعد من صميمها حيث تخطط المملكة حاليا لزيادة إنفاقها في ذلك المجال من نسبة 0.05 في المائة من الناتج المحلي، لتصل إلى نسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020، الأمر الذي يصب كذلك في جهود وضع الأسس لبناء اقتصاد قائم على المعرفة».

وأكد زينل أن الثروة الحقيقية لأي أمة هي رأس المال البشري، ولذلك فإن المملكة تستثمر في ذلك الخصوص بمعدل لم يسبق له مثيل، حيث يحصل قطاع التعليم على الدوام تقريبا على ربع الميزانية الوطنية، وقفز عدد الجامعات بنهاية العام الماضي إلى 25 جامعة، وتضاعف عدد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في الخارج 7 مرات من بينهم 29 ألفا يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية بنهاية العام الحالي.

وتناول في ذلك المجال كذلك افتتاح العام الدراسي الأول لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مرحبة بالطلاب والباحثين من جميع أنحاء العالم تحقيقا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في أن تكون تلك الجامعة واحدة من مؤسسات العالم الكبرى للبحوث والعلوم، وأن تكون بيتا للحكمة ومصدرا للتنوير، ملمحا إلى عمليات التطور والتحول التي تشهدها الجامعات السعودية الأخرى.

وقال: «إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأميركي، باراك أوباما، بدآ كل على طريقته حملة لتحقيق المزيد من الانسجام والتفاهم في الساحة العالمية، حيث وضع خادم الحرمين أسس اللبنات التي فتحت باب الحوار بين أتباع الأديان من خلال المؤتمر الذي رعاه في العاصمة الإسبانية مدريد ثم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بينما تركت رسالة الرئيس أوباما لتجديد التعاون مع العالمين العربي الإسلامي بصمة إيجابية للغاية».

وأضاف: «إننا نرجو أن تسود الجهود المبذولة من قادة بلدينا في زرع ثقافة السلام في العالم، لأنه وبكل بساطة لا يمكننا تحمل إهدار فرصة استفادة بلدينا من المزيد من التفاعل»، موضحا أن كلا من الملك عبد الله والرئيس أوباما يتحدثان نفس اللغة ويتفهمان فوائد الحوار والإقناع.

وأكد وزير التجارة والصناعة أن علاقات التعاون والشراكة بين المملكة والولايات المتحدة علاقات استراتيجية وصلبة ومستمرة في التطور على مر السنين، معربا عن ثقته في أنها قادرة على التغلب على جميع التحديات لأنها مبنية على القيم المشتركة والاحترام المتبادل والالتزام بالعمل معا.