رئيس «نومورا» اليابانية: نسعى لنكون قناة بين الشرقين الأقصى والأوسط في الاستثمارات

واتانابي لـ «الشرق الأوسط»: السوق السعودية حاملة لواء أسواق الأسهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

كينيتشي واتانابي
TT

تسعى مجموعة «نومورا» المالية لتكون وسيلة عبور بين الشرق الأقصى والشرق الأوسط، في ما يتعلق بالاستثمارات، حيث كشف كينيتشي واتانابي رئيس مجموعة «نومورا» ورئيسها التنفيذي أن البنك يعتزم طرح منتجات مقايضة والصناديق المتداولة في البورصات، التي من شأنها أن تتيح للمستثمرين العالميين الدخول إلى السوق السعودية.

وأكد واتانابي الذي زار الرياض أخيرا لتدشين شركة «نومورا» السعودية، أن استحواذ بنكه على «ليمان براذرز» عزز حضورهم في كل من دبي وقطر كما أسهم في تعزيز ربحية البنك خلال الفترة الماضية. وتوقع أن يتغلب القطاع المصرفي السعودي على التحديات التي واجهته أخيرا وأن يسجل نموا قويا، خصوصا إذا تم التوصل إلى تسوية لقضية السعد والقصيبي بما يصب في مصلحة البنوك الوطنية، إضافة إلى حديثه عن تطورات «نومورا» الأخيرة من خلال الحوار التالي:

* ما دوافع بنك «نومورا» للدخول في السوق السعودية؟

- يسعدنا أن نكون أول مؤسسة مالية آسيوية تقدم خدمات الاستثمار المصرفي في السعودية، وهو ما سيتيح لنا تزويد المستثمرين في المملكة ببوابة إلى الأسواق العالمية وتمكينهم من الوصول إلى المؤسسات الكبرى في آسيا وغيرها من المراكز المالية الأخرى حول العالم. ويكتسب وجودنا في السوق السعودية أهمية بالغة، نظرا إلى كونها الاقتصاد الأكبر في المنطقة، حيث تستأثر بما يزيد على 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي، كما توفر السعودية أيضا بيئة استثمارية مشجعة جدا، إذ إنها إحدى أكثر الدول مرونة من حيث إجراءات تأسيس الأعمال فيها، فضلا عن الانفتاح المتزايد لاقتصادها.

ويأتي إطلاق مكتبنا بالتزامن مع مبادرة سلطات السوق المالية المحلية بزيادة مشاركة الأجانب في السوق، بعد أن أسست المملكة العربية السعودية هيئة مستقلة لرقابة الأوراق المالية باسم «هيئة السوق المالية» في عام 2005م أوكلت إليها مهمة تقييم هذه المسائل. وفي عام 2008 بدأت الهيئة السماح للأجانب بالتداول في الأسواق عبر اتفاقيات مقايضة كاملة العائدات.

* كيف كان أداء «نومورا» منذ استحواذه على «ليمان براذرز»؟

- لقد كان أداء المجموعة متميزا حقا، إذ أفادت تقاريرها لشهر فبراير (شباط) عن تسجيل ربحية للربع الثالث على التوالي، محققة إيرادات وأرباحا صافية متزايدة في عملياتها الخاصة بالأفراد والشركات على حد سواء. ومن اللافت أن وحدة الاستثمارات المصرفية عادت إلى الربحية لأول مرة منذ 6 أشهر مستفيدة من زيادة عمليات الاكتتاب العامة حول العالم. وتبرهن هذه النتائج على صحة استراتيجيتنا الخاصة بإعادة هيكلة الشركة وتحويلها من وسيط محلي إلى بنك استثماري عالمي. واليوم، يوجد لدى «نومورا» أكثر من 26 ألف موظف في أنحاء العالم كافة ينتمون إلى ما يزيد على 80 جنسية، ومنهم سعوديون.

* وكيف الحال على المستوى الإقليمي؟

- كان أداؤنا جيدا كذلك على مستوى منطقة الخليج، الأمر الذي يفسر توسعنا نحو السوق السعودية. فقد كانت «نومورا» حاضرة في البحرين ما يزيد على 30 عاما، فضلا عن أن الاستحواذ على «ليمان براذرز» عزز حضورنا في كل من دبي وقطر. وبوجود فريق إقليمي قوي لدينا يضم أكثر من 80 خبيرا ومختصا، بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه فرق عملنا الأخرى الخاصة بالشرق الأوسط في لندن ونيويورك، فإننا نكتسب قدرة أكبر كل يوم على خدمة عملائنا في المنطقة.

* كيف يستطيع بنككم مساعدة الشركات السعودية على استثمار العلاقات التجارية مع الشرق الأقصى؟

- تعود العلاقات التجارية القوية بين الشرقين الأوسط والأقصى إلى ما قبل رحلات ابن بطوطة في القرن الرابع عشر وإنشاء طريق الحرير. ومنذ عام 2006، تواصل آسيا دورها شريكا تجاريا أكبر لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد شكّلت التعاملات مع آسيا أكثر من 50 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية الخليجية للعام الماضي، التي بلغت قيمتها 758 مليار دولار. وعلى وجه الخصوص، تعد السعودية أكبر شريك تجاري لليابان بين دول مجلس التعاون الخليجي، كما أصبحت المملكة ثالث أكبر مصدّر للسلع إلى اليابان بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين، وذلك بفضل صادراتها النفطية الضخمة المتجهة إلى الأسواق اليابانية. وتشترك آسيا مع الشرق والأوسط بقواسم مشتركة كثيرة في ظل النمو والتحرير المستمرين لهذه الأسواق، وبالتالي فإن حضور «نومورا» المتنامي في منطقة الخليج، والمستند إلى إرث ياباني وآسيوي راسخ، يشكل قناة طبيعية لدعم الشركات الإقليمية الساعية إلى دخول أسواق الشرق الأقصى، وتوسيع عملياتها فيها.

* ما مدى أهمية السوق السعودية بالنسبة إلى خطط «نومورا» الإقليمية؟

- تحظى السوق السعودية بأهمية كبرى في إطار سعينا لتطوير خططنا على مستوى المنطقة، فالمملكة تمثل أكبر وأهم سوق خليجية، ونتوقع أن يحقق ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي هذا العام نموا مهما. وتبدي المؤسسات حول العالم اهتماما متزايدا بالاقتصادات الخليجية، وبالسوق السعودية بصورة خاصة، وبالتالي فإننا نسعى لأن تكون أعمالنا بمثابة عمليات محلية قوية، وقناة يعبر المستثمرون من خلالها من وإلى الأسواق المالية العالمية، وبخاصة منطقة الشرق الأقصى التي تربطها بدول الخليج علاقات تجارية قوية وعريقة.

* هل ستعمل «نومورا» على إطلاق أي منتجات خاصة بالسوق السعودية؟

- نقوم في الوقت الراهن بوضع الخطط الخاصة بمنتجاتنا، ولن نستبق الأمور بالحديث عنها، ولكنني أتوقع أن نطلق منتجات مثل منتجات المقايضة والصناديق المتداولة في البورصات، التي من شأنها أن تتيح للمستثمرين العالميين الدخول إلى السوق السعودية.

* ما قطاعات السوق السعودية التي تبدي «نومورا» تفاؤلا خاصا نحوها؟

- نظرا إلى أن الاقتصاد السعودي هو الأكبر والأكثر تنوعا في المنطقة، فمن الطبيعي أن يكون «حامل لواء» أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلا عن كون سوق الأسهم السعودية الأكبر والأكثر تداولا من حيث الأرقام المطلقة والنسبية في منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما.

ولدينا إمكانيات متنامية في مجال الوساطة، حيث نواصل البحث عن الفرص الاستثمارية في المملكة ومنطقة الخليج ككل لصالح عملائنا الإقليميين والدوليين. ومن الواضح أن قطاع البتروكيماويات يشكل جزءا مهما من الاقتصاد السعودي وسيواصل لعب دور مهم مستقبلا. ومن جهة أخرى، نتوقع أن يتغلب القطاع المصرفي على التحديات التي واجهته أخيرا وأن يسجل نموا قويا، خصوصا إذا تم التوصل إلى تسوية لقضية «السعد والقصيبي» بما يصب في مصلحة البنوك الوطنية. وبالنظر إلى المستقبل، يجب أن تبقى سلامة القطاع المصرفي محط تركيز واهتمام بالغَين، فلحظة الأزمة قد مرت ويبدو أن الانكشاف على الشركات المحلية والإقليمية المتعثرة محدود جدا حتى الآن. ومع تعافي الاقتصاد عموما، سنرى قطاعَي الإنشاءات والصناعات يعودان إلى النمو السريع.

* ما توقعات «نومورا» بالنسبة إلى آفاق الاقتصاد السعودي؟

- تستعد السعودية، التي تعد أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، لمواصلة أدائها الاقتصادي القوي. وقد تمكنت المملكة من اجتياز العاصفة بسلام نتيجة الإجراءات الوقائية السريعة التي اتخذتها للمحافظة على الثقة بالقطاع المصرفي خلال أزمة الائتمان، التي أعقبتها بخطوات مالية حاسمة ومهمة في مواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي. وفي حين تبقى توقعات نموها في المدى المتوسط مرتبطة بشكل وثيق بإنتاج النفط، فإن المملكة تقوم حاليا بخطوات واسعة نحو التنويع الاقتصادي. وقد بدأت ثقة الشركات والمستهلكين تعود تدريجيا، كما تبدو عملية الإقراض المصرفي في طور الاستئناف، وإن يكن بوتيرة أبطأ وأكثر عقلانية.

ويبدو النمو الاقتصادي مرشحا للزيادة في غضون عام 2010 بعدما تعثر في عام 2009. وتؤكد البيانات الأخيرة حول مستويات الأداء العالية مثل عدد خطابات الائتمان الجديدة، وعدد المعاملات في نقاط البيع التي تعكس حجم مبيعات التجزئة، على أن النشاط بدأ بالزيادة. ونتوقع أن يزداد النمو في عام 2010 بنسبة 3.8 في المائة، تقوده الزيادة في إنتاج النفط، واستمرار مرونة السياسات النقدية والمالية، والتحسن المتواضع في الإقراض المصرفي للقطاع الخاص.

وبالنظر إلى الحسابات الخارجية، فإن ميزان الحسابات الجارية للسعودية مرشح للتحول بشكل أكبر نحو النطاق الإيجابي خلال عام 2010، بعد أن انكمش إلى مستوى يزيد بقليل على 20 مليار دولار في عام 2009، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2002. ونتوقع أن تسجل المملكة فائضا بأكثر من 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مع توقع المزيد من النمو في عام 2011. وتبقى الوظائف أحد التحديات الرئيسة للاقتصاد السعودي، إذ تدل المؤشرات السكانية على وجود «تضخم» كبير في شريحة الشباب، لأن ما يزيد على 50 في المائة من السكان هم دون سن العشرين. وفي حين أن معدلات التعليم مرتفعة، فإن الحاجة إلى التعليم المهني لا تزال كبيرة. وتبقى الوظائف في القطاع الحكومي المصدر الأكبر لفرص العمل، حيث إن حصة القطاع الخاص الحالية من الوظائف لا تتجاوز 15 في المائة. ومن شأن إيجاد الحلول لهذه التحديات أن يبقى أولوية حكومية في السنوات القادمة.

* هل ترى أن المنطقة اجتازت أسوأ ما في الأزمة المالية العالمية؟

- على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعتقد أنه يمكننا أن نقول ذلك، الأمر الذي يعكسه بوضوح نمو اقتصادات المنطقة وتعافي أسواقها المالية. ومن المؤشرات الأخرى تضاؤل هامش عقود مقايضة العجز الائتماني، فيما نشهد عودة تدريجية لثقة المستثمرين. وفي هذه الظروف، تتبوأ «نومورا» موقعا متميزا يؤهلها لاستقطاب المزيد من العملاء مع عودتهم مجددا إلى الأسواق، ونحن نتطلع قدما إلى تنمية أعمالنا والاستفادة من انتعاش الاقتصاد الإقليمي.

* ما المنتجات والخدمات التي ستقدمها «نومورا»؟

- لقد حصلت «نومورا» على ترخيص «هيئة السوق المالية السعودية» لتوفير مجموعة من الخدمات المصرفية، بما فيها تمويل الشركات وأسواق رأس المال وإدارة الثروات. وسنقدم منتجاتنا وخدماتنا في السعودية، كما سنتعامل بصفتنا وكيلا للمستثمرين من الخارج ممن يسعون لدخول السوق المحلية. وقد بدأنا عمليات التسويق للعملاء المحليين والدوليين والمرتقبين، ونحن سعداء جدا بمستوى الإقبال على عروضنا.

* من سيقود شركتكم في السعودية؟

سيتولى تاكويا فورويا إدارة مكتبنا في السعودية بصفته رئيسا لمجلس إدارة «نومورا» السعودية. ويعمل فورويا لدى «نومورا» منذ عام 1987 ويتمتع بخبرة تزيد على 20 عاما في مجال الاستثمار المصرفي، اكتسبها من العمل في اليابان، وسنغافورا، وإندونيسيا، والمملكة المتحدة، والشرق الأوسط، وسيتألف فريقنا من 15 مختصا يعملون انطلاقا من مكتبنا في الرياض بنهاية العام الحالي، كما تم تعيين الأمير محمد بن نواف آل سعود رئيسا لمبيعات الأسواق العالمية، وسيتولى طارق فضل الله، الذي يتمتع بخبرة تزيد على 20 عاما في أسواق رأس المال العالمية، رئاسة الخدمات المصرفية.