ردود فعل غاضبة في لبنان على جريمة قرية كترمايا

تدابير بحق الفاعلين وتوقيف 3 ضباط «مقصرين» * مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»: لن يُسمح لأحد أن ينصب نفسه قاضيا

TT

جريمة قتل 4 أشخاص من عائلة واحدة في بلدة كترمايا في جبل لبنان بطريقة وحشية، التي ارتكبها المصري محمد مسلّم، وردّ أهالي البلدة عليها بجريمة أخرى تمثلت في قتل القاتل والتمثيل بجثته، تفاعلت سياسيا وقضائيا وأمنيا وقوبلت بمواقف وردود فعل طالبت بمعاقبة قاتليه، واتخاذ التدابير اللازمة بما خص التقصير الأمني الذي سمح لرد الفعل أن يقود إلى هذه النتيجة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قضائية «أن النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا طلب من النيابة العامة في جبل لبنان والنيابة العامة العسكرية والشرطة القضائية التحرك فورا وإجراء التحقيقات اللازمة وتحديد هويات من أقدم على قتل المصري مسلّم ومن اشتركوا في التمثيل بجثته وتعليقها على عمود كهربائي وتوقيفهم بشكل سريع وإحالتهم إلى القضاء المختص». وكشفت معلومات موثوقة لـ«الشرق الأوسط» عن أن «القضاء تسلّم أسماء 10 أشخاص تبين أن لهم دورا في ما حصل ومعظمهم ظهرت صورهم على شاشات التلفزيون التي التقطت صورا لعملية قتل قاتل العجوز يوسف أبو مرعي وزوجته كوثر وحفيدتيهما الطفلتين زينة وآمنة». وأكدت أن «التحقيق مستمر لتحديد باقي الفاعلين، لأن ما حصل غير مقبول ولن يسمح لأحد مهما كان جرحه وألمه ومهما تعاظمت مصيبته أن ينصب نفسه قاضيا ويقتصّ من مجرم أو مرتكب، وكأننا نعيش في شريعة الغاب، وكأن لا وجود لدولة ولا لقانون ولا لقضاء ولا لمؤسسات تحاسب».

في المقابل اتخذ أمس المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي تدابير مسلكية بحق عدد من ضباط وعناصر قوى الأمن بسبب التقصير في سوء تقدير الوضع على الأرض عند اقتياد مرتكب جريمة كترمايا إلى مسرح الجريمة دون التنبه إلى رد الفعل الذي كان يفترض أن يحسب له حساب، وبسبب قلة عدد عناصر الدورية الأمنية التي كانت تتولى سوقه، مما مكن الأهالي من انتزاعه من يد أفراد الدورية وقتله. وأبلغ مرجع أمني كبير «الشرق الأوسط» أن اللواء ريفي أوقف مسلكيا 3 ضباط وعددا من عناصر قوى الأمن إلى حين انتهاء التحقيقات داخل المؤسسة في هذا الموضوع.

وفي سياق هذه القضية أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة، في بلاغ أصدرته أمس «أن نتائج فحوصات الحمض النووي الـ(دي.إن.إيه) التي أجريت في المختبرات الجنائية التابعة لقسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية، أثبتت أن الدماء التي وجدت على القميص المضبوط في منزل المشتبه به في جريمة كترمايا (محمد مسلّم) مطابقة لدماء الضحية (الجدة)، وأن الدماء التي عثر عليها على نصل السكين المضبوط مطابقة لدم الضحية الطفلة زينة، وأثبتت هذه الفحوصات أيضا أن الآثار الموجودة على قبضة السكين تحوي مزيجا من العرق والدماء، يعود جزء منها للمشتبه به». أما في المواقف السياسية فقد أدان رئيس الجمهورية ميشال سليمان «قتل المتهم بجريمة كترمايا وأعطى توجيهاته إلى كل من وزيري الداخلية والبلديات زياد بارود والعدل إبراهيم نجار، بوجوب ملاحقة المرتكبين، وكذلك إنزال العقوبات الصارمة بحق المقصرين»، كما تبلّغ منهما الإجراءات التي اتخذت من قبلهم ومن قبل الأجهزة المعنية. واعتبر سليمان أنه «على الرغم من بشاعة الجريمة التي نفذها المتهم وفي وقت قبضت عليه القوى الأمنية في أقل من 24 ساعة، فإن التصرف الذي حصل يسيء إلى صورة لبنان خصوصا أن الدولة لم تقصّر في كشف الفاعل».

بدوره أعرب وزير العدل إبراهيم نجار عن غضبه واستهجانه «للهمجية» في جريمة كترمايا، معتبرا أنه «مهما كان شعور أهالي القرية لا شيء في العالم يمكن أن يجعل لرد الفعل الجماعي أساسا من الصحة وهذه الصور ستسوّد صورة لبنان في الخارج». وأشار إلى أنه بقي طيلة أول من أمس «على اتصال بكل المراجع القضائية المختصة كي لا يمر هذا الحادث مرور الكرام»، معتبرا أن «دولة المؤسسات لا يمكن أن تقبل بهذا الحادث، وأنه لا يقل خطورة عما سبقه من أعمال همجية». مؤكدا أن «النيابة العامة ستلاحق المرتكبين، وهناك أفلام مصورة تظهر المرتكبين وعرفنا أسماء 10 أشخاص». ولفت إلى وجود «إجماع على ضرورة الملاحقة، وأن الجرم واضح للعين المجردة ويجب على القضاء أن يقوم بواجباته».