كلينتون تحدد 4 طلبات من الدول العربية.. وتنتقد دمشق

قالت إن الرئيس السوري يتخذ قرارات قد تعني الحرب أو السلام في المنطقة.. ومفاوضات الفلسطينيين والإسرائيليين الأسبوع المقبل

وزيرة الخارجية الأميركية خلال حفل عشاء أقامته اللجنة اليهودية الأميركية في وشنطن أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تشرف عليها الولايات المتحدة ستبدأ الأسبوع المقبل. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح في واشنطن أمس: «سنبدأ المحادثات غير المباشرة الأسبوع المقبل»، مضيفة أن المبعوث الأميركي الخاص بالسلام في الشرق الأوسط سيعود إلى المنطقة. وعبرت كلينتون عن «تطلعنا لاجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة لدعم الرئيس (الفلسطيني محمود) عباس في المضي قدما في هذه المحادثات». وعبر الشيخ محمد عن تأييده لبدء المحادثات غير المباشرة، قائلا: «كلنا ندعم ذلك وندعم موقف الولايات المتحدة كليا».

وطالبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الدول العربية باتخاذ خطوات ملموسة «تظهر للإسرائيليين والفلسطينيين وشعوبهم أن السلام ممكن وسينتج بفوائد ملموسة إذا تحقق». وعددت كلينتون الطلبات الأربعة في خطاب أمام «اللجنة الأميركية اليهودية» مساء أول من أمس، قائلة: «أولا على جميع الدول وقف تزويد الأسلحة لمجموعات إرهابية مثل حزب الله وحماس، كل صاروخ يهرب إلى جنوب لبنان وغزة يعرقل قضية السلام». وأضافت أن على الدول العربية «مواصلة تزويد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالدعم الذي يحتاجه إلى التفاوض بحسن نية مع إسرئيل»، بالإضافة إلى «فعل المزيد لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية وخطتها التنموية على مدار سنتين»، وهي الخطة التي أعلن عنها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لبناء المؤسسات الوطنية لقيام دولة فلسطينية. أما المطلب الرابع، فهو «مع تقدم المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتزداد الثقة المتبادلة، على الدول العربية أن تمد يدها للشعب الإسرائيلي وتظهر أن عزلة إسرائيل بدأت تنتهي، وكل الدول يجب أن تدخل محادثات حول القضايا الإقليمية الأساسية»، مشيرة إلى مجالات عدة للتعاون مثل فتح مكاتب تجارية إسرائيلية في دول عربية والسماح للطائرات الإسرائيلية بالعبور فوق أراض عربية.

وبينما تنتظر واشنطن نتائج اجتماع لجنة المتابعة التابعة لجامعة الدول العربية اليوم، وإعادة إعلان تأييد عباس للتفاوض مع الإسرائيليين، تشدد واشنطن على أهمية الدور العربي في تهيئة الأجواء لاستئناف مفاوضات السلام. وشددت كلينتون على أن «الطريقة الوحيدة لتحقيق حل الدولتين من خلال مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، مستبعدة خيار طرح خطة أميركية. وأوضحت أن الإدارة الأميركية «تعمل على مدار الساعة» لدفع المحادثات غير المباشرة والبدء في المفاوضات المباشرة. وأضافت أن «مفاوضات بحسن نية» يمكنها أن تحقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بناء على حل الدولتين، وبناء على حدود 1967 مع «تبادل أراض»، مضيفة أن التفاوض بحسن نية يمكنه أن ينتج نتيجة مرضية للطرفين فيما يخص القدس.

وبينما كررت كلينتون دعوتها إلى العرب بدفع المبادرة العربية للسلام بـ«الأفعال وليس فقط الكلام»، فإنها أقرت بأنه لا يمكن للعرب أن يتحركوا في فراغ وسط الرفض الإسرائيلي لوقف الاستيطان. وقالت: «لا نتوقع من الدول العربية أن يمضوا قدما في فراغ، على إسرائيل أن تقوم بدورها من خلال احترام الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني وتقف النشاط الاستيطاني وتعالج الاحتياجات الإنسانية في غزة وتدعم جهود السلطة الفلسطينية لبناء المؤسسات، وعلى الفلسطينيين أن يواصلوا جهودهم في تحمل مسؤولية الأمن في الضفة الغربية وأن يحرصوا في عملهم لمنع العنف والإرهاب».

وكان خطاب كلينتون الثالث في نوعه خلال الأسابيع الأخيرة، ولكل واحد رسالة. وأمام «لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية» (إيباك)، تحدثت كلينتون عن ضرورة اتخاذ إسرائيل قرارات صعبة لتأمين مستقبلها، معتبرة عن تطورات على الأرض مثل الديمغرافية والآيديولوجية والتكنولوجية كلها تهدد إسرائيل، مما يعني أن عليها السعي وراء السلام. أما الخطاب الثاني في مركزي «دانيال أبراهامز للسلام في الشرق الأوسط»، وضعت كلينتون النزاع العربي - الإسرائيلي في إطار آيديولوجي حول النزاع بين المؤمنين بالسلام والتقدم والذين يريدون توليد المزيد من النزاع. أما خطابها أمام «اللجنة الأميركية اليهودية»، فخصصته لـ«التهديدات الإقليمية لإسرائيل»، مشددة على أن السلام هو المسار الأفضل لمواجهة تلك التهديدات.

ونددت كلينتون بـ«المخاطر الشديدة» من «نقل سورية أسلحة إلى حزب الله»، قائلة: «نحن ندين ذلك بأقوى العبارات الممكنة، وقد عبرنا عن مخاوفنا مباشرة للحكومة السورية». وعلى الرغم من أنها لم تشر مباشرة إلى الادعاء الإسرائيلي بأن سورية زودت حزب الله بصواريخ «سكود»، فإنها قالت: «إن نقل الأسلحة إلى هؤلاء الإرهابيين، وبخاصة الصواريخ البعيدة المدى سيشكل تهديدا خطيرا لأمن إسرائيل، وسيكون له تأثير لزعزعة استقرار المنطقة، كما أنه سيخرق قرار مجلس الأمن 1701». وبينما استخدمت كلينتون عبارات تشير إلى احتمل نقل تلك الأسلحة إلى حزب الله، من دون تأكيدها ذلك، إلا أنها قالت: «نحن لا نقبل مثل هذه التصرفات الاستفزازية والمزعزعة للاستقرار، ويجب أن لا يقبله المجتمع الدولي». وحذرت من أن «الرئيس (السوري بشار) الأسد يتخذ قرارات قد تعني الحرب أو السلام في المنطقة، ونحن نعرف ما يسمعه من إيران وحزب الله وحماس. ومن المهم أن يسمع مباشرة منا أيضا، كي تكون النتائج المحتملة من تصرفاته واضحة، لهذا نحن نعيد سفيرنا إلى سورية». وكررت كلينتون أن التواصل مع سورية «ليس جائزة ولا تنازلا، بل وسيلة تعطينا نفوذا وتفهما وقدرة أكبر على توصيل رسائل واضحة وقوية للقيادة السورية». وشملت كلينتون سورية ودعمها لحزب الله في حديثها عن التحديات الإقليمية لإسرائيل، مشيرة إلى «العشرات من الآلاف من الصواريخ في غزة وجنوب لبنان». وتحدثت أيضا عن التهديد الإيراني، قائلة: «إن إيران مع رئيسها المعادي للسامية وطموحاتها النووية المعادية تواصل تهديد إسرائيل، ولكن أيضا تهدد المنطقة وتدعم الإرهاب ضد الكثيرين». وأكدت كلينتون التزام الولايات المتحدة بـ«المسار الدبلوماسي»، والعمل على فرض عقوبات على إيران، ولكنها أضافت: «لن نتنازل عن التزامنا في منع إيران من تطوير سلاح نووي»، في إشارة إلى إبقاء الخيار العسكري ضمن جميع الخيارات لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

ووضعت كلينتون نقاط أساسية لأي سلام دائم، قائلة: «حق إسرائيل في العيش والدفاع عن نفسها غير قابل للتفاوض ولا يمكن لأي سلام دائم من دون قبول ذلك، وبشكل مماثل يجب أن يكون للفلسطينيين دولة لهم، ويجب أن تكون لديهم القدرة على السفر والعمل وحكم نفسهم، والتمتع بكرامة شعب ذي سيادة، لا يمكن المواربة حول ذلك أيضا».

وناشدت كلينتون مؤيدي إسرائيل بالالتزام بالسلام والعمل على تحقيقه، قائلة: «كل منا الملتزم بمستقبل إسرائيل عليه الإقرار بأن سلام إقليمي شامل يعزل الإرهابيين وينهي النزاع مع دول جوار إسرائيل، ويجلب علاقات طبيعية مع كل الدول العربية أفضل بكثير من أي درع صاروخية أو بطارية دفاعية».

وقالت كلينتون بأن التهديدات الإقليمية لإسرائيل «حقيقية، وتزداد، وتجب معالجتها، ونحن نعمل مع شركائنا الإسرائيليين لنفعل ذلك». وبالإضافة إلى تكرير الموقف التقليدي الأميركية لحماية إسرائيل، أكدت كلينتون أن «حماية أمن إسرائيل أكثر من موقف سياسي، أنه التزام شخصي».