أكثر من 31 ألف زائر، منذ مطلع الأسبوع وحتى الأمس، استمتعوا بجولات سياحية في العاصمة النمساوية فيينا تبدأ من شبكة المدينة للصرف الصحي لتنتهي بمتحف فوق سطح الأرض ثم مشاهدة عرض خاص لفيلم أكثر خصوصية.
هذه الجولات السياحية التي تحظى بشعبية واسعة من مقيمين وأجانب تنقل جموع السياح إلى مواقع مثيرة شهدت عام 1949 تصوير لقطات من مشاهد الفيلم السينمائي الشهير «الرجل الثالث»، تلك المشاهد الخالدة التي تم تصويرها، تحت سطح المدينة في شبكة الصرف الصحي حول المجاري والقنوات وسط ظلام حالك وأصوات صراخ ومحاولات تجسس وملاحقة ومطاردة نجح المخرج البريطاني كارول ريد في تضمينها لفيلمه الذي نال عنه بعد عامين من ذلك التاريخ جائزة الأوسكار للإخراج.
في لمحة تاريخية سريعة وبالعودة لأيام تصوير الفيلم كانت فيينا مدينة مدمرة تعاني من احتلال الحلفاء الذين قسموها إلى ثلاث مناطق، روسية وبريطانية وأميركية، تولى كل منهم شؤون منطقة بينما تركوا وسط المدينة في فوضى عارمة كمنطقة مشتركة تفشت فيها روح الخصومة والعداء بين أولئك الحلفاء.
اليوم حيث تنتظم هذه الجولات السياحية المميزة تنعم المدينة بالهدوء والجمال والسياحة مما يجعلها تنجح في تسويق حتى مجاريها وقنواتها الصحية مستفيدة من كل التقنية التي تمكن القائمين على هذا المشروع السياحي من حشد الزوار والتجوال بهم وسط تلك الممرات والقنوات القديمة التي لا تزال تعمل. بينما تتم الاستعانة بأحدث أنواع الكاميرات وأجهزة الإضاءة ومكبرات الصوت لبث وإشاعة أجواء تعيد الأذهان لأجواء تصوير فيلم «الرجل الثالث» بكل غموضه وإثارته. بعد 45 دقيقة تحت سطح الأرض يعود السياح إلى السطح لجولة في متحف خاص بفيلم «الرجل الثالث»، ذلك الفيلم الذي ظل معروضا عند ظهوره عام 1950 لأكثر من 11 أسبوعا دون انقطاع بالسينمات الأميركية. ليس ذلك فحسب بل يمكن لمن يرغب في المزيد أن يشاهد الفيلم كاملا ضمن عروض توفرها سينما بورغ طيلة فصل الصيف حيث تتواصل هذه الجولات السياحية يوميا من العاشرة صباحا وحتى التاسعة مساء مع التنبيه على أن الزوار يجب ألا يكونوا دون 12 عاما.